الرئيسية
السياسية
الاقتصادية
الدولية
الرياضية
الاجتماعية
الثقافية
الدينية
الصحية
بالفيديو
قائمة الصحف
25 يناير
الأخبار
الأسبوع أونلاين
الأهالي
الأهرام الاقتصادي
الأهرام العربي
الأهرام المسائي
الأهرام اليومي
الأيام المصرية
البداية الجديدة
الإسماعيلية برس
البديل
البوابة
التحرير
التغيير
التغيير الإلكترونية
الجريدة
الجمعة
الجمهورية
الدستور الأصلي
الزمان المصري
الشروق الجديد
الشروق الرياضي
الشعب
الصباح
الصعيد أون لاين
الطبيب
العالم اليوم
الفجر
القاهرة
الكورة والملاعب
المراقب
المساء
المستقبل
المسائية
المشهد
المصدر
المصري اليوم
المصريون
الموجز
النهار
الواقع
الوادي
الوطن
الوفد
اليوم السابع
أخبار الأدب
أخبار الحوادث
أخبار الرياضة
أخبار الزمالك
أخبار السيارات
أخبار النهاردة
أخبار اليوم
أخبار مصر
أكتوبر
أموال الغد
أهرام سبورت
أهل مصر
آخر ساعة
إيجي برس
بص وطل
بوابة الأهرام
بوابة الحرية والعدالة
بوابة الشباب
بوابة أخبار اليوم
جود نيوز
روزاليوسف الأسبوعية
روزاليوسف اليومية
رياضة نت
ستاد الأهلي
شباب مصر
شبكة رصد الإخبارية
شمس الحرية
شموس
شوطها
صباح الخير
صدى البلد
صوت الأمة
صوت البلد
عقيدتي
في الجول
فيتو
كلمتنا
كورابيا
محيط
مصراوي
مجموعة البورصة المصرية
مصر الآن
مصر الجديدة
منصورة نيوز
ميدان البحيرة
نقطة ضوء
نهضة مصر
وكالة الأخبار العربية
وكالة أنباء أونا
ياللاكورة
موضوع
كاتب
منطقة
Masress
بدء تصويت المصريين في الخارج ب30 دائرة ملغاة بأحكام القضاء لانتخابات النواب
انطلاق تصويت أبناء الجالية المصرية بالأردن في 30 دائرة لانتخابات النواب
تايلاند تشن غارات جوية ضد الجيش الكمبودي بعد اشتباكات حدودية دامية
تصاعد التوتر في الشرق الأوسط ومسار "خطة ترامب" بين إسرائيل وأميركا ( تحليل إخباري )
طقس اليوم الإثنين.. تحذيرات من حبات برد وبرق ورياح قوية
اليوم.. محاكمة 7 متهمين بقضية خلية مدينة نصر الثانية
نتنياهو يشكك في قدرة القوة الدولية على نزع سلاح "حماس"
انسحاب إيران من سوريا قبل سقوط الأسد..كواليس الساعات الأخيرة
يلا سبووورت ⛹️ بث مباراة عمان وجزر القمر في كأس العرب 2025 والقنوات الناقلة والتشكيل المتوقع
أسعار السمك اليوم الاثنين 8-12-2025 في محافظة الأقصر
انكماش اقتصاد اليابان في الفترة من يوليو إلى سبتمبر
2026 عام الانطلاقة الجديدة لحديقة الحيوان.. والعودة لاتفاقية سايتس
نهال عنبر تنعى صديقة عمرها: قلبي موجوع ومش مصدقة إنك مشيتي
شاب يقتل والدته بتهشيم رأسها لخلافات أسرية في مدينة الشيخ زايد
جامعة الفيوم تنظم ندوة توعوية عن جرائم تقنية المعلومات الأربعاء المقبل
أفضل الطرق الطبيعية لملء الفراغات في الحواجب الخفيفة
وزير الحرب الأمريكي يتجاهل سؤال الصحفيين حول ضرب فنزويلا
ملفات ساخنة وأحداث مُشتعلة فى تغطية خاصة لليوم السابع.. فيديو
نتنياهو: مفاوضات جنوب سوريا تتواصل مع الحفاظ على المصالح الإسرائيلية
