وسط هذا السيل من الأحداث والتقاطعات والتجاذبات واختفاء المنطق في الأحداث ترتب عليه ارتباك حسابات التحليل والفهم فالمتابع لحال مصر يجد العجب العجاب. بلد تمزقه الفرقة وتنحر أحلامه على عتبات الاستقطاب وهي أزمة لم يعرفها المصريون طوال تاريخهم النضالي فقد كنا نواجه أعداءنا موحدين على قلب رجل مما يصعب معه على عدونا أن ينفذ من شقوق الصفوف. وقرأنا جميعا أخباراً تفيد أن زوجة الرئيس محمد مرسي "أم أحمد" غادرت القاهرة بصحبة وفد رئاسي في رحلة ترفيهية إلى منتجع طابا على الحدود المصرية. وقد يكون هذا الخبر غير ملفت للأنظار في غير تلك الظرف السياسي الدقيق الذي تمر به البلاد وهو ما يدعو للتعجب كيف تفكر زوجة الرئيس في التنزه والرحلات وأبناء الوطن يسبحون في دماء الاختلاف والفرقة وكيف تقضي لحظات من الاسترخاء وزوجها يمر بأحرج لحظات حكمه منذ توليه رئاسة الجمهورية . بالطبع إن التفكير بالأمر يدعو للدهشة لكن التفكير في الأمر من زاوية أخرى قد يصحح العوار فى الفهم ويعدل من انحراف بوصلة المشهد المضطرب. الزاوية التي ارتضي منطقها في هذه الظروف أن رحلة السيدة الفاضلة إلى طابا ليست رحلة ترفيهية بل أراها رحلة خوف وبحث عن الأمان مما لا تحمد عقباه من تطورات الأحداث بالبلاد ليكون الأهل والأحباب في كنف نفوذ حركة حماس الحليفة وعناصرها المنتشرة أذرعها في شبه جزيرة سيناء يوفرون لهم الأمن من بطشة شعبية قد تدفع البلاد إلى اقتتال دامٍ لا يبقي ولا يذر. هكذا أرى تلك الرحلة خاصة أن السيدة الفاضلة لم تذهب بمفردها بل اصطحبت 12 أسرة من عائلات كبار الإخوان في مصر فلو أسقط مرسي فلن يأمن من بطش أعدائه على أسرته كما أمن مبارك وأسرته الذين وفرت لهم القوات المسلحة الأمان من غدر الشامتين. الأمر المحزن أن يعلن وفي ظل هذا الظرف الاقتصادي القاسي أن تكلفة الزيارة تبلغ 6آلاف دولار بالساعة الواحدة ولم نعرف على نفقة من تقضي هذه العائلات رحلتها الترفيهية كما أعلن. وهنا نتساءل وندعو كل من نسبوا الرئيس مرسي إلى عمر بن الخطاب وأنه من أحفاده كما أذيع في جمعة "الشرعية والشريعة" أدعوهم لتذكر موقف مر به أعدل من حكم بعد المصطفي عليه الصلاة وأتم السلام الفاروق عمر بن الخطاب عندما اشتهت زوجته الحلوى ..فماذا قال لها عمر قال: "ومن أين لعمر بثمن الحلوى" ولم يجهز لها وهو أمير المؤمنين طبق حلوى أميري يدعو إليه أحبابها لتشاركهم ويشاركونها متعة الحياة وفقراء المسلمين لا يجدون قوت يومهم. هذه كانت أخلاق المقربين أخلاق حاكم ينام مطمئنا في ظل شجرة على جانب الطريق لأنه نشر العدل وفهم عن الله مراده في الولاية العظمى "رئاسة الدولة" فأدى الذي عليه فيها ..اللهم ارزقنا الفهم عنك وافتح علينا فتوح العارفين بك وأخرجنا من دائرة سخطك إلى دائرة رضاك..والله أسأل أن يجعل الدنيا في ايدينا لا في قلوبنا إنه نعم المولى ونعم النصير.