من الثابت تاريخيا وعقائديا أن شهر رمضان يعتبر مدرسة للطاعة وفرصة لا تتكرر للعبادة ينعم الله خلاله علي عباده بأجر مضاعف وثواب لا يتوقف لاسيما إذا أحسن العبد التوجه إلي الله وأخلص النية لخالقه حيث يزداد إقبال المسلمين خلال شهر رمضان علي المساجد حيث يؤدون صلاتي الفجر والعشاء والتراويح جماعة في مسعي منهم لتحقيق الثواب الكامل من خلال هذا الشهر الفضيل. فرمضان كما يعلم الكثيرون مدرسة للطاعات وحسن العبادات يتعلم فيها المُسلم: كيف يُعامِل ربَّه، ويُزكِّي نفسه، ويُحْسِن إلىٰ جميع الخلق حوله ويقبل علي بيوت الله، إلا أن فيروس كورونا قد حالَ بين المسلمين ومساجدهم في رمضان هذا العام، وحَرَمَهم من الصلاةَ المكتوبة جماعةً فيها والتَّروايح، والاعتكافَ، وقراءة القرآن، والدُّعاء؛ فإنَّ بُيوت المُسلمين لهم محاريب ومساجد عامرة بالطَّاعات والقُربَات من صلاةٍ وصيامٍ وقيامٍ وذكرٍ ودُعاءٍ. ولكن وباءُ كُورونا المتفشي في جميع أنحاء العالم لايحول دُونَ رفع هذه الأعمال الصَّالحة إلىٰ الله سُبحانه أو تنزُّل رحماته؛ بل إنَّ اللَّه سُبحانَه يُحبُّ من عِباده المُخلِصين المُحسنين الذين لا تزيدهم الشِّدة إلَّا قُربًا منه، وتوكُّلًا عليه، ويقينًا به، والله سُبحانه وتعالى لا يردَّ حاجةَ عبدٍ رفع إليه يديه وسأله وهو الجواد الكريم. لذا يجب علي المسلم أن يحسن وفادة الشهر الكريم وأن يعلم يقينًا أنَّ طاعَاته وعِبادَاته الرَّمضَانيَّة في بُيُوتِ اللَّه سُبحانه لمْ تنقطع بإغلاقِ المَسَاجِد وتَعليقِ جَماعَاتها؛ بل لَك أجرُهَا كَامِلًا إنْ شاءَ الله؛ وسيِّدُنا رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يُبشِّرك بقولِه: «إذَا مَرِضَ العَبْدُ، أوْ سَافَرَ، كُتِبَ له مِثْلُ ما كانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صحيح البُخاريّ. روشتة إسلامية رائعة .. تجعلك من الفائزين برمضان من المهم الإشارة هنا إلي أهمية أن يحول المسلم بيته الي مسجد ويكثر من صلاة الجماعة داخله مع أهله وزوجته وأبنائه مع ضرورة الانتظام في ممارسة 12 عبادة من أجل الحفاظ علي ثواب صلاة الجماعة حتي لو كان أداؤها في المسجد وهي عبادات حددها مركز الأزهر العالمي للفتوي الاليكترونية: 1) اشْغل كلَّ دقيقِةٍ مِن رَمَضَان بعبادة، ولا تُضيِّع لحظةً منه في لهوٍ أو تسلِية؛ فمَن اغتَنمَ الوَقْتَ فازَ بالأَجر. 2) صَلِّ الصَّلوات الخَمْس المَكتُوبةَ في أوقَاتها، وأُمَّ فيها أهل بيتِك؛ إذا تمكَّنتَ مِن ذلك؛ كي تنالُوا ثوابَ صلاةِ الجَمَاعة. - وإذا صلَّىٰ الرَّجل بزوجته جماعةً؛ وقَفَت الزَّوجة خلفَه. - وإذا كان له ولدٌ من الذُّكور، وزوجة؛ صلَّىٰ الولد عن يمينه، وصلَّت زوجتُه خلفَه. - وإذا كان له أولادٌ من الذُّكور والإناث، وزوجةٌ؛ صلَّىٰ الذُّكورُ خلفه في صفٍّ، وصلَّت الزَّوجة والبنات في صفٍّ آخر خلف الذُّكور. 3) صَلِّ سُنَنَ الصَّلوات الرَّواتب في المنزل علىٰ وجهِهِا المَعلُوم قبل الصَّلاة وبعدها (ركعتان قبل الفجر - أربع ركعات قبل الظُّهر واثنتان بعده - ركعتان بعد المغرب - ركعتان بعدالعِشاء). 4) يُشرع القُنوتُ (الدُّعاء) بعد الرَّفع من ركوع آخر ركعة مِن الصَّلوات الخَمْس المكتوبة؛ تضرُّعًا إلى الله سُبحانه أنْ يَرفع عنَّا وعن العالمين البَلاء. 5) اجْلِسْ فِي مُصَلَّاكَ بَعد صَلاةِ الفَجْرِ جَمَاعةً فِي بَيتِك، واذْكُر اللَّهَ حتَّىٰ تَطلعَ الشَّمسُ، ثمَّ صَلِّ ركعَتين؛ يُكتَب لَك إنْ شاءَ اللهُ «أَجْر حَجَّةٍ وَعُمْرَةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ تَامَّةٍ» كمَا أخْبَرَ النبي. [سنن الترمذي]. 