القس أندريه زكي يشهد انطلاق فعاليات الحوار المصري الألماني    «البحوث الإسلامية» يطلق حملة توعويَّة لمواجهة الخصومات الثأريَّة    رابط التقديم لبرنامج التدريب الصيفي بمجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات    نقيب الأشراف: سيادة الدولة المصرية وحدودها خط أحمر لا يمكن المساس به    "أكسيوس": نتنياهو طلب من الولايات المتحدة التوسط في المفاوضات الإسرائيلية - السورية    الإسماعيلي يهزم إنبي ويحسم المركز الثالث بكأس عاصمة مصر    عطية الله: أولويتي هي الاستمرار مع الأهلي    بعد وصوله مانشستر يونايتد.. كونيا: كنت أحلم بارتداء قميصه    محافظ الغربية: تشديدات صارمة لمنع الغش في امتحانات الثانوية العامة    القصة الكاملة لسرقة الدكتورة نوال الدجوي.. من البلاغ لحفظ التحقيقات    نحو عالم أكثر تناغمًا |فعاليات فنية بمتحف الحضارة احتفالًا بيوم حوار الحضارات    وزير الثقافة يلتقي محمد هنيدي لبحث تقديم عروض مسرحية بالمحافظات    رامي جمال يدعم نجل تامر حسني.. "الغالي ابن الغالي"    إنقاذ مريضَين بانشطار في الشريان الأورطي ب الزهراء الجامعي    القطار الخفيف يقلل زمن التقاطر يوم الجمعة من كل أسبوع للتسهيل على الركاب    الحزن يخيم على البحيرة بعد مصرع تاجر ذهب متأثرا بجراحه إثر التعدى عليه بسكين    ضبط 1325 كرتونة وعبوة أدوية بيطرية مغشوشة بالمنوفية    «مراسم بني حسن» معرض في «الهناجر» الخميس المقبل    من 1.8 ل 1.67 مليون.. لماذا انخفضت أعداد الحجاج في 2025؟    لترطيب الكبد- 4 فواكه تناولها يوميًا    عرض مالي ضخم يقرب سباليتي من تدريب النصر    "الزرقاني" يتفقد سير العمل بوحدة كفر عشما ويتابع معدات الحملة الميكانيكية    حماس تنفي تفاصيل مفاوضات وقف إطلاق النار التي يتداولها الإعلام الإسرائيلي    إنارة رافد جمصة على طاولة التنفيذ بتنسيق مكثف بين الجهات المعنية    وزير الاستثمار: الدولة تولي اهتمامًا كبيرا بتطوير قطاع التأمين    كوريا الجنوبية: بيونج يانج تعلق البث المناهض عبر مكبرات الصوت    أشرف صبحي: نادي سيتي كلوب إضافة نوعية لخريطة المنشآت الرياضية بدمياط    وفد عمل مصر الثلاثي يُشارك في منتدى «التحالف العالمي للعدالة الإجتماعية»    قافلة جامعة المنوفية توقع الكشف الطبي على 440 من أهالي «ميت أم صالح»    حقوق الإنسان بمجلس النواب تستضيف رئيس الطائفة الإنجيلية وأعضاء الحوار المصري الألماني    وزير الري: مصر تعتمد بشكل شبه كلي على نهر النيل لتلبية احتياجاتها المائية    مصر تعرب عن خالص تعازيها لجمهورية الهند في ضحايا تحطم طائرة غرب البلاد    انقطاع شامل للاتصالات والإنترنت في قطاع غزة    انخفاض تكلفة التأمين على الديون السيادية لمصر لأدنى مستوى في 3 سنوات    بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" بالعبور الجديدة الأحد 22 يونيو    وزير البترول: مشروع إنتاج حامض الفوسفوريك تحرك هام لتعزيز الصناعات التحويلية    عبد العاطي يؤكد ضرورة الحفاظ على السودان وصون مقدّراته    رسميًا.. رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة تعيين 20 ألف معلم مساعد للغة الإنجليزية    حجز والدي عروس الشرقية على ذمة التحريات في واقعة زفاف عريس متلازمة دوان    عبد الخالق