أعلنت عائلة الرئيس الفرنسي الأسبق، جاك شيراك، عن وفاة الأخير عن عمر يناهز 86 سنة، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية صباح الخميس، لتنتهي بذلك اليوم مسيرة الرجل الذي ظل في دائرة صنع القرار في فرنسا لعقود. وكان قد انتتخب شيراك لمنصب رئاسة الجمهورية الفرنسية عام 1995 وجدد له عام 2002، حتى انتهت رئاسته بتاريخ 17 مايو 2007. وكان قبل ذلك عمدة باريس لمدة 18 عامًا من 1977 إلى 1995، كما تولى رئاسة وزارة فرنسا مرتين، من 27 مايو 1974 إلى 26 أغسطس1976، و من 20 مارس 1986 إلى 10 مايو 1988. تم الحكم شيراك عليه بالسجن لسنتين مع وقف التنفيذ في 15 ديسمبر 2011 وذلك بعد إدانته بالفساد وتبديد المال العام، وهو الأمر الذي أخرج الرجل من دائرة الضوء الإعلامي لسنوات. وشيراك، خامس رئيس في الجمهورية الفرنسية الخامسة، ومؤسس حزب التجمع من أجل الجمهورية، ولد يوم 29 نوفمبر 1932 في خامس أحياء العاصمة الفرنسية، في أسرة ميسورة. وُلد شيراك في عيادة جيفري سان هيلير، وهو ابن أبيل فرانسوا ماري شيراك (1898-1968) ، وهو مدير تنفيذي ناجح لشركة طائرات، وأمه هي ماري لويس فاليت (1902-1973)، وكانت ربة منزل. كان شيراك طفلاً وحيدًا (توفيت شقيقته الكبرى جاكلين في مهدها قبل ولادته). وتلقى تعليمه في باريس في كورس هاتيمير ، وهي مدرسة خاصة. في عام 1956، تزوج من برناديت شودرون دي كورسيل ، ورزق منها بابنتان : لورانس (ولدت في 4 مارس 1958 ، وتوفيت في 14 أبريل 2016) وكلود (6 ديسمبر 1962)، التي عملت في مجال العلاقات العامة ومستشارة خاصة ، في حين لم تشارك لورانس، في الأنشطة السياسية مع والدها. حصل شيراك على شهادة الثانوية العامة من ثانوية لويس الأكبر فانتقل بعدها طالبًا في المدرسة الوطنية للإدارة ليحصل على دبلوم من معهد الدراسات السياسية في باريس، ودبلوم آخر من سامر سكول بجامعة هارفرد الأمريكية. كانت بداية شيراك العملية خلال عمله ضابطًا في الجيش الفرنسي في الجزائر بين عامي 1956 و1957، وبدأ مشواره السياسي في عام 1965 مستشارًا في بلدية سانت فيرول في إقليم كوريز، وبين عامي 1968 و1974، انتخب نائبًا في البرلمان الفرنسي عن حزب اتحاد الديمقراطيين الجمهوريين في الإقليم نفسه. وقف إلى جانب فاليري جيسكار ديستان حين ترشح لرئاسة الجمهورية، فعيّنه رئيسًا للوزراء، وحين اختلف معه، استقال في أغسطس 1976 ليؤسس حزب التجمع من أجل الجمهورية. ترشح في الانتخابات الرئاسية في عام 1981 ضد جيسكار ديستان، فمني بخسارة كبيرة، إذ لم يحصل إلا على 18 في المائة من الأصوات، وفاز عليه الاشتراكي فرنسوا ميتران، وفي انتخابات عام 1988، نافس ميتران فحصل على 46 في المائة من الأصوات، لكن في عام 1995، فاز على الاشتراكي ليونيل جوسبان وصار رئيسًا للجمهورية. لم يوقف شيراك نشاطه السياسي بعد مغادرته قصر الإليزيه في مايو 2007، فأسس في يونيو 2008 مؤسسة شيراك للتنمية، وهدفها تعزيز بالتنمية المستدامة والحوار بين الثقافات. أعلن في أكتوبر 2014 دعمه آلان جوبيه في انتخابات 2017 الرئاسية، بينما تدعم زوجته بيرناديت الرئيس الفرنسي اليميني السابق نيكولا ساركوزي. ألف شيراك كتبًا عدة، أهمها "خطاب فرنسا في لحظة الاختيار"، و"بصيص أمل: تأملات مسائية من أجل الصباح" و"فرنسا للجميع"، و"لتكن كل خطوة هدفًا" وهو سيرته الذاتية، و"الزمن الرئاسي". ويعد شيراك من رؤساء فرنسا وأوروبا القلائل الذين حظوا بشعبية لدى العالم العربي، وذلك لما أشيع عنه من مناصرته للقضايا العربية، ورفضه الغزو الأمريكي للعراق، حيث تميز عهد شيراك بما سمي "البعد العربي للخارجية الفرنسية". * اعترف بدولة فلسطين وعُرف بموقفه من القضية الفلسطينية، إذ استمر طويلًا في دعم حق الشعب الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، حتى أنه رفع هذه الدعوة في اسرائيل نفسها حين زارها في عام 1996، متحديًا احتلالها الأراضي الفلسطينية، ومواجهًا الجنود الاسرائيليين بشكل مباشر حين ضيقوا عليه حركته في أثناء زيارته القدسالشرقية. فهدد بقطع زيارته إذا لم يوقفوا تضييقهم. كان شيراك أول من تعامل مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات رئيسًا لدولة، فاستقبله في قصر الإليزيه بهذه الصفة، وحين مرض عرفات، سخر شيراك قدرات بلاده الصحية لإنقاذ حياته، بعدما نقل من رام الله إلى أحد مستشفيات باريس. * عارض جورج بوش الإبن عارض شيراك حرب الولاياتالمتحدة على العراق، على الرغم من أن فرنسا كانت ضمن التحالف الدولي الذي حرر الكويت من الاحتلال العراقي في فبراير 1991. فكان شيراك يدرك تداعيات دخول قوات أميركية إلى الأراضي العراقية واحتلال العاصمة بغداد واسقاط نظام صدام حسين، قال وقتها عن غزو العراق: "نحن أصدقاء واشنطن ولسنا خدمًا عندها". * لا وجود سوري عسكري بلبنان قدم شيراك مبادرة لإنهاء الوجود العسكري السوري في لبنان، كما طالب بإنهاء الهيمنة العسكرية الايرانية عليه من خلال حزب الله، علمًا أن علاقة الحريري الوطيدة مع شيراك كانت عاملًا أساس في إقرار "تفاهم نيسان" مع إسرائيل، بعد عملية "عناقيد الغضب" التي نفذتها ضد حزب الله في جنوبلبنان في عام 1996، إذ وقف شيراك بصرامة ضد إسرائيل في المحافل الدولية، مناديًا بإجبارها على وقف عملياتها العسكرية.