سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
شرخ خطير في حكومة الوفاق الليبية.. الانقسامات تتسلل إلى دائرة القيادة العسكرية في طرابلس.. تركيا تخشى تآكل نفوذها بعد رحيل السراج.. وباشأغا يؤجج الشقاق بين وزير الدفاع ورئيس غرفة العمليات
* قائد المنطقة الغربية لقوات الوفاق يرفض تعيين صلاح النمروش وزيرًا للدفاع * ميليشيات الوفاق تتصارع لتأمين أوضاعها في مرحلة توحيد ليبيا * باشأغا يغذي الانقسامات بين القيادات العسكرية لإضعاف وزارة الدفاع وتوسيع نفوذه * إخوان ليبيا يطلبون من قطر دعم تيار النمروش وأردوغان يراهن على باشأغا تتوالى الإشارات والأنباء حول انقسامات متزايدة بين رؤوس السلطة في حكومة الوفاق الليبية بالعاصمة طرابلس وغربي البلاد، فيما يراه مراقبون إعادة إنتاج لصراع على النفوذ تؤججه طموحات شخصية وأجندات لجماعة الإخوان في خدمة مشروع التوسع التركي في ليبيا والمنطقة ككل. اقرأ أيضًا | السيسي يستقبل رئيس مجلس النواب الليبي والمشير خليفة حفتر وبحسب صحيفة "عرب ويكلي" الإماراتية الصادرة بالإنجليزية، تصاعدت الخلافات بشكل كبير في غرب ليبيا منذ أن أعرب رئيس حكومة الوفاق فايز السراج عن نيته الاستقالة من منصبه، وتفاقمت أكثر بعد الإعلان عن توقيع اتفاقية لاستئناف إنتاج وتصدير النفط بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر ونائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق أحمد معيتيق. الأخطر من ذلك، حسبما نقلت الصحيفة عن مصادر، أن الانقسامات طالت الدائرة العسكرية لحكومة الوفاق، بالتوازي مع الحوار الليبي – الليبي المفتوح بين مجلس النواب والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق حول الترتيبات الخاصة بالمرحلة المقبلة، وبلغت هذه الانقسامات حدًا باتت تركيا تخشى معه من تآكل نفوذها بعد رحيل السراج وتشكيل مجلس رئاسي جديد. وكشفت المصادر عن خلاف متصاعد مؤخرًا بين وزير دفاع حكومة الوفاق صلاح الدين النمروش وقائد المنطقة الغربية وغرفة العمليات المشتركة لقوات الوفاق أسامة الجويلي، الذي لم يخف انزعاجه من تنصيب النمروش وزيرًا للدفاع في أغسطس. ويقول مطلعون إن تأفف أسامة الجويلي من اختيار النمروش وزيرًا للدفاع مرده إلى عاملين؛ أولهما أن الجويلي وهو برتبة لواء يرى نفسه أجدر بالمنصب من النمروش الذي كان عقيدًا قبل تنصيبه مباشرة، وثانيهما يتعلق بالمنافسة الجهوية والقبلية بين منطقة الزنتان التي ينتمي إليها الجويلي ومنطقة الزاوية التي ينحدر منها النمروش. ولفتت المصادر إلى أن توافق المواقف بين الجويلي والنمروش الرافضين لاتفاق النفط بين حفتر ومعيتيق لا ينبغي أن يخفي الخلاف المحتدم بين الرجلين، هذا الخلاف الذي يُرجح أن يتفاقم في الأيام المقبلة بسبب انهيار اتفاق المصالحة الموقع في يوليو 2015 بين مدينتي الزاوية والزنتان. ويعتقد الباحث السياسي الليبي كمال المرعاش أن هذا الصراع له جذور ودوافع أعمق ولا يمكن فصله عن الصراعات الحادة بين الميليشيات المختلفة المسيطرة على غرب ليبيا، تلك الصراعات التي اتخذت أشكالًا مختلفة مع تحول وتغيير التحالفات، خاصة