أكد الدكتور محمد عبداللطيف مساعد وزير الآثار ورئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية أن الجامع الأزهر "الأثر رقم 97"، والذى يرجع تاريخ إنشائه لأكثر من 1000 عام، يعد من أهم المساجد في مصر وأشهرها في العالم الإسلامي ويكاد أن يكون الجامع الأول فى العالم الذي لعب أدوارا دينية وتعليمية وثقافية وسياسية ومعمارية. وقال عبداللطيف، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم عقب افتتاح أعمال ترميم الجامع الأزهر، التي استغرقت أكثر من ثلاث سنوات، إن الجامع الأزهر، خلال تاريخه الطويل شهد العديد من أعمال التوسعات والإضافات على يد الأمراء والسلاطين وحكام مصر بالإضافة إلى أعمال الصيانة والترميم ومن أهمها أعمال الصيانة والترميم في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وأعمال الصيانة والترميم في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في سبعينيات القرن العشرين وآخرها الترميم الشامل الذي حدث للجامع فى عام 1998. وأضاف أنه بالنسبة لأعمال الترميم الحالية فد تقدمت مشيخة الأزهر بخطاب لوزارة الاثار في أكتوبر عام 2013 بخصوص المنحة المقدمة من السعودية لترميم وصيانة الجامع الأزهر والمشيخة القديمة وتكليف مجموعة شركات بن لادن للقيام بتلك الاعمال، مشيرا إلى أنه صدر قرار من اللجنة الدائمة للأثار في فبراير 2014، بالموافقة على البدء فى الأعمال الخاصة بالمشروع الأمر الذي استلزم اخذ عينات وتحليل بعض المواد وعمل مجسات وحفر استكشافية داخل معامل التحاليل المصرية. وتابع أنه بالفعل تم البدء في أعمال تسليم موقع الجامع الأزهر في أبريل 2015، وقامت شركة بن لادن بإسناد أعمال الترميم الدقيق إلى شركتي (مؤسسة أسوان للإنشاء والتعمير وشركة بكة) بالإضافة إلى شركة لأعمال الكهرباء وأخرى للأعمال الميكانيكية وتعمل جميعها تحت إشراف وزارة الآثار. وكشف عن تقسيم أعمال الترميم والتوثيق والرفع المعماري والمساحي للجامع الأزهر إلى 4 مراحل رئيسية حافظت على الطبيعة الأثرية للجامع، وشملت المرحلة الأولى "الظلة العثمانية وسبيل وكتاب وضريح عبدالرحمن كتخدا، وباب الصعايدة ورواق الشوام والمئذنتين العثمانيتين والمدرسة الجوهرية، وضريح نفيسة البكرية، وباب الشوربة، والحواصل الموجودة خلف الجامع"، فيما تضمنت المرحلة الثانية "الظلة الفاطمية وحجرات الطلبة بالطوابق العلوية". وأضاف أن المرحلة الثالثة من أعمال الترميم تضمنت "صحن الجامع والظلات الجانبية (الظلة الجنوبية الغربية والظلة الشمالية الشرقية)"، وشملت المرحلة الرابعة والأخيرة "المدرسة الاقبغاوية والطيبرسية والرواق العباسي" حيث تم الكشف عن بعض التعديلات المعمارية بالمدرسة مثل دولاب حائطى تم سده بالحجر فى عصور سابقة. وأكد أنه تم إزالة طبقة الملاط والدهانات التالفة ومعالجة الأملاح والرطوبة بالحوائط بالكمادات وتكحيل العراميس الموجودة بين مداميك الأحجار والترميم الدقيق للزخارف الجصية الموجودة بقبة الظلة العثمانية وسقف الرواق العثماني وإعادة طبقة الملاط طبقا للمواصفات الفنية الأثرية وإنشاء شبكة كهرباء جديدة بوسائل إضاءة حديثة ذات تقنيات عالية وفرش السجاد لتهيئة المسجد للصلاة وترميم المنبر والمحراب والكشف عن الالوان الاصلية تحت طبقة الدهان. وعن تاريخ الجامع الازهر، اشار مساعد وزير الآثار إلى أنه إذا كان جامع عمرو بن العاص هو أول جامع بني بمصر الإسلامية، فإن الجامع الأزهر هو رابع الجوامع التى بنيت فى مصر، وعرفت قبل الأزهر ثلاثة مساجد جامعة هى: جامع عمرو بن العاص فى الفسطاط سنة 21 هجريا/641 م، وجامع