فريد مديرًا لمهرجان بورسعيد السينمائي الدولي    كريم عبدالعزيز يصل ب"المشروع x" ل100 مليون جنيه وينتظره رقما قياسيا في شباك التذاكر    "دخل حسابي 1700 يورو؟".. أحمد حمدي يثير الجدل بمنشور جديد    ريال مدريد يحسم صفقة الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو حتى 2031    أهلي جدة ينتظر موقف ميسي    وزير الصحة يبحث مع مدير "جنرال إليكتريك" التوطين المحلي لأجهزة السونار    الصحة العالمية: رصد متحور كورونا الجديد في ألمانيا    مدير تعليم القليوبية لمصححى الشهادة الإعدادية: مصلحة الطالب أولوية عظمى    تامر حسنى وديانا حداد نجوم أحدث الديوهات الغنائية    تصادم دموي بوسط الغردقة.. إصابة 5 أشخاص بينهم طفل في حالة حرجة    20 مليون جنيه مخدرات وسقوط 5 خارجين عن القانون.. مقتل عناصر عصابة مسلحة في مداهمة أمنية بأسوان    إسرائيل.. المعارضة غاضبة لفشل حل الكنيست وتهاجم حكومة نتنياهو    برئاسة السيسي وولي العهد.. تعرف على أهداف مجلس التنسيق الأعلى المصري السعودي    موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2025 في مصر    أمين الفتوى يوجه رسالة لمن يفوته صلاة الفجر    مراد مكرم ساخرًا من الأوضاع والنقاشات في الرياضة: بقى شغل عيال    أنغام تدعو بالشفاء لنجل تامر حسني: «ربنا يطمن قلبك وقلب أمه»    حكم توزيع لحوم الأضحية بعد انتهاء أيام عيد الأضحى    آداب الرجوع من الحج.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



احترس .. «أوقات» يُحرم فيها الخطوبة وعقد الزواج
نشر في صدى البلد يوم 15 - 01 - 2020

أكد الفقهاء، أنه يجوز عقد النكاح في كل وقت إلا حال الإحرام بحج أو عمرة، ويجوز في كل مكان، ويجوز في أي حال إلا في وقت العدة المرأة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها والحامل، ويجوز في حال الطهر، والحيض، سواء كانت بكرًا أم ثيبًا.
والمقصود ب الإحرام : هو مصدر أحرم الرجل يحرم إحرامًا إذا أهل بالحج أو العمرة، وباشر أسبابهما وشروطهما ونوى أداء العبادة وأطلق النية: «لبيك اللهم حجًا أو عمرة»، وخلع المخيط -الملايس العادية-، وتجنب الأشياء التي منعه الشرع منها كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك.
معنى الإحرام في الحج أو العُمرة هو نية الدخول في النسك مقرونًا بعمل من أعمال الحج كالتلبية أوالتجرد، ويُخطئ كثير من الناس، حيث يعتقد البعض أن الإحرام هو التجرد من المخيط والمحيط فقط دون نية.
ويجوز الزواج أثناء الحج بعد التحلل من الإحرام، والتحلل نوعان، التحلل من الإحرام يعني الخروج منه، وحل ما كان محظورًا على الحاج وهو محرم، والنوع الأول من التحلل هو التحلل الأصغر: ويقصد به أن يفعل الحاج اثنين من ثلاثة أمور، وهي رمي جمرة العقبة يوم العيد، والحلق أو التقصير، وطواف الإفاضة مع السعي بين الصفا والمروة، فإذا رمى وحلق أو قصر، أو رمى وطاف وسعى إن كان عليه سعي، أو طاف وسعى وحلق أو قصر، فهذا هو التحلل الأول.
اقرأ أيضًا:
محظورات الإحرام في الحج والعمرة.. تعرف عليها
الإفتاء توضح كيفية التحلل من الإحرام
والنوع الثاني: التحلل الأكبر أن يفعل الحاج الأمور الثلاثة: الرمي، والطواف، والسعي إن كان عليه سعي، والحلق أو التقصير، فهذا هو التحلل الثاني.
