* أغلبية المنشآت الحكومية غير آمنة وتفتقد تطبيق كود مكافحة الحرائق وأنظمة الإطفاء * 900 مليون إجمالي تعويضات الحرائق خلال 3 أعوام و21% من الحرائق بسبب الماس الكهربائي * التعاقد مع شركات "غير مرخصة" من الباطن.. سبب فشل أنظمة مكافحة الحرائق * قلة أعداد المفتشين وغياب ثفافة السلامة المهنية وراء زيادة الحرائق تداولت وسائل الاعلام، واقعة نشوب حريق هائل في قاعة الاجتماعات، بالطابق الرابع بمستشفى الحسين الجامعي، التابع لجامعة الأزهر بالدراسة، والذي أسفر عن وفاة مسن وإصابة آخرين بحالات اختناق. وأقر مدير المستشفى في أقواله أمام النيابة، بأن بداية نشوب الحريق بسبب ماس كهربائي بقاعة اجتماعات بالدور الرابع، وكانت الإدارة العامة للحماية المدنية بالقاهرة، دفعت ب 15 سيارة إطفاء للسيطرة على الحريق. وسبق تلك الواقعة، حريق بأحد المبانى الإنشائية بالمتحف المصرى الكبير فى منطقة الهرم، وتم الدفع حينها بما يقرب من 17 سيارة إطفاء وسيارات تبريد وتجرى لإخماد الحريق. إجمالي الحرائق وأظهرت بيانات رسمية صادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، أن إجمالى حوادث الحريق التى تم رصدها خلال عام 2016 بلغ عددها 45.697 ألف حادث، واحتلت القاهرة المركز الأول من حيث العدد ب7289 حادثا، وهو ما شكل نسبة 16% من إجمالى عدد الحوادث، و28.2% من إجمالى تلك الحوادث حدثت بالمبانى السكنية، و6.6% من إجمالى حوادث الحريق شبت بالمخازن والمحلات بعدد 3029 حادثًا، تلاه تلك الحوادث التى شبت بوسائل المواصلات، والتى بلغ عددها 2441 حادثًا بنسبة 5.3% من إجمالى حوادث الحريق لعام 2016، وأما المنشآت الحكومية فقد شهدت 788 حادث حريق، تلاها المنشآت الصناعية التى تعرضت ل696 حادث حريق خلال 2016. خسائر الحرائق فيما كشف الاتحاد المصرى للتأمين أن إجمالى عدد الحرائق وفقًا لآخر إحصائية لعام 2015 في مصر بلغ 37 ألفًا و583 حريقًا، مقابل 34 ألفًا و828 عام 2014 بنسبة زيادة قدرها 7.9%، ويأتى الإهمال في المرتبة الأولى لحوادث الحريق ب19705 حوادث بنسبة 52.4%، يليه الحريق العارض ب16857 حادثة بنسبة 44.9%، ثم الحريق العمد ب1021 حادثة بنسبة 2.7% خلال عام 2015. أسباب الحريق ووفقا للاتحاد، تعتبر أهم المسببات الرئيسية للحريق النيران الناتجة عن إلقاء جسم مشتعل "أعقاب السجائر - أعواد كبريت- مادة مشتعلة- شماريخ" بنسبة 56.5%، ثم الماس الكهربائي والشرر الاحتكاكي بنسبة 21%، ثم مواقد وأفران وغلايات بنسبة 7.7%، ثم الاشتعال الذاتى بنسبة 7.4%، ثم حرائق غازات 6.6% وفى المرتبة الأخيرة الحرائق البترولية والسوائل الملتهبة بنسبة 0.8% من إجمالى مسببات الحريق، وتكبد الاتحاد المصرى للتأمين، إجمالي تعويضات تأمينات الحريق خلال ال4 سنوات الماضية، نحو 900 مليون جنيه. غياب السلامة المهنية ويتحدث المهندس محمد كمال، خبير السلامة المهنية، أن بعض تلك المنشآت تفتقد شروط الأمن الصناعى والسلامة المهنية وهو ما ينذر بكوارث مستقبلية لقرابة 2 مليون منشأة على مستوى الجمهورية، والمفترض أن السلامة والصحة المهنية هي التي تهتم بالحفاظ على سلامة الإنسان وصحته، وذلك بتوفير بيئات عمل آمنة خالية من مسببات الحوادث أو الإصابات أو الأمراض المهنية، وهي مجموعة من الإجراءات والقواعد والنظم في إطار تشريعي تهدف إلى الحفاظ على الإنسان من خطر الإصابة، والحفاظ على الممتلكات من خطر التلف والضياع. وتابع :توجد السلامة المهنية داخل المصانع والمستشفيات وأماكن العمل المختلفة وفي المنشآت التعليمية، لحماية العنصر البشري والعنصر المادي المتمثل في المنشآت وما تحتويه من أجهزة ومعدات من التلف والضياع نتيجة للحوادث، وقد تم تطبيق كود الحرائق عام1997, ولكن الاغلبية من المنشأت غير آمنة من الحرائق، فهناك منشأت لديها أحمال كهرباء لنشاطات بهذه المباني لا تتواكب مع طاقة الكابلات, مما يعرضها للماس