يهود العريان

ناقشت فى مقالى أمس سذاجة الدعوة التى أطلقها أخيراً الدكتور عصام العريان، نائب رئيس حزب الإخوان، مستشار الرئيس مرسى، ليهود إسرائيل الذين تركوا مصر كى يعودوا إليها من جديد، وربطناها بذلك الطلب الذى أرسلته مؤسسة يهود مصر بفرنسا إلى رئيس الجمهورية فى يوليو الماضى تطالب بتعويض اليهود الذين تركوا مصر عن ممتلكاتهم البالغ قدرها 30 مليار دولار حسب ما ورد فى الطلب.
ولقد اعتمد العريان فى دعوته السخية هذه على مقولة مغلوطة، وهى أن الزعيم الراحل جمال عبدالناصر «طرد» هؤلاء اليهود ظلماً وعدواناً، والحقيقة أن التاريخ يشير إلى أن يهود مصر كانوا قد بدأوا الهجرة إلى إسرائيل قبل قيام ثورة يوليو بعشرات السنوات، ومنذ صدور وعد بلفور عام 1917 الذى بدأت معه موجات الهجرة الأولى لفلسطين، ثم كانت الموجة الثانية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وإنشاء دولة إسرائيل على أرض فلسطين، وهو ما وضع اليهود فى جميع الدول العربية فى وضع حرج، خاصة بعد حرب 1948 حيث كانت الدولة التى ينتسبون إليها وجدانياً فى حالة حرب مع تلك التى يقيمون بها.
أما من تركوا مصر بعد حرب السويس فى 1956 فكان وراء هجرتهم من مصر عاملان أساسيان، أولهما تصاعد الشعور القومى وزيادة العداء للقوى الأجنبية التى سيطرت على مقدرات البلاد طوال وقت الاحتلال، وقد كان معظم اليهود المقيمين فى مصر يتمتعون بجنسيات هذه الدول.
أما العامل الثانى، وقد كان هو العامل المباشر الذى أدى لإسراع من تبقى منهم بمغادرة البلاد، فهو ما ورد فى كتاب ديفيد بن جوريون مؤسس إسرائيل Memoirs 1970 - أى «مذكرات» - حيث قال إن الأعمال «الإرهابية» التى كان يقوم بها الإخوان المسلمون ضد اليهود فى مصر هى ما جعل حياتهم غير محتملة، وأدى إلى مغادرتهم البلاد، وإن كان بن جوريون قد لام على الغالبية العظمى منهم أنهم اختاروا أن يستقروا فى دول أوروبا التى كانوا يحملون جنسياتها بدلاً من إسرائيل.
كما أشار إلى أن من كانوا يأتون إلى إسرائيل كانوا يهدفون فقط للحصول على عنوان داخل الدولة اليهودية، لكنهم كانوا يذهبون للإقامة الدائمة خارجها، فأى من هؤلاء يريد العريان تعويضهم؟ ومن أين سيأتى لهم بهذه التعويضات؟
أم أن المسألة لا تعدو كونها محاولة لإرضاء أمريكا وإسرائيل؟!
نقلا عن المصرى اليوم