فإذا فعل اثنين فقط من هذه المناسك لبس ثيابه المخيطة المعتادة التي كان يلبسها قبل سفره، وتطيب، وحل له كل ما حرم عليه بالإحرام، ما عدا الجماع، فإذا فعل الثالث حل له الجماع.
دليل حرمة الزواج في الحج أو العمر
ورد حديث صحيح عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يمنع عقد النكاح أثناء الإحرام بحج أو عمرة، فعن عُثْمَانَ رَضِي اللهُ عَنْهُ: أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «لَا يَنْكِحُ المُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ، وَلَا يَخْطُبُ» وَالْمُرَادُ بِهِ عَقْدُ النِّكَاحِ، وَالْحَدِيثُ هُنَا قَالَ: «لا يَنْكِحُ المُحْرِمُ»، أَيْ: لَا يَتَزَوَّجُ المُحْرِمُ، «وَلَا يُنْكِحُ»، أَيْ: لَا يُزَوِّجُ غَيْرَهُ، سَوَاءً كَانَ وَلِيًّا، أَوْ كَانَ وَكِيلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى عَقْدَ النِّكَاحِ، «وَلَا يَخْطُبُ»، وَالْخِطْبَةُ مُحَرَّمَةٌ، سَوَاءً خَطَبَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ.
اقرأ أيضًا: الإفتاء تحذر: الزواج والخطوبة في هذا التوقيت حرام شرعا
وينبه الحديث على أنه لا يجوز للمحرم أن يعقد النكاح لنفسه ولا لغيره بالوكالة أو الولاية وهذا من محظورات الإحرام، أما في أيام التشريق بعدما يتحلل من إحرامه بفعل المناسك الثلاثة التي هي رمي جمرة العقبة وحلق الرأس وطواف الإفاضة والسعي معه فإنه يجوز له ذلك لأنه يباح له أن يستمتع بزوجته فكذلك يجوز أن يعقد النكاح.
وذكر الشافعية أنه إذا وقع العقد النكاح أثناء الإحرام وقبل التحلل كان باطلًا، فقال الشربيني رحمه الله في "مغني المحتاج" (4/ 258): "إحرام أحد العاقدين من ولي أو زوج أو وكيل عن أحدهما أو الزوجة بنسك - ولو فاسدا - يمنع صحة النكاح؛ لحديث: «المحرم لا ينكح ولا ينكح» رواه مسلم".
وذهب الأحناف إلى صحة عقد نكاح المحرم، وقالوا إنما يحرم الوطء «يعني الدخول والجماع»، كما جاء في كتاب "الاختيار" للموصلي: "يجوز أن يتزوج المحرم حالة الإحرام، لأن النبي عليه الصلاة والسلام «تزوج ميمونة وهو محرم». والمحظور الوطء ودواعيه، لا العقد، وهو محمل ما روي أن النبي عليه الصلاة والسلام «نهى أن ينكح المحرم».
ورأى الأحناف أنه إذا حدث الدخول -بناء على صحة العقد عند الحنفية- فيجب ذبح شاة توزع في الحرم عن كل جماع عند أبي حنيفة، خلافا للصاحبين، قال في "الاختيار" (1/ 165): "إن جامع فيها -أي العمرة- بعد أربعة أشواط لم تفسد؛ لوجود الأكثر، وعليه شاة؛ لأنها سنة [يعني العمرة]". وقال ابن نجيم رحمه الله في "البحر الرائق شرح كنز الدقائق" (3/ 19): "لو جامع بعد ما طاف أربعة أشواط لزمه شاة، ولا تفسد عمرته؛ لأنه أتى بالركن"، وفي "الجوهرة النيرة" للحدادي (1/ 171): "من جامع في العمرة قبل أن يطوف لها أربعة أشواط أفسدها ومضى فيها وقضاها وعليه شاة، وإن جامع بعدما طاف لها أربعة أشواط فعليه شاة. ولا تفسد عمرته".
