الحج ركن عظيم من أركان الإسلام، فرضه الله سبحانه على المسلم المستطيع بقوله: «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ»، {آل عمران: 97}، فهو من أفضل الأعمال والقربات عند الله، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: « سُئِلَ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قِيلَ ثُمَّ مَاذَا قَالَ حَجٌّ مَبْرُورٌ»، رواه البخاري، ومسلم. وللحج تسعة محظورات للإحرام على ثلاثة أقسام : أولا محظورات الإحرام المشتركة بين الرجال والنساء: 1- إزالة شعر الرأس أو البدن بحلق أو نتف: لقوله تعالى: «وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ»، فنهى سبحانه عن حلق الرأس حال الإحرام، لأن حلق الرأس من أشكال الرفاهية، وهي تتنافي مع مقاصد الإحرام. 2- تقليم الأظافر: فقد نص أهل العلم على أن تقليم الأظفار ممنوع منه المحرم حال إحرامه، لأنه من أشكال الرفاهية، قال ابن قدامة: «أجمع أهل العلم على أن المحرم ممنوع من أخذ أظفاره، لكونه مؤذنا بالرفاهية وهي منافية لحال المحرم»، أما لو انكسر ظفره وتأذى به فقال جماعة من أهل العلم لا بأس أن يزيل المؤذي منه فقط ولا شيء عليه. 3- ويمنع على المحرم قتل الصيد حال الإحرام: لقوله تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ»، فيحرم الاصطياد حال الإحرام، بإجماع المسلمين وعليه الجزاء. 4- تعمد استعمال الطيب بعد الإحرام في الثوب أو البدن أو غيرهما، أما الطيب الذي يتطيب به قبل الإحرام، فإنه لا يضره بقاؤه بعد الإحرام، لأن الممنوع بعد الإحرام، ابتداء الطيب دون استدامته. وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم : «وَلا يَلْبَسْ مِنْ الثِّيَابِ شَيْئاً مَسَّهُ زَعْفَرَانٌ أَوْ وَرْسٌ»، لأنهما من الطيب. 5- ومن أعظم محظورات الإحرام على الرجل والمرأة الجماع في الفرج، ويفسد به الحج- إذا كان قبل التحلل الأول- ويلزم إكمال مناسك حجه، وإن كان فاسدا، وعليه فدية بدنة، وقضاؤه في العام الذي بعده، كما يحرم عليه أيضا دواعي الجماع و مقدماته لسد باب الذرائع. وذلك كعقد النكاح والموافقة عليه لما ورد في صحيح مسلم عن عثمان- رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «لَا يَنْكِحُ المُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ، وَلَا يَخْطُبُ»، وكالنظر والمباشرة والتقبيل والغمز لأنها من قبيل الرفث المنهي عنه، بقوله تعالى: « الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ». ثانيا محظورات الإحرام الخاصة بالرجال 1- لبس المخيط، وهو أن يلبس الثياب ونحوها مما هو مفصل على هيئة البدن، أو العضو على صفة لباسها في العامة كالقميص، والسروال، فلا يجوز للمحرم لباسها على الوجه المعتاد، عفَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- : «أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا يَلْبَسُ الْمُحْرِمُ مِنْ الثِّيَابِ؟، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: لايَلْبَسُ الْقُمُصَ، وَلا الْعَمَائِمَ، وَلا السَّرَاوِيلاتِ، وَلا الْبَرَانِسَ، وَلا الْخِفَافَ». وقد ورد عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَخْطُبُ بِعَرَفَاتٍ: مَنْ لَمْ يَجِدْ نَعْلَيْنِ فَلْيَلْبَسِ الْخُفَّيْنِ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ إزَاراً فَلْيَلْبَسْ سَّرَاوِيلَ لِلْمُحْرِمِ». 2- تغطية الرأس بملاصق، كالطاقية ونحوها، فإنه من محظورات الإحرام، لما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى عن لبس العمائم والبرانس كما ورد فى الحديث السابق ذكره والمتفق عليه. ثالثا محظورات الإحرام الخاصة بالنساء: 1- من محظورات الإحرام للنساء لبس البرقع والنقاب ونحوهما، مما هو مفصل للوجه، فقد ورد عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «وَلا تَنْتَقِبِ الْمَرْأَةُ، وَلا تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ»، رواه البخاري . 2- لبس القفازين، وهما شراب اليدين وشبههما مما هو مخيط، أو مصنوع لليدين، وذلك كما ورد فى الحديث السابق عن رسول الله. ويباح للمراة من المخيط ما سوى ذلك كالقميص و السراويل والخفين والجوارب للرجلين ونحو ذلك، ويباح لها سدل غطاء على وجهها من رأسها، ولا يضرها مماسته لوجهها. فقد ورد عن السيدة عائشة- رضي الله عنها- أنها قالت: «كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه»، رواه أبو داود وغيره ،وكذلك يباح لها تغطية يديها بثوبها أوعباءتها أو غيرهما سوى القفازين، إذا كانت بحضرة رجال أجانب.