تتميزأسوان محافظة هادئة باستقرار عجيب وصفه الكاتب العملاق عباس العقاد بأن كل شيء ثابت ومستقر في أسوان إلا الزمن . الزمن هو المتغير الوحيد في هذه المحافظة، فهي مستقرة اجتماعياً وأمنياً، حيث تؤكد دفاتر أحوال وزارة الداخلية ومديرية أمن أسوان أن المحافظة تتمتع بأقل معدلات الجريمة علي مستوي الجمهورية. حتي أن عادة الثأر التي تتصف بها أغلب محافظات الصعيد تكاد تكون منعدمة في أسوان .. والدليل علي ذلك أن أي مشاجرات بين أي أفراد أو عائلات ويسقط فيها ضحايا أو مصرع شخص ما ، فإن الذي يتم في هذه الحالات أن أسرة القتيل لا تتجه مباشرة إلي الآخذ بالثأر بل تتدخل كافة القيادات الشعبية والطبيعية والتنفيذية داخل محافظة أسوان وأيضاً المحافظات المجاورة وعليه فإن الجميع من الطرفين سواء أسرة القتيل أو القاتل يصغون لصوت العقل ويتم تحديد موعد لعقد مؤتمر صلح ويتم إنجاح هذه المؤتمرات التي يشهدها الآلاف من المواطنين والذي يتجاوز في بعض المؤتمرات ال 5 ألاف شخص وذلك كله بهدف حقن الدماء ولا يتم التفكير إطلاقاً في الآخذ بالثأر بعد ذلك حتى أنه في كثير من هذه المؤتمرات يقوم أحد أفراد أسرة القاتل بتقديم الكفن نيابة عن الجاني الفعلي الذي يكون داخل السجن ليؤدي العقوبة الموقعة عليه بعد ارتكابه لجريمة القتل . وهذا ما يؤكده الشيخ السيد الإدريسي الشريف وأيضاً الشيخ كمال تقادم ، والشيخ عبد السلام مصطفي والذين يمثلون رؤساء للجان الصلح في أكثر من صلح وينجحون في إقناع العائلات المتنازعة في إقامة الصلح وإنهاء الخصومات الثأرية ، وجميعهم يؤكدون أيضاً على ضرورة نشر روح المحبة والتسامح والتعاون بين جموع المواطنين بمختلف قبائلهم وعائلتهم لما يعود بالنفع علي كل فرد ويحقق معه التكاتف والتصدي لأي قوة معادية من الخارج وخاصة أن ما يؤدي لحدوث ذلك هو مشاجرة بين طرفين علي قطعة أرض أو أطفال ويؤدي معه إلي وقوع ضحايا . كما أكد محافظ أسوان مصطفي السيد خلال حضوره أكثر من 10 مؤتمرات صلح بين عائلات متنازعة خلال العامين الماضيين في مدن أسوان وكوم امبو وادفو علي أهمية إنهاء مثل هذه الخصومات ونبذ الخلافات وردم بؤر الدم تطبيقاً للمعاني السمحة للدين الإسلامي لإرساء دعائم الاستقرار والسلام والأمان من أجل تحقيق أمال وطموحات كافة فئات المجتمع والوصول إلي التنمية الشاملة في كافة المجالات الحياتية . ومراراً وتكراراً يشيد بالجهود المتميزة لرجال الدين والقيادات الأمنية والشعبية ومساعي الصلح بالمحافظة في التوفيق بين العائلتين لوقف إراقة الدماء وتحقيق التسامح بين أبناء المجتمع الواحد . وأضاف المحافظ أن السرعة التى يتم بها عقد الصلح إنما تدل على المجهودات المتميزة للجان الصلح والقيادات الأمنية بالمحافظة ويدعو خلال هذه المؤتمرات جميع الأطراف المتخاصمة بالمحافظة إلى الالتفاف إلى صوت العقل والتفرغ إلى العمل المثمر فقط . ومن جانب أخر يشير الشيخ محمد