الرئيس التشيكي: قد يضطر الناتو لإسقاط الطائرات والمسيرات الروسية
ماسك يشبّه الاتحاد الأوروبي بألمانيا النازية
"من يريد تصفية حسابات معي فليقبض عليّ أنا" ..لماذا تعتقل "مليشيا السيسى "شقيق مذيعة في قناة تابعة للمخابرات !؟
حبس عاطل لقيامه بسرقة وحدة تكييف خارجية لأحد الأشخاص بالبساتين
شئون البيئة: مصر ستترأس اتفاقية برشلونة للبيئة البحرية خلال العامين القادمين
"قطرة ندى" للشاعر محمد زناتي يفوز بجائزة أفضل عرض في مهرجان مصر الدولي لمسرح العرائس
لميس الحديدي: قصة اللاعب يوسف لا يجب أن تنتهي بعقاب الصغار فقط.. هناك مسئولية إدارية كبرى
وزير الإسكان: سنوفر الحل البديل ل الزمالك بشأن أرضه خلال 3-4 شهور
ياهو اليابانية.. والحكومة المصرية
مجموعة التنمية الصناعية IDG تطلق مجمع صناعي جديد e2 New October بمدينة أكتوبر الجديدة
أمريكا: اتفاق «قريب جدًا» لإنهاء حرب أوكرانيا |روسيا والصين تجريان مناورات «مضادة للصواريخ»
بدون محصل.. 9 طرق لسداد فاتورة كهرباء شهر ديسمبر 2025
مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 8 ديسمبر 2025 في القاهرة والمحافظات
أوندا ثيرو: ميليتاو قد يغيب 3 أشهر بعد الإصابة ضد سيلتا فيجو
إبراهيم حسن: محمد صلاح سيعود أقوى وسيصنع التاريخ بحصد كأس أمم إفريقيا
أشرف صبحي: قرارات الوزارة النهائية بشأن حالة اللاعب يوسف ستكون مرتبطة بتحقيقات النيابة
غرفة عقل العويط
«القومية للتوزيع» الشاحن الحصري لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2026
رئيس "قصور الثقافة": السوشيال ميديا قلّلت الإقبال.. وأطلقنا 4 منصات وتطبيقًا لاكتشاف المواهب
لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا «بتاع لقطة»
كم عدد المصابين بالإنفلونزا الموسمية؟ مستشار الرئيس يجيب (فيديو)
كيف يؤثر النوم المتقطع على صحتك يوميًا؟
أمن مطروح يفك لغز العثور على سيارة متفحمة بمنطقة الأندلسية
تعرف على شروط إعادة تدوير واستخدام العبوات الفارغة وفقاً للقانون
حاتم صلاح ل صاحبة السعادة: شهر العسل كان أداء عمرة.. وشفنا قرود حرامية فى بالى
الموسيقار حسن شرارة: ثروت عكاشة ووالدي وراء تكويني الموسيقي
أحمد موسى: "مينفعش واحد بتلاتة صاغ يبوظ اقتصاد مصر"
متحدث "الأوقاف" يوضح شروط المسابقة العالمية للقرآن الكريم
أحمد موسى يكشف أزمة 350 أستاذا جامعيا لم يتسلموا وحداتهم السكنية منذ 2018
احذر تكرار قيد المولود يعرضك للحبس وفقاً للقانون
وائل القبانى ينتقد تصريحات أيمن الرمادى بشأن فيريرا
حياة كريمة.. قافلة طبية مجانية لخدمة أهالى قرية السيد خليل بكفر الشيخ
3 أكلات يجب تجنبها لتحسين مقاومة الأنسولين
الأوقاف: المسابقة العالمية للقرآن الكريم تشمل فهم المعاني وتفسير الآيات
الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان
اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور
باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب
تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر
«صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن
شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
موافق
المستشار سُليمان عبد الغفار يكتب: تأْمُّلاَتْ.. في حَياة نَجيب مَحْفوظْ
صدى البلد
نشر في
صدى البلد
يوم 18 - 11 - 2020
اتَّسَمَتْ حياة "نَجيب مَحْفوظ" بِالبَساطة والتَسامُح والعُذوبَة والفِهْم العَميق لِطَبيعة النَفْسِ الإنْسانية والمَحَبَّة الحَقيقية لِلْبَشَرِ والحياة – فَقَدْ بَنى حَياتَهُ كُلَّها على الحُبْ – وتَتضِحْ فَلْسَفة نَجيب مَحْفوظ تِجاه الأدَب والحياة مِنْ قَوْلِهِ "... لَمْ أَكُنْ لِأَصِل إلى ما وَصَلْتُ إليْهِ، لولا أنْ وَطَدْتُ نَفْسي مِنَ البِداية على أنَّ الكِتابة "رِسالةً وعَزاءْ" – "رِسالَةً" يَجِب أَنْ أُؤدْيها مَهْما تَكُنْ التَضْحياتُ كَبيرةٌ والمُقابِلُ ضَئيلًا – و"عَزاءً" لأنَّ كُلَّ ما يُحْزِنُني في هذا العالَم تُعَزِّيني عَنْهُ الكِتابة ...". فَكانتْ الكِتابة الأدَبية لَدى نَجيبْ مَحْفوظ رِسالَتَهُ التي ألْزَمَتْهُ الزُهْد والتَقَشُّف واتِباع نِظام يَوْمي صارِم لِلْعَمَل على مَدى سَنَواتٍ طُوالْ مِنَ الكِتابة والإبْداع المُتواصِل على مَدار هذا العُمْر – وعِنْدَما جاءَتْهُ "جائِزة نوبِل" بَعْدَ رِحْلة العَطاءِ الطَويل – كانَتْ تَقْديرًا لِإبْداعِهِ الذي تَجاوَزَ مَحَليَّة الواقِعَ المَصْري وصِدْقَهُ في التَعْبير عَنْهُ لِيُحَلِّقَ على المُسْتَوى الكَوْني لِكُلِّ ما يَمورُ بِهِ مِنْ مُعْضِلات فَلْسَفية و رَوْحية وأخْلاقية.
لَمْ تَكُنْ دَوافِعْ "نَجيب مَحْفوظ" عِنْدَما قَرَّرَ الاشْتِغال بِالأدَب، السَعْي إلى الشُهْرة أوِ الحُصول على المال – إنَّما كانَ دافِعَهُ الأساسي إخْلاصُهُ لِفَنِّهِ ومَحَبَّتِهِ لَهُ – مِثْلَما كانتْ لَدَيْهِ القُدْرة على تَجاهُل ذاتِهِ والاهتِمام بِالآخَرين – يَقولُ الشاعِر "مُحَمَّد إبْراهيم أبو سِنَّة"... "كُنْتُ كُلَّما جَلَسْتُ مَعَهُ، أُعِدُّ نَفْسي طالِبَ عِلْم يَتَعَلَّم مِنْ شَيْخِ الطَريقة – لَيْسَ فَقَطْ على مُسْتَوى المَعْرِفة ولَكِنْ على المُسْتَوى الإنْساني !؟!..." – كانَ مَحْفوظ يَبْدو كَشَخْصيةٍ عادية لِلْغاية – فَمَلامِحَهُ المَصْرية تُنَبِّئُ بِنَشْأتِهِ في الأحْياءِ الشَعْبية – فَمَنْطِقُهُ واضِحٌ قَريب مِنَ القَلْبِ والعَقْلِ لِكُلِّ إنْسان – حتى أنَّ الكَثيرين مِمَّنْ كانوا يَقْتَرِبونَ مِنْهُ مِنْ كُتَّابِ القِصَّة والرِواية، مُعْتَقِدينَ أنَّ بِإمْكانِهِم أنْ يَكْونوا مِثْلَهُ – فَكانَ اقْتِرابَهُم ليَتِمَّ تَسْليطَ أضواءَ الإعْلامِ عَلَيْهِم – بَيْنَما كانَ هوَ يَتَمَتَّع بِالدُّعابة وخِفَّةِ الظِلْ التي جَعَلَتْ مِنْهُ شَخْصية مُحَبَّبة يَلْتَفَّ حَوْلَها الجَميع – فَكانَ يَتْرُكْ مِنَ الأثَرِ الطَيِّب على كُلِّ مَنْ قابَلَهُ أوِ التَقاهُ ولو مِنْ بَعيد.
