سلطت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية الضوء على زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للنمسا والتي بدأت أمس الأحد وتستمر حتى بعد غد الأربعاء، وأكدت أن فيينا تركز على الاستفادة من الزيارة في إجراء محادثات خلال الأسبوع الجاري في محاولة لاستغلال الأيام الأخيرة من رئاستها للاتحاد الأوروبي؛ لإحياء فكرة تكتل دول شمال إفريقيا بالاستفادة من مساعدتها للحيلولة دون استقبال المزيد من المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر الأبيض المتوسط. وقالت الصحيفة البريطانية في تقريرها المنشور على موقعها الالكتروني اليوم الاثنين إن القاهرة لم ترد حتى الآن على محاولات الاتحاد الاوروبي إقناعها بفكرة حملة التكتل بتقاسم الحمولة وتوسيع الدوريات الساحلية لمواجهة مافيا تهريب الأشخاص على طول الساحل الأوسع لشمال إفريقيا. وأشارت فايننشال تايمز إلى أنه من المقرر أن يلتقي الرئيس عبد الفتاح السيسي مع المستشار النمساوي، سيباستيان كورتز، في العاصمة فيينا اليوم، فضلا عن لقاء مجموعة من القادة الأفارقة والأوروبيين لبحث التعاون الاقتصادي. ويعد منتدى إفريقيا أوروبا آخر حدث كبير من نوعه تشهده النمسا كرئيس للاتحاد الأوروبي خلال فترة الستة أشهر في فيينا، والتي كان التركيز الرئيسي فيها على إدارة ملف الهجرة غير الشرعية. وتابعت الصحيفة البريطانية أنه في إطار هذه الجهود، كان تواصل المستشار النمساوي ورئيس الاتحاد الاوروبي دونالد تاسك، مع الرئيس السيسي جزءا من الجهود الرامية إلى سد الانقسامات الأوروبية حول الهجرة من خلال منع المهاجرين غير الشرعيين من الوصول إلى دول الكتلة الاوروبية. وفي إشارة إلى استمرار التوترات بشأن القضية في أوروبا، أطلقت الشرطة البلجيكية أمس الأحد، الغاز المسيل للدموع وفتحت خراطيم المياه في مواجهة المتظاهرين خارج مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل بعد أن سار نحو 5000 شخص ضد اتفاقية الهجرة الخاصة بالأمم المتحدة. وقال أحد الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، وفقا ل «فايننشال تايمز» إننا نرغب في التعاون مع الدول حتى تمنع الناس من المغادرة بشكل غير منتظم في المقام الأول. وأضاف: «هنا تأتي أهمية مصر، كونها فعالة للغاية في الحفاظ على أمن مياهها الإقليمية وحالت دون وصول المهاجرين غير الشرعيين، كما أنها قد أظهرت أنه من الممكن تأمين خط ساحلي طويل - وهو ما يمكن للآخرين محاكاة ذلك» وأعرب الداعمون لخطط مصر في تأمين البحر المتوسط في أن يستغل السيسي زيارته لفيينا لتوسيع ما هو على استعداد لتقديمه وما يريده في المقابل. وقال دبلوماسيون أوروبيون، إن القاهرة لم توافق بعد على مقترحات أوروبية بأن تشارك في دوريات بحرية مشتركة إقليمية لإنقاذ المهاجرين غير الشرعيين واحتمال إعادتهم إلى مصر. ووفقا للصحيفة البريطانية، فإنه من المفهوم أن مصر تشعر بالقلق من أن هؤلاء الذين يتم إنقاذهم يمكن أن يتسببوا في مشاكل أمنية وينتهي بهم الأمر للبقاء لديها لسنوات، إذ أنه غالبًا ما يكون إعادة المهاجرين إلى أوطانهم أمرًا صعبًا لأنهم فقدوا أو دمروا أو لم يكن لديهم وثائق تثبت هوياتهم. وأشارت فايننشال تايمز إلى أن السيسي وكوزتز قد تحالدثا هاتفيا الأسبوع الماضي قبل اجتماعهما في فيينا. وقالت إن بعض الدبلوماسيين الاوروبيين، من الذين يشيرون إلى أن القاهرة غير راغبة في تقديم المزيد من المساعدات، ربما يخشون من أن تضع مصر ثمنًا باهظًا لأي تعاون متزايد، مشيرة إلى مثال ما يدفعه الاتحاد الاوروبي والذي تبلغ قيمته ستة مليارات يورو إلى تركيا بموجب اتفاق 2016 على أن تستعيد أنقرة المهاجرين الذين سافروا من أراضيها إلى الجزر اليونانية. وأضافت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي ظل محبوسًا لسنوات في صراع داخلي حول كيفية التعامل مع الهجرة غير الشرعية، على الرغم من أن أعداد الوصول هذه السنة كانت جزءًا من طالبي اللجوء البالغ عددهم 2.5 مليون طالبًا بالتماس اللجوء إلى دول الاتحاد في 2015. وفشل قادة الاتحاد الأوروبي مرة أخرى في الاتفاق على إصلاح نظام اللجوء إلى دول الاتحاد الاوروبي في قمة الأسبوع الماضي، وبعد ذلك قالوا إن التعاون المكثف مع الدول التي ينحدر منها المهاجرون يجب أن يكون من خلال استمرار ومواصلة تطويرها وتنفيذها بالكامل. ويقول معارضو خطة السيسي إن النموذج الأفضل سيكون التعاون الأكثر تواضعا مع المغرب، حيث يقدم الاتحاد الأوروبي المال لتحسين أمن الحدود وشراء معدات مثل نظارات الرؤية الليلية. ولكن تأمل دول الاتحاد الأوروبي أن تضع الهجرة على جدول الأعمال في أول قمة تعقدها في فبراير المقبل مع جامعة الدول العربية، والتي تضم 22 دولة من بينها الدول الساحلية الخمس في شمال إفريقيا، مصر، ليبيا، الجزائر، تونس والمغرب.