الكهربائي وانصهار التوصيلات بسهولة شديدة, كما أن أغلب المنشأت تفتقد نظم الوقاية من الحرائق والتأمين والاطفاء الذاتي، وهوالنظام المرتبط بنوعية النشاط، فهناك انظمة أطفاء بالغازات لاطفاء حرائق البترول، ونظام الماء لاطفاء الخشب والمنسوجات". آلية الوقاية وكشف المهندس مدحت سليم، مديرإحدي شركات انظمة الاطفاء ومكافحة الحرائق، أن الوقاية من الحرائق لا تتطلب فقط وجود طفايات الحريق أو صناديق خراطيم المياه، ولكن الامر يبدأ منذ تشييد المبنى من مواد مقاومة للحريق، وتتناسب مع الحمولة الحرارية المحتملة، ويتم تصميم الطرقات والممرات وسلالم المباني بحيث تسمح يإخلاء المبنى بسهولة، وتعليق اللوحات الإرشادية التى تدل على أماكن الهروب في حال نشوب أى حريق، وعمل حوائط من مواد مقاومة للنيران بحيث يصعب نفاذ النيران من خلالها. مقاولات من الباطن "بعض المنشأت الجديدة تلجأ للتعاقد مع مكاتب كبيرة للمقاولات ولكن تلك المكاتب تتعاقد من الباطن مع شركات أنظمة إطفاء غير مرخصة وغير مسجلة بالاتحاد المصري للمقاولات، وتستخدم خامات غير جيدة وربما مغشوشة، وبالتالي عند حدوث الحرائق تصبح أنظمة الاطفاء غير فاعلة ولا تعمل، بالاضافة لأزمة المباني غير المرخصة، فالمعترف به قانونا أن المباني المرخصة يتوجه أصحابها بخطاب رسمي لهيئة الحماية المدنية قبل البناء لترسل لجنة تعاين المكان وتوصي بإرشادات السلامة التي يجب تطبيقها، بعد موافقة ادارة السلامة والصحة المهنية بمديرات القوي العاملة، ولكن المباني المخالفة لا تراعي ذلك، والعقوبة ضعيفة ولا تتجاوز تسديد بضعة جنيهات".. حسب قول مسؤل شركة أنظمة الاطفاء. عقوبات ضعيفة وتابع " القانون الخاص بالدفاع المدني رقم148 لسنة 59 يحدد عقوبات ضعيفة علي المخالفات ومنها الحبس سنتين أو الغرامة التي لا تصل إلي10 آلاف جنيه, ولهذا لابد من تشريع يجعل الحبس وجوبيا بالنسبة للمخالفة الخاصة بأشتراطات السلامة المهنية ومكافحة الحرائق". شركات غير مرخصة وهو ما اكده المهندس داكر عبدالله، عضو الاتحاد العام لمقاولي مصر، ان هناك قرابة 30 ألف شركة مقيدة بالاتحاد، وشركات أنظمة الاطفاء من ضمن تلك الشركات، وتعمل في مجال الكهروميكانيا، ولابد أن تحصل علي بطاقة التصنيف، ولكن هناك آلاف الشركات تعمل بدون ترخيص، وهو سوق موزاي للسوق الرسمي يمثل اكثر من 80 % من إجمالي السوق المصري، وهو سبب إنهيار منظومة مكافحة الحرائق بمصر، ويعملوا فقط بالسجل والبطاقة الضريبة، ويعملوا بلا رقيب علي خامات العمل وطريقة التركيب والصيانة لانظمة الاطفاء ومكافحة الحريق. عدم تطبيق الكود المصري وخلال تصريحات صحفية، كشف اللواء ممدوح عبد القادر مدير الحماية المدنية بالقاهرة الأسبق، أن معظم المنشآت الحكومية لا توجد بها وسائل مكافحة النيران ضد أخطار الحرائق، والجانب الأكبر من الوزارات لا توجد بها اشتراطات تأمينية ضد أخطار الحرائق، ولهذا لابد أن تقوم كافة الوزارات بالالتزام بالكود المصرى للاشتراطات الآمنة ضد أخطار النيران، ولابد من جود طلمبات و طفايات حريق، وان يتم الاعتناء بها بشكل دورى، مع ضرورة نشر ثقافة مكافحة احريق والوقاية منه بين الحكومة والمواطنين. دور "السلامة المهنية" فيما أكد المهندس هشام علي، خبير السلامة المهنية، وفقا لاحكام القانون رقم12 لسنة2003، يكون هناك بكل منشأة ادارة للسلامة والصحة المهنية، وهي المسؤل عن مراقبة وتوفير كافة أشترطات السلامة والصحة المهنية وانظمة اطفاء واجهزة أنذار للحرائق وخطة للتعامل مع الحرائق، والكشف عن الطفايات ومعدات الاطفاء وضمان سلامتها، وتدريب العاملين علي التعامل مع الحرائق وخطة الاخلاء لحين وصول رجال الاطفاء، كما تقوم بدراسة لطبيعة المبنى والتعرف على مدى تعرضه لخطر الحريق، ودراسة النشاط المزاول بداخله ومراحله وخواص المواد المستخدمة من حيث خطورتها ومدى قابليتها للاحتراق وأيضًا عدد العاملين بالمكان