كانَتْ "الحارة" عِنْدَ نَجيبْ مَحْفوظ هي أَهَم مَعْلَمْ مِنْ مَعالِمِ الحياة لَدَيْهِ – رُبَّما يَضيقُ مَداها الدلالي فَتَكادُ تَقْتَصِرُ على مُجَرَّد التَعْبير لِإدْراكِ كَثيرِ مِنَ تَصاريفِ البَشَرْ مِنْ أهْواء ورَغَبات، أو تَتَّسِعُ فَتَغْدو الحارة رَمْزًا لِلحياة الإنْسانية كُلِّها – فَقَدْ أخْلَصَ مَحْفوظ لِمَنْ كانَ يَعيشُ بَيْنَهُم مِنْ أهْلِ الحارات والأزِقَّة الضَيِّقة – فَضْلًا عَنِ العالَم الأُسْطوري الذي صَنَعَهُ خَيالَهُ الفَريد، مُسْتَدْعيًا مِنْ خِلالِه وعَبْرَ أعْمالِهِ كُلِّها قيَمِ الحُرِّية والعَدْل. ورُبَّما تَحَقَّقَ لِمَحْفوظ الوَعْي بِما يُريدُ في سَعْيِهِ الدائِم إلى المَعْرِفة – فَيَحْدُث التَكامُل بَيْنَ الوَعْي والحُرِّية لَدى قارِئِهِ مِنْ خِلال امتِلاك الوَعْي العَميق بِما يَحْتَوي عَلَيْهِ المَشْهَدِ السياسي والثقافي والاجتِماعي مِنْ تَناقُضات – فَهَدَفَهُ الدائِم هوَ التَحَرُّك نَحْو المُسْتَقْبَل بِامتِلاكِ الوَعْي وتَحْفيزِ الإرداة لِتَصْحيحِ الواقِعِ الرَدئ والتَسامي فَوْقَ مَشْهَدِ التَناقُضِ البَغيض – يَقول نَجيبْ مَحْفوظ – في أحد أحاديثِهِ "... كَتَبْتُ عَنِ الأماكِنِ التي عِشْتُ بِها – عَنِ الحَواري والأزِقَّة التي تَجَوَّلَتْ فيها، والبَشَر الذين مَشَيْتُ بَيْنَهُم – كَتَبْتُ عَمَّا أُحِسَّهُ وأشْعُرُ بِهِ تِجاه كُلَّ ذَلِكْ – وعَمَّا أُفَكِّرُ وأحْلُمُ بِهِ لِلعالَم ...!؟!" – فَكانتْ الحارة المَصْرية ونِظامِ الفِتوَّات السائِد فيها هي "البَوْتَقة التي شَكَّلَتْ سِماتِ الشَعْب المَصْري عَبْرَ التاريخ - "الفتوَّات" هُم رَمْزِ الحُكَّام والسادة والقادة على تَبايُنِهِم – بَيْنَما تَمَثَّلَتْ في الحارة أطْيافِ المصريين على اخْتِلاف مَشارِبَهُم.