العسكر فى مدينة العسكر سنة 133 هجريا /750م / وجامع أحمد بن طولون فى مدينة القطائع سنة 265 هجريا/879 م. وقال إن جوهر الصقلي شرع فى بناء هذا الجامع مع القصور الفاطمية بمدينة القاهرة ليصلي فيه الخليفة وبدأ البناء به سنة 359 هجريا/970 م، واستغرق بناء الحامع عامين، وأقيمت أول صلاة جمعة به سنة 361 هجريا/ 973 م، وعرف بجامع القاهرة وهو أول مسجد انشىء فى مدينة القاهرة رابع عواصم مصر الإسلامية ويقع بين مكانين زاخرين بالاثار الإسلامية (الدرب الأحمر، والجمالية). وأضاف أن الأزهر وقت انشائه كان يتكون من صحن أوسط مكشوف يحيط به 3 ظلات أكبرهما الظلة الجنوبية الشرقية، وهى ظلة القبلة، إلى أن اضاف الخليفة الحافظ لدين الله الفاطمي سنة 544 هجرية رواق حول الصحن وقبة حجرية، وفى عام 1266 م، قام السلطان المملوكي الظاهر بيبرس بتجديد الجامع واصلاحه بعد أن أصابه الاهمال نتيجة اغلاقه وابطال الصلاة فيه ابان الدولة الايوبية. ولفت إلى أنه خلال العصر المملوكي الحق بالمسجد مدرستان أحدهما المدرسة الطيبرسية التى أمر بإنشائها الامير علاء الدين طيبرس عام 1309م، والثانية المدرسة الاقبغاوية التى امر بانشائها الأمير اقبغا عبدالواحد عام 1340م، وفى عصر المماليك الشراكسة أمر الامير جوهر القنقبائي عام 1440م، بإضافة مدرسة ثالثة هى المدرسة الجوهرية ، واقام السلطان قايتباي فى عهده بابا ضخما يؤدى الى صحن الجامع ترتفع من فوقه مئذنة ثم اضاف السلطان الغوري فى عام 1510م، مئذنة أخرى بجوار السابقة. وأوضح أنه فى العصر العثماني قام عبدالرحمن كتخدا بإجراء اصلاحات وتجديدات عدة حيث هدم ظلة حائط القبلة عن يمين ويسار المحراب، وأضاف ظلة جديدة خلف الظلة القديمة، كما اضيفت للمسجد أبواب عدة، لافتا إلى أنه فى عهد الخديو عباس حلمي الثاني أضيف رواق جديد عرف بالرواق العباسي. وأكد أن الأزهر تخرج به كثير من القادة العظماء والعلماء الأجلاء ومنهم الشيخ الشرقاوى شيخ الأزهر فى الفترة من (1793 إلى 1812م) الذى كان له دور كبير ضد الاحتلال الفرنسى لمصر من عام 1798م إلى عام 1801م وقد كانت ثورة القاهرة الأولى والثانية بداية تجمعها من الجامع الأزهر، والطالب السورى سليمان الحلبى الذى قتل كليبر القائد الفرنسى الذى تولى قيادة الحملة الفرنسية بعد نابليون وقد أتم سليمان الحلبى هذه العملية فى 14 يونيو سنة 1800م وأعدم بسب هذا الحادث مع أربعة أخرين من شيوخ الأزهر وطلابه. وتابع أننا لا ننسى دور الشيخ الشرقاوى أيضًا والشيخ عمر مكرم فى تأييد محمد على وتنصيبه واليًا على مصر ولولا تأييد الأزهر وطلابه له ما وصل محمد على إلى الحكم وذلك لأن تأييد الأزهر يتبعه تأييد الشعب كله وذلك لمكانة الأزهر فى نفوس الشعب ،كما تخرج من الأزهر أيضًا أحمد عرابى قبل دراسته العسكرية وكذلك سعد زغلول قبل دراسته للقانون ما كان له أكبر الأثر فى نفسيهما من الناحية الدينية والوطنية. وأشار إلى أنه تخرج من الأزهر علماء لا ينكر التاريخ فضلهم ومنهم رفاعة رافع الطهطاوى رائد علم الترجمة واللغات بمصر ومؤسس كلية الألسن، وأيضًا الشيخ محمد عبده قائد الإصلاح الحديث فى مصر والشيخ جمال الدين الأفغانى صاحب مقاومة الاحتلال فى كل مكان من العالم وبكل أنواعه وجنسياته وصاحب دعوة حرية الشعوب، وللعصر الحديث للأزهر دور بارز ووطنى فمنه تخرج الشيخ محمد مصطفى المراغي الذى كان شيخًا للأزهر فى الفترة من 1928م إلى أن استقال سنة 1930م بسبب مواقفه الصلبة ضد رغبات الملك فاروق ملك مصر السابق إلى أن أعاده مرغمًا فتولى مشيخة الأزهر مرة ثانية من عام 1935 حتى توفى عام 1945م.