عبد العزيز مدير مديرية الأوقاف بأسوان إلي أن أهل أسوان أهل خير ولا يهتمون بالعادات السيئة ومنها عادة الأخذ الثأر لأنهم يفضلون حقن الدماء وذلك في سبيل تأمين الحياة ، ونشر التسامح والصفح مصداقاً لقول الله تعالي " فمن عفا وأصلح فأجره علي الله " والدليل علي ذلك أنه تم في نهاية العام الماضي بعد نجاح مساعي الخير بأسوان إنهاء أثنين من الخصومات الثأرية دفعة واحدة بين ثلاث هي عائلات الجوابر وآل كرار وآل عطا بمدينة البصيلية ، مرجعاً ذلك للجهود المتميزة لرجال الدين والقيادات الأمنية والشعبية والأهلية في التوفيق بين العائلات المتخاصمة لوقف إراقة الدماء وتحقيق التسامح بين أبناء المجتمع الواحد ، علي الرغم من أن الخصومة الثأرية الأولي ترجع إلي عام 1979 ولم يحدث أن قام أي فرد من الأطراف المتنازعة بآخذ الثأر من الأخر والخصومة الثأرية الثانية فكانت بين عائلتي الجوابر وآل أبو عطا وترجع إلي عام 1994 . وأثناء هذه الأحداث يقوم أهالي الخير بأسوان بتوحيد الرؤي وتقريب وجهات النظر في إنهاء أي خصومة بالصلح من خلال مساعي حثيثة للصلح بين العائلات المتخاصمة بالتعاون مع الجهات الأمنية والقيادات الطبيعية . مؤكداً علي أن هناك خصومات بين العائلات ولكن يتم نهوها بالصلح ونجد أيضاً أنه تم في إبريل الماضي إنهاء خصومة ثأرية استمرت قرابة 6 سنوات ، وأضاف محمد عبد العزيز إلي أن مساعي الصلح لا تكون لإنهاء خصومات ثأرية بين مسلمين فقط بل شاهدنا في ديسمبر 2010 بقرية الرغامة بكوم امبو إنهاء خصومة ثأرية بين عائلتين قبطيتين بحضور اللواء مصطفي السيد محافظ أسوان ومدير الأمن والأنبا هدرا مطران أسوان ، وكانت تعود وقائع الخصومة إلى عام 2008والذي تدخل وأنهي هذه الخصومة هم المسلمين وذلك لأن أبناء مصر من المسلمين والأقباط يد واحدة إلي يوم الدين ، مؤكداً علي أن أسوان دائماً من الخير وإلي الخير والجميع يسعي إلي تحقيق السلام الاجتماعي والمجتمعي . وفي نفس السياق وبعد أن تم بحث كافة أسماء المرشحين لانتخابات مجلسي الشعب والشوري القادمة فاتضح أنه لا توجد بينهم أي خصومات ثأرية لأن المرشحين أنفسهم شاركوا من قبل في العديد من مؤتمرات الصلح وكان لهم دوراً إيجابياً في إتمام الصلح بين العائلات المتنازعة . ويأخذنا الحديث إلي ما شهدته أسوان خلال شهر نوفمبر الماضي حيث توصلت لجنة المصالحة برئاسة السيد الإدريسي نقيب الأشراف بأسوان إلي اتفاق مصالحه بين أبناء نقاده وبني هلال وذلك بعد الاشتباكات التي شهدتها مدينة أسوان بين الطرفين والذي أسفر عن مصرع شخصين وإصابة 36 آخرين حيث يقضي الاتفاق بقيام كبار وقيادات القبيلتين بمنع حدوث أي اشتباكات مستقبلية أو مناوشات تهدد أمن وسلامة استقرار المجتمع الأسواني ، بجانب إعادة فتح الطرق الرئيسية والفرعية في منطقة خور عواضه والتي شهدت الأحداث ، مع إزالة أي مخلفات أو إشغالات تعوق حركة السير الطبيعية عليها .