انكمش اقتصاد اليابان للمرة الأولى منذ عام، بوتيرة أسرع من التوقعات، ما يعكس هشاشة التعافي الاقتصادي في البلاد والذي بات مهددا بسياسات التجارة التي ينتهجها الرئيس الأمريكي/ دونالد ترامب. وسلطت البيانات الصادرة اليوم الجمعة عن الربع الأول من عام 2025 الضوء على التحديات التي يواجهها صانعو السياسات، في ظل تصاعد الغموض المحيط بآفاق اقتصاد يعتمد بشكل كبير على الصادرات، وخصوصا في قطاع السيارات، نتيجة الرسوم الجمركية الأمريكية المرتفعة، وفقًا لما أفاد به موقع «روسيا اليوم» الإخباري. اقرأ أيضًا| ماركو روبيو: الولاياتالمتحدة تشجع الجهود الدبلوماسية لإنهاء الأزمة بشأن أوكرانيا وأظهرت البيانات الأولية الصادرة عن الحكومة أن الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي انكمش بنسبة سنوية بلغت 0.7% خلال الفترة من يناير إلى مارس، وهو تراجع فاق بكثير توقعات السوق التي أشارت إلى انخفاض بنسبة 0.2%. ويرجع هذا الانكماش إلى ضعف الاستهلاك الخاص وتراجع الصادرات، ما يشير إلى أن الاقتصاد بدأ يفقد دعمه من الطلب الخارجي حتى قبل إعلان ترامب، في الثاني من أبريل، عن فرض رسوم "متبادلة" شاملة. وقد حملت البيانات بعض المؤشرات الإيجابية، من بينها تعديل طفيف في معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي للربع الأخير من عام 2024، من 2.2% إلى 2.4%. كما سجل الإنفاق الرأسمالي ارتفاعا مفاجئا بنسبة 1.4%، مما ساعد على رفع مساهمة الطلب المحلي في النمو الاقتصادي بنسبة 0.7 نقطة مئوية. ومع ذلك، أعرب مُحللون عن حذرهم إزاء ضعف الزخم في الطلب المحلي والمخاطر الناجمة عن التغييرات المتوقعة في النظام التجاري العالمي بقيادة إدارة ترامب. وقال يوشيكي شينكي، كبير الاقتصاديين التنفيذيين في معهد "داي-إيتشي لايف" للأبحاث: "يفتقر الاقتصاد الياباني إلى محركات نمو قوية في ظل ضعف الصادرات والاستهلاك، ما يجعله هشًا أمام الصدمات مثل تلك الناجمة عن رسوم دونالد ترامب". وأضاف أن هذه البيانات "قد تؤدي إلى تصاعد الدعوات نحو زيادة الإنفاق الحكومي"، محذرًا من احتمال حدوث انكماش اقتصادي جديد في الربع الثاني، تبعًا لتوقيت تأثير الرسوم الجمركية. وعلى أساس ربع سنوي، سجل الاقتصاد الياباني انكماشا بنسبة 0.2%، مقارنة بتوقعات السوق التي كانت تشير إلى تراجع بنسبة 0.1%. وقال وزير إنعاش الاقتصاد الياباني، ريوسِه أكازاوا، إن زيادات الأجور الكبيرة التي قدمتها الشركات من شأنها أن تدعم تعافيا اقتصاديا معتدلا، لكنه شدد في الوقت نفسه على وجود مخاطر سلبية تهدد مستقبل الاقتصاد. وأكد أكازاوا خلال مؤتمر صحفي عقده بعد صدور البيانات: "يجب أن نكون على دراية بالمخاطر التي تفرضها السياسات الجمركية الأمريكية، كما أن استمرار ارتفاع الأسعار قد يضر بثقة المستهلكين والاستهلاك، وهو ما يشكل خطرًا على النمو". وقد بقي الاستهلاك الخاص، الذي يمثل أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي لليابان، دون تغيير في الربع الأول، على عكس توقعات السوق التي أشارت إلى زيادة بنسبة 0.1%. في المقابل، ارتفع معامل الناتج المحلي الإجمالي، الذي يقيس مدى قدرة الشركات على تمرير التكاليف المتزايدة إلى المستهلكين، بنسبة 3.3% على أساس سنوي، مسجلا تسارعا للربع الثاني على التوالي. لكن مساهمة الطلب الخارجي في الناتج المحلي كانت سلبية، إذ خسر الاقتصاد 0.8 نقطة مئوية نتيجة تراجع الصادرات بنسبة 0.6% وارتفاع الواردات بنسبة 2.9%، وذلك حتى قبل ظهور التأثير الكامل لرسوم دونالد ترامب. وقد فرض الرئيس الأمريكي، رسوما جمركية بنسبة 10% على جميع الدول باستثناء كندا والمكسيك والصين، بالإضافة إلى رسوم أعلى على العديد من الشركاء التجاريين الرئيسيين، من ضمنهم اليابان، التي تواجه رسومًا بنسبة 24% بدءًا من يوليو، ما لم تتوصل إلى اتفاق تجاري مع الولاياتالمتحدة. كما فرضت واشنطن رسوما بنسبة 25% على واردات السيارات والصلب والألمنيوم، ما شكل ضربة قاسية لاقتصاد اليابان الذي يعتمد بشكل كبير على صادرات السيارات إلى السوق الأمريكية. اقرأ أيضًا| البيت الأبيض: لقاء ترامب وبوتين قد يحدث قريباً