إذا ما كنت سائرا في منطقة الدرب الأحمر وكدت تقترب من باب زويلة، وسمعت أذان الصلاة ستجد بجوارك مسجد المؤيد شيخ الأثري لتؤدي فيه صلاتك، وبجانب ذلك تمتع نظرك بتحفة معمارية رائعة. لكن هل تعرف أن هذا المسجد في الأساس كان سجنا له قصة مهمة كشفها د.محمد عبد اللطيف، أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية بجامعة المنصورة، ومساعد وزير الآثار السابق، في كتابه "أبرز المعالم الأثرية والسياحية الإسلامية والمسيحية في مصر والعالم"، الصادر عن دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر. يقول عبد اللطيف: تبدأ قصة هذا المكان بأن المؤيد شيخ كان أحد الأمراء المقربين للسلطان المملوكى برقوق وعند وفاته تولى ابنه فرج بن برقوق الذى غضب على المؤيد شيخ وقام بسجنه فى سجن يعرف باسم خزانة شمايل – وهو الموقع الحالى للمسجد – وكان من أسوأ السجون فى ذلك العصر. وذلك بعد اتهمه الملك الناصر فرج بن برقوق مع بعض الأمراء بالتآمر عليه. فنذر المؤيد شيخ إلى الله أن يهدم هذا السجن ويبنى مكانه مسجدًا لو أفرج عنه، وبعد أن حقق الله له ما أراد وفى بنذره وهدم سجن خزانة شمايل وبنى مكانه هذا المسجد والمدرسة بعد أن ضم إليهما بعض الأراضى المجاورة. ويشاء الله أن يتحول السجن إلى مسجد رائع قال عنه المقريزي المعاصر له "إنه الجامع لمحاسن البنيان الشاهد بفخامة أركانه وفخامة بنيانه وأن منشئه سيد ملوك الزمان ويحتقر الناظر له عند مشاهدته عرش بلقيس وإيوان كسرى أنو شروان ويستصغر من تآمل بديع اسطوانة الخورنق وقصر غمدان". يقع هذا الجامع بشارع المعز لدين الله ملاصقًا لباب زويلة وينسب إلى الملك المؤيد أبو النصر شيخ المحمودي الجركسى الأصل الذى تدرج فى الوظائف حتى وصل إلى أتابك العسكر – أى حاليًا وزير الدفاع – ثم ملكًا لمصر منذ عام 815 ه/ 1412 م – حتى 824 ه/ 1421م. وفترة العمل والإنشاء فى هذا المسجد تحكي مدى اهتمام السلطان المؤيد شيخ لإنجاز هذا المبنى الذي استغرق بناؤه حوالي ست سنوات، تكررت زياراته أثناءها للعمل إذ بدأ العمل فيه سنة 818 ه/ 1415م وانتهى فى سنة 824 ه/ 1421م. وقد أشرف على بناء هذا الجامع رجل يدعى بهاء الدين محمد ابن البرجى،ويضم المسجد أربع واجهات ومدخله الرئيسي يقع بالطرف الشمالي وله باب من الخشب المصفح بالنحاس المزين بالذهب والفضة،وهذا الباب نقله المؤيد شيخ من مدرسة السلطان حسن وما يزال اسم السلطان حسن منقوشًاَ على هذا الباب الذي يعتبر من أجمل وأدق الأبواب النحاسية فى زمانه. ولهذا المسجد قيمة معمارية رائعة،فقد قام مهندسه باستغلال ملاصقة المسجد لباب زويلة فاتخذ من برجى الباب قاعدتين لمئذنتيه ويوجد كتابة عليهما تذكر أنهما من عمل محمد بن القزاز عام 822 ه/ 1419م.