وقال جُمْهُورَ أَهْلِ العِلْمِ يَقُولُونَ: إِنَّ العقد فَاسِدٌ، بِمَعْنَى: أَنَّ آثَارَهُ لَا تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، فَلَوْ أَنَّهُ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ، نَقُولُ بِهَذَا العَقْدِ: لَا يَحِلُّ لَكَ فَرْجُهَا، وَلَيْسَتْ زَوْجَةً لَكَ، وَلَوْ مَاتَتْ لَمْ تَرِثْهَا؛ لِأَنَّهَا ليَسْتَ زَوْجَةً لَكَ، وَلَا تَكُونُ هُنَاكَ مَحْرَمِيَّةٌ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا، إِلَى آخِرِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا الزَّوَاجِ؛ لِأَنَّ هَذَا نِكَاحٌ فَاسِدٌ، وَهَذَا هُوَ رَأْيُ جُمْهُورِ العُلَمَاءِ، وَإِنَّمَا كَانَ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْهُ، وَالنَّهْيُ مُتَوَجِّهٌ إِلَى ذَاتِ النِّكَاحِ، فَإِذَا تَوَجَّهَ النَّهْيُ إِلَى شَيْءٍ أَبْطَلَهُ.
واستدَلَّ جمهور العلماء عَلَى هَذَا بمَا ثَبَتَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي «مُوَطَّأ مَالِكٍ»: «لَمَّا تَزَوَّجَ أَبَا غَطْفَانَ المُرِّي امْرَأَةً، رَدَّ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ نِكَاحَهُ» يَعْنِي: أَبْطَلَهُ، وَثَبَتَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ فِي «سُنَنِ البَيْهَقِيِّ»، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «لَا يَنْكِحُ المُحْرِمُ، فَإِنْ نَكَحَ رُدَّ نِكَاحَهُ» يَعْنِي: أُبْطِلَ، وَلَمْ يُعْتَبَرْ مَقْبُولًا.
ورد جمهور العلماء على رأي الأحناف: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ مُحْرِمٌ» فَلإن الجواب مِنْ عِدَّةِ أَوْجُهٍ، أَحَدُهَا: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمَّا قَالَ: «وَهُوَ مُحْرِمٌ»، ذَكَرَ جَمْعٌ مِنَ العُلَمَاءِ -وَهُوَ مَنْقُولٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ: أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهِمَ فِيَ هَذَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ»، مِنْ حَدِيثِ يَزِيدِ بْنِ الأَصَمِّ -وَكَانَتْ مَيْمُونَةُ خَالَتَهُ وَخَالَةَ ابْنِ عَبَّاسٍ: «أَنَّ مَيْمُونَةَ حَدَّثَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ».
وأوضح جمهور العلماء: فَيَزِيدُ بْنُ الأَصَمِّ يُخْبِرُ عَنْ قَوْلِ مَيْمُونَةَ صَاحِبَةِ القِصَّةِ وَالشَّأْنِ، وَأَمَّا ابْنُ عَبَّاسٍ فَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهَا وَإِنَّمَا أَخْبَرَ هُوَ، فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ وَهِمَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الرَّسُولَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهُوَ حَلَالٌ، حَدِيثُ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ إِرْسَالٌ بَيْنَ سُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ، إِلَّا أَنَّهُ يَشْهَدُ لِحَدِيثِ مَيْمُونَةَ الَّذِي فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ»، قَالَ: «تَزَوَّجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَيْمُونَةَ حَلَالًا، وَبَنَى بِهَا حَلَالًا». أَيْ عَقَدَ عَلَيْهَا حَلَالًا، وَدَخَلَ بِهَا حَلَالًا، قَالَ: «وَكُنْتُ السَّفِيرَ بَيْنَهَا». أَيْ بَيْنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- فِيهِ وَهْنٌ.
وتابع: وَالْأَمْرُ الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ لَيْسَ المُرَادُ أَنَّهُ مُحْرِمٌ، وَلَكِنَّهُ فِي الشَّهْرِ الحَرَامِ، أَوْ فِي البَلَدِ الحَرَامِ، والأَمْرٌ الثَالِثٌ، وَهُوَ: أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ العِلْمِ حَمَلَ زَوَاجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الخُصُوصِيَّةِ، فَقَالَ: إِنَّ نِكَاحَ المُحْرِمِ مُحَرَّمٌ عَلَى الجَمِيعِ إِلَّا فِي حَقِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ: حَدِيثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا الثَّابِتِ فِي «الصَّحِيحِ»: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَيُبَاشِرُ وَهُوَ صَائِمٌ، وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ».