أو قاطني المبنى وأماكن تواجدهم ومدى تعرضهم للخطر عند حدوث حريق، وعلى ضوء هذه الدراسة يتم إقرار التوصيات الواجب تنفيذها للوقاية من مخاطر الحريق. ولكن غياب الرقابة هي المشكلة الاساسية، وتتمثل في غياب دور الدولة متمثلا فى مديريات القوى العاملة وقلة أعداد المفتشين التابعين لها، وعدم القيام باختبار المهمات وصحتها، والاكتفاء بالرقابة الصورية.. حسب قوله. دور مفتش السلامة وحسب تصريحات سابقة للمتحدث الاعلامي لوزارة القوي العاملة، هيثم عبد العزيز، المتحدث الإعلامى لوزارة القوى العاملة، أن الوزارة لديها قرابة 1200 مفتش للسلامة والصحة المهنية على مستوى مديريات القوى العاملة، والتأكد من سلامتها بالمنشأة سواء عامة أو خاصة، كل مفتش لديه خطة يسير عليها ويعطى قرارات لتوفيق الأوضاع، وهناك قرابة 164 مكتبًا، من اجل حماية بيئة العمل وتحسين شروطه وظروفه من المخاطر المختلفة سواء الكيميائية أو الطبيعية أو الحرائق والعمل على الحد من هذه المخاطر، وهو ما تقوم به الإدارة العامة للسلامة والصحة المهنية والمكاتب التابعة لها حيث من المفترض أن يقوم كل مفتش بالمرور علي25 منشأة شهريا، وهؤلاء المفتشون هم إخصائيو سلامة وصحة مهنية فى التخصصات العلمية المتنوعة من خريجى كليات العلوم والهندسة والطب، ولقد تم تدريبهم فى المعاهد العلمية المتخصصة فى مجال الصحة والسلامة المهنية. فرق تفتيش وأصدر وزير القوي العاملة، محمد سعفان، تعليمات بتشكيل فرق تفتيش موسعة للمرور والتفتيش على مرافق الوزارات والدواوين الحكومية، وذلك بالتنسيق مع إدارات السلامة والصحة المهنية التابعة لمديريات القوى العاملة بالدواوين الحكومية والمحافظات، للوقوف على مدى السلامة والصحة المهنية وعوامل الأمان المتوافرة بها. ثقافة السلامة المهنية وقال "سعفان"، فى تصريحات صحفية، فيما يخص السلامة والصحة المهنية، إن نشر ثقافة السلامة والصحة المهنية يتطلب تكاتف كل الأطراف للوصول للهدف المنشود لدعم الاقتصاد المصرى، ومسئولية أطراف العمل الثلاثة "الحكومة وأصحاب الأعمال والعمال" من أجل تطبيق معايير واشتراطات السلامة والصحة المهنية بكل مكان وكل منشأة لخفض معدلات الإصابة بالأمراض المهنية وإصابات العمل، خاصة فى المهن ذات الخطورة العالية. رقابة وتوعية وأكد الوزير أن دور وزارة القوى العاملة ليس دورًا رقابيًا فقط لاكتشاف المخالفات واتخاذ الإجراءات القانونية حيال المنشآت المخالفة، ولكن أيضا رفع الوعى الوقائى بمقتضيات السلامة والصحة المهنية من خلال الندوات والملتقيات وأسابيع السلامة والصحة المهنية، فضلًا عن الإسهام فى حل مشكلات المنشآت المخالفة بتوفير حلول لهذه المشكلات من أجل تأمين بيئة العمل للعاملين فى المصانع والشركات. تشريع جديد جدير بالذكر، أن لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أنتهت من مناقشة مشروع قانون العمل الجديد، ويتضمن المشروع 6 أبواب عن "السلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، واختصاصات المركز القومى لدراسات السلامة والصحة المهنية والأجهزة الخاصة بها ومراكز البحوث والمجلس الأعلى، وجاءت المواد المنظمة للسلامة والصحة المهنية وتأمين بيئة العمل، مكونة من 34 مادة بالتشريع الجديد. نصائح للوقاية وطالب المهندس هشام علي، خبير السلامة المهنية، بضرورة أن تسعى كل منشأة بدراسة منع الحريق والوقاية منه بالتخلص من مسبباته، وتوفير وسائل مكافحة الحريق من أجهزة الإطفاء وشبكة مياه إطفاء الحريق بكل مكوناتها وتشكيل طاقم عالى التدريب للتعامل مع الحرائق، وتجهيز مهمات ووسائل الوقاية الشخصية للعاملين بالمشروع حسب طبيعة كل نشاط وتجهيز الإسعافات الأولية والعناية الطبية واللافتات والملصقات الخاصة بالتوعية، ولابد أن يتم اختيار مهمات الوقاية الشخصية بحيث تكون مطابقة للمواصفات العالمية حتى تقلل الأخطار التى تستخدم من أجلها لأقل حد ممكن.