الآن مع دخول عامل المرتزقة السوريين في لعبة توازنات القوى بين ميليشيات الوفاق وبعضها في إطار التنافس بينها على الدعم التركي. ونقل الموقع عن المرعاش توقعه أن يشهد هذا الصراع العديد من التقلبات والمنعطفات. وأشار إلى أن الجويلي "لا يعترف بتعيين النمروش وزيرا للدفاع وهو المنتسب إلى كتائب غرفة عمليات ثوار ليبيا ومقرها الزاوية ويقودها الإرهابي شعبان هدية الملقب أبو عبيدة". وأضاف المرعاش أن الجويلي الذي كثيرا ما "شكا من تهميش ميليشيات الزنتان وحرمانها من القدرات المالية والعسكرية، يعتبر النمروش غير مؤهل لقيادة وزارة الدفاع التي كان يحلم بالفوز بها، كما يتهم النمروش بالولاء لجماعة الإخوان وإعطائهم مكانًا في المفاوضات العسكرية مع الحليف التركي". ويرى المرعاش أن هذا الصراع الذي من المرجح أن يشل وزارة الدفاع في حكومة الوفاق الوطني "يحظى بتشجيع من وزير الداخلية فتحي باشأغا الذي يأمل في إضعاف كل من الجويلي والنمروش، حتى يتمكن من السيطرة على العاصمة طرابلس، باستخدام النفوذ التركي والمرتزقة السوريين في حال وقوع مواجهات مسلحة مع ميليشيات طرابلس". وشدد المرعاش على أن جوهر الصراع "يدور حول من يُظهر ولاءً أكبر لتركيا، التي تعتبر الآن المتحكم الرئيسي في اللعبة، وبانضمام الجويلي إلى مشروعها سيطرت تركيا على النزاعات الداخلية وتديرها حتى لا تخرج عن سيطرتها". وتوصل المرعاش إلى نتيجة مفادها أن "هذا الصراع يرجح أن ينتج المزيد من المفاجآت، من حيث ظهور تحالفات لم تكن ممكنة قبل ذلك، والتي من المتوقع أن يصبح فيها أعداء الأمس أصدقاء اليوم، لأن معادلة القوة أصبحت إلى حد ما سائلة الآن". لكن بعض المراقبين ربطوا هذا الصراع، الذي لا يتعدى دائرة المناورات من أجل تمثيل أفضل على طاولة الحوارات الجارية من أجل حل سياسي وضمان مكاسب شخصية بعد التسوية، ربطوه بالتقارير المتكررة عن لقاءات ومشاورات مكثفة يجريها حاليا عدد من قيادات الإخوان الليبيين في مصراتة وإسطنبول. وقالت مصادر سياسية وإعلامية ليبية إن هذه اللقاءات، التي تجمع قادة تنظيمات الإسلام السياسي وقادة الجماعات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق، تهدف إلى التحضير للجولات المقبلة من المفاوضات الوطنية حول توزيع المناصب السيادية، وفقًا لنتائج مشاورات بوزنيقة في المغرب واجتماعات مونترو في سويسرا بين ممثلي مجلس النواب والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق. وبحسب كمال المرعاش، فإن "الإخوان الليبيين، ممثلين بقياداتهم مثل محمد صوان وعلي الصلابي، يضغطون على قطر لدعم تيار النمروش وغرفة عمليات ثوار ليبيا على حساب التيارات الأخرى. لكن لا يزال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يفضل تيار فتحي باشأغا باعتباره الأقرب لتحقيق المصالح التركية في ليبيا في المستقبل". في هذا السياق، لم يستبعد المرعاش احتمال لجوء تركيا إلى استخدام مرتزقتها السوريين في طرابلس لدعم باشأغا عسكريًا في حال نشوب صراع مسلح للسيطرة على العاصمة، مما يمكن باشأغا من السيطرة على مجلس الرئاسة ووضع المجتمع الدولي أمام أمر واقع.