على الرَغْم مِنْ سِمات شَخْصية "مَحْفوظ" التي يَبْدو عَليْها الهُدوءِ الظاهِري وإنْسانيتِهِ الواضِحة، فَإنَّهُ كانَ يَلْتَزِم "الدقَّة الشَديدة" في عَدَمِ الخَلْطِ بَيْنَ عَمَلَهُ الوَظيفي وإبْداعِهِ الأَدَبي – وظَلَّ طوال حياتَهُ مُهْتَمًَّا بِالثقافة والمَعْرِفة في مَجالاتِ الأدَبِ والسياسة والاجتِماع، مُتابِعًا كُلَّ ما يَجْري على الساحة العالمية – وكانَ يَتَرَفَّع عَنِ الدُخول في مُهاتَرات أو صِدام مَعْ أحَد، بَلْ إنَّهُ اهتَّمَ بِإبرازِ صِفات أوْلادِ البَلَدِ الحَقيقيين الذين انْتَمي إليْهِم دَوْمًا، وكانوا يَتَحَلَّونَ بِالشَهامةِ والنُبْلِ في أعْمالِهِ الرِوائية – كَفنَّان يَمْتَلِك مَوْهِبة نادِرة بِكُلِّ ما فيها مِنْ ثَراءِ الأْفكار التي تَتَّصِل بِالمُجْتَمَع والحياة – وقَدِ حَرِصَ "نَجيبْ مَحْفوظ"في حَياتِهِ أنْ يَنْفي عَنْ نَفْسِهِ صِفَةِ المُفَكِّر – بِقَوْلِهِ – "إِنَّهُ يُمْكِن وَصْفَهُ بِأنَّهُ أَديبْ، وإنَّما لا يُوافِقْ على أنْ يوصَفْ بِأنَّهُ مُفَكِّر ...!؟!" – فَهوَ كَأديب وفَنَّان لَهُ رؤْيَتَهُ وأفْكارَهُ ومواقِفَهُ، مِثْلَهُ في ذَلِكْ مِثْل أيِّ فَنَّان عالمي كَبير لَهُ تَصوُّراتَهُ وأحْلامَهُ فيْما يَتَعَلَّق بِالحياة والنَّاس – ولَمْ تَحْدُث مواجَهة بَيْنَ العِلْمِ والدين في أدَبِ نَجيبْ مَحْفوظْ – مِثْلَما يَتَخَيَّلِ البَعْض – فَإذا عرض لِلْقَضايا التي تَمِسُّ العَقيدة فَإنَّما يَعْرِضُ الرُّؤى والتَصوُّرات التي يُجَسِّدُها الخَيالِ الشَعْبي لِلقيَمِ الدينية عَبْرَ عُصورِ التاريخ.
يَتَميَّز أُسْلوب "نَجيبْ مَحْفوظ" بِالعُذوبة – فَتَجِدْهُ يُعيدُ تَشْكيل العِبارات العامية ليَقْتَرِب بِها مِنَ العَربية الجَميلة التي تُعَبِّر في رَوْعَتِها ودِقَّتِها المُتَناهية عَنْ روحِ المَصْريين إلى أنْ وَصَلَ بِها إلى الشاعرية – فَالُّلغة عِنْدَهُ قَرينِ الحياة، فَلَمْ يُغادِرُ الفُصْحى طوال مَسيرَتَهُ الإبداعية التي استَمَرَّت زَهاء ثلاثة أرباع القَرْن – وكانَتْ نَظْرَتَهُ إلى "اللُّغة العامِّية" أنَّها مِنْ ضِمْن العُيوب والأمْراض المُجْتَمَعية التي يُعاني مِنْها المَصْريون – مثلها في ذَلِكْ مِثْلِ (الجَهْل والفَقْر والمَرَض) – لِهَذا اتَصَفَتْ لُغَتَهُ بالاعتِدال دونَ شَطَطْ أو جُمود – رَغْمَ ما حَفَلَتْ بِهِ أعْمالَهُ مِنْ كِتابات رَمْزية لَجأَ إليْها لِتحاشي الصِدام مَعَ أزَماتِ الواقِع وتَداعياتَهُ، بَلْ والعُلو عَلَيْهِ – مُسْتَلْهِمًا مَعْنى الحياة وسِرِّ الوجود عَبْرَ "تراجيديا البَشَر" وصِراعِهِم الأزَلي بَيْنَ الحق والضَلال – وكانَتْ قيَمِ "العَدالة والحُريَّة" هى أسْمى ما يَرْنو إليْهِ "نَجيبْ مَحْفوظ" مِنْ وَراء كِتاباتِهِ – وهو في ذَلِكَ مِثْلَ غَيْرِهِ مِنْ روَّاد الأدَبِ العالَمي الكِبار – مِمَّن يَرَوْنَ أنَّ الإنْسان هوَ المَسْئول عَنْ اختيار طَريقِهِ، وأنَّ مُشْكِلاتِ البَشَر مَكانِها الأرْض التي يَعيشونَ عَليْها، ولَيْسَتْ في السَّماء التي تُشْرِقُ عَلَيْهِم بِأنْوارِ الهِداية – وأنَّ المُناضِلين الحَقيقيين مِنْ أجْلِ حُريَّة الإنْسان وكَرامَتَهُ عَليْهِم مواجهة المُسْتَبدِّين والطُغاة – ولَيْسَ مُخالَفة الأنْبياء أو تَوْجيهِ الاتِهامات لَهُمْ.