وَقَوْلُهَا: «وَكَانَ أَمْلَكَكُمْ لِإِرْبِهِ»(9)، هَذِهِ الجُمْلَةُ تُفِيدُنَا فِي بَابِ النِّكَاحِ فِي الإِحْرَامِ؛ لَأَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا بَنَى بِالْمَرْأَةِ وَعَقَدَ عَلَيْهَا، كَانَ ذَلِكَ وَسِيلَةً إِلَى وَطْئِهَا، وَقَدْ لَا يَتَمَكَّنُ الإِنْسَانُ مِنْ مَنْعِ نَفْسِهِ مِنَ الوُقُوعِ فِي هَذَا المَحْظُورِ، وَهَذَا الأَمْرُ فِي حَقِّهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَأْمُونٌ، وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ غَيْرُ مَأْمُونٍ؛ فَلِهَذَا حَمَلَهُ بَعْضُ العُلَمَاءِ عَلَى الخُصُوصِيَّةِ، وَقَالَ: إِنَّهُ خَاصٌّ بِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ.
لَكِنْ أَقْوَى الأَجْوِبَةِ: هُوَ الجَوَابُ الأَوَّلُ، وَهُوَ الَّذِي يَذْكُرُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ.
ثُمَّ إِنْ تَعَارَضَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَرِوَايَةُ يَزِيدِ بْنِ الأَصَمِّ، فَالْعُلَمَاءُ عِنْدَهُمْ قَاعِدَةٌ: «إِذَا تَعَارَضَا تَسَاقَطَا»، ثُمَّ رُجِعَ إِِِلَى الأَصْلِ، وَالْأَصْلُ عِنْدَنَا حَدِيثُ عُثْمَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ عُثْمَانٍ نَصٌّ عَامٌّ فِي كُلِّ مُحْرِمٍ؛ لأنه قال: «لا يَنْكِح المحرم»، وَهَذَا لَفْظٌ عَامٌّ يَشْمَلُ جَمِيعَ المُحْرِمِينَ، لَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ أَحَدٌ إِلَّا بِنَصٍّ صَحِيحٍ صَرِيحٍ.
وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَعَ حَدِيثِ يَزِيدِ بْنِ الأَصَمِّ فِي أَقَلِّ الأَحْوَالِ: أَنَّهُمَا تَعَارَضَا فَتَسَاقَطَا؛ فَيُرْجَعُ إِلَى الأَصْلِ، وَهُوَ حَدِيثُ عُثْمَانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الَّذِي يَنْهَى المُحْرِمَ عَنِ النِّكَاحِِ.
حكم خطوبة المرأة المعتدة
نبه الفقهاء على أنه لا يجوز التصريح بخطبة المعتدة، سواء كانت معتدة من طلاق رجعي أو بائن، أو في عدة وفاة.
وأما التعريض ففيه تفصيل: إن كانت المرأة معتدة من طلاق رجعي، فلا يجوز التعريض لها بالخطبة، لأن الرجعية لا تزال زوجة، قال الله تعالى في شأن المطلقة طلاقًا رجعيًا: «وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا» (البقرة: 228)، فسمى الزوج المطلق لزوجته طلاقًا رجعيًا «بعلًا» أي زوجًا.. فكيف يمكن لرجل أن يتقدم لخطبة امرأة وهي لا تزال في عصمة زوجها؟.
وإذا كانت في عدة وفاة، أو طلاق ثلاث، أو فسخ النكاح لأجل عيب في أحد الزوجين أو لسبب آخر، فيجوز التعريض لها بالخطبة، ولا يجوز التصريح، وقد دل على جواز التعريض هنا قوله تعالى: «وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ » (البقرة: 235).
اقرأ أيضًا:
الحكمة من فترة العدة للمطلقة أو الأرملة | الإفتاء تجيب
هل يجوز التصريح للأرملة بطلب الزواج منها أثناء العدة ؟
حكم الزواج بدون ولي أو شهود.. الإفتاء تحدد 5 شروط للنكاح الصحيح


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.