6) صاحِبْ القرآنَ والزَمْهُ، ولا تمل قِراءَتَه، واجمَع علىٰ تِلاوتِه ومُدَارَستِه أهلَ بيتِكَ؛ فرمَضانُ شهرُ القُرآن. 7) أَكْثِرْ مِن ذِكرِ اللَّه في جَمِيعِ الأَوقَات؛ وحَافِظْ عَلىٰ أَذكَارِ الصَّبَاحِ والمَسَاءِ؛ قال صلى الله عليه وسلم:«سَبَقَ المُفَرِّدُونَ، قالوا: وَما المُفَرِّدُونَ يا رَسولَ اللهِ؟، قالَ:الذَّاكِرُونَ اللَّهَ كَثِيرًا، وَالذَّاكِرَاتُ» [صحيح مسلم]. 8) أَكِثِرْ مِن مُنَاجَاة اللَّه سُبحَانَه ودُعَائه وأنتَ صَائمٌ؛ فمِن بينِ الثَّلاثَةِ الَّذين لا تُردّدعوَتُهم كمَا أخْبَرَ النبي: «الصَّائِمُ حَتَّى يُفْطِرَ» [مُسنَد أحمد]. 9) فَطِّرْ فِي كُلِّ يومٍ صَائمًا؛ ولا تنسَ الفُقرَاءَ في شَهرِ الجُودِ والكَرم؛ قالَ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِالصَّائِمِ شَيْئًا» [سُنن ابن ماجه]. 10) اجْتمِع أنتَ وأهل بيتِك عَلىٰ الإفطَار والسُّحُور؛ فالاجتماعُ عَلىٰ الطَّعام سُنَّةُ سيِّدنَا رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ إذْ يقُول: «اجتَمِعُوا علىٰ طَعَامِكُم، واذكُرُوا اسمَ اللهِ عَليه،يُبارَكْ لكمْ فِيه» [سُنن أبي داود]. 11) اجْمَعْ أَهلَ بيتك علىٰ صَلاةِ التَّرَاوِيح جَمَاعةً في البيت -على النَّحو المذكور في صلاة الفَريضة جماعةً آنفًا- وأَوتِر بثلاثِ ركَعَاتٍ، وادْعُ الله سُبحانه بعدَ الرَّفعِ مِنرُكوعِ آخرِ ركعةٍ، ولِيُأمِّن عَلىٰ دُعائكَ المُصلُّون خلفَك. صلاة التراويح سنة نبوية مؤكدة شدد المركز كذلك في بيانه علي أن صلاةُ التَّراويح سُنَّةُ سيِّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي حرص الصَّحابة رضوان الله عليهم والأمة -من بعده- علىٰ إقامتها والاجتماع لها؛ لِمَا علموا مِن ثَوَابِها وفَضلِها؛ فقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُمَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» مُتَّفق عليه. ولا يُشتَرط بحسب المركز العالمي للفتوي المَسجد لإقامتها، ويجوز أنْ يقرأ العبدُ فيها ما شاء من القرآن الكريم، دون حدٍّ لإطالة القراءة فيها، واستَحَبَّ بعضُ العلماء ختمَ القرآن فيها، ويجوزُ لإمامها أنْ يَقرَأ مِن حِفظِه أو مِن مُصحَفٍ. كما أشار المركز الي اختلاف الفقهاء في عَدَدِ رَكعَاتِ صلاة الجماعة علىٰ أَقوالٍ، فمنهم : * صلاتُها مع الوتر بثلاث ركعات إحدىٰ عشرة (11) ركعة. * صلاتها مع الوتر بثلاث ركعات ثلاث عشرة (13) ركعة. * صلاتها مع الوتر بثلاث ركعات إحدىٰ وعشرون (21) ركعة. * صلاتها مع الوتر بثلاث ركعات ثلاث وعشرون (23) ركعة. وكلُّ هذا جائزٌ، وفي الأمر سعة بفضل الله، وحَسب الاستطاعة. 12) أما العبادة الأخيرة التي يجب علي المسلم المحافظة عليها خلال رمضان في ظل هذه الأجواء فتممثل في عدم مخالفة إرشَادَاتِ الوقَاية مِن فيرُوس كُورونا؛ مع الوضع في الاعتبار أنَّ احترامَ قرَارِ غلقِ المَساجِد وتعليقِ جماعَاتها وقت الوباء دينٌ يُثاب المرءُ عليه؛ كما أنَّ إعمارَها في الظُّروف الطَّبيعيَّة دينٌ يُثاب المرءُ عليه فضلا عن ضرورة الوضع في الاعتبار أن مخالفة هذه التعليمات قد يعرض المسلمين للخطر وهذا أمر يحرمه الإسلام انطلاقا من القاعدة الشرعية لا ضرر ولا ضرار .