... ظَلَّ "نَجيبْ مَحْفوظْ" حَتَّى الأيَّامِ الأخيرة مِنْ حياتِهِ يَكْتُبُ ويُعَبِّرُ عَنْ هَواجِسَهُ وأحْلامَهُ وآمالَهُ لِلبَشَر والإنسانية كُلِّها – ورَسَتْ سَفينَتَهُ قَبْلَ رَحيلِهِ على شاطِئ الصوفية بِكُلِّ ما فيها مِنْ جَمال وجَلال – كانَ الشاغِل الدائِم لِمَحْفوظ هوَ حياة الإنْسان، وامتِلاك ذَلِكَ الإنْسان لِوَعْيِهِ حَوْلَ العَدالة والحُرِّية، ودِفاعِهِ عَنْ حَقِّهِ فيهِما ...!؟!... لَقَدِ امْتَزَجَتْ الكِتابة والحياة عِنْدَ نَجيب مَحْفوظ – لِدَرَجة أنَّهُ لَمْ يَعُدْ لَدَيْهِ فَرق بَيْنَهُما – لِينالَ إجماعِ الكٌلِّ مِنَ الحُبِّ والتَقْدير – فَقَدْ أشادَتْ بِهِ وبِأدَبِهِ كافَّة التيارات السياسية والدينية والثقافية – فَكانَ بِمثابة "المؤَرِّخ الأديب" لِمِصْر المُعاصِرة بِلا مُنازِع ...!؟!... ولأنَّ "نَجيبْ مَحْفوظْ" بَنى حياتَهُ كُلَّها على الحُبْ – فَقَدْ سألَهُ أحَد تَلاميذَهُ ذاتَ مَرَّة – كَيْفَ بِكَوْنِ الموْتِ مَحْبوبًا يا أُسْتاذي ؟!؟ – أجابَهُ الأُسْتاذ بِقَوْلِهِ – "... عِنْدَما يأْتي في مَوْعِدِهِ – دونَ أنْ يَتَقَدَّمْ أو يَتأخَّرْ ...!؟!...".
يَقول نَجيب محفوظ في "أصْداءِ السيرة الذاتية" موَضِّحًا مَغْزى المَوْتِ ومَعْنى الحياة ...!؟!... "...الحياة فَيْضٌ مِنَ الذِكْريات تَصُبُّ في بَحْرِ النسْيان ... أمَّا المَوْت فَهوَ الحَقيقة الراسِخة ...!؟!... وأنَّ أشْمَلَ صِراعٍ في الوُجود ... هوَ الصِراع بَيْنَ الحُب والمَوْت ...!؟!..." – رَحِمَ الله "الأديبَ الكَبير" الذي عَشِقَ الحياة ... فأحَبَّتْهُ الحياة ...!!؟.
انقر
هنا
لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة
نجيب محفوظ فى جامعة القاهرة.. حوار نادر (2)
زكي سالم في رحاب نجيب محفوظ.. والفُقد الذي لا يُعوض
فى عيد ميلاده 103
«ميراث الذى لن يزول»
إبداع محفوظ لم يعرف الحدود في فكر التأمل لحقيقة الحياة والوجود
في الذكرى العاشرة لوفاته.. نجيب محفوظ "قبس من روح مصر الخالدة"
أبلغ عن إشهار غير لائق