قال جهاد أزعورمدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي إن الوقت قد حان لتعجيل عملية الإصلاح الاقتصادي في العالم العربي بغية تحقيق نمو أعلى وأكثر احتوائية وشمولا. وأكد أزعور في كلمته خلال حلقة نقاشية رفيعة المستوى بعنوان "التنمية الشاملة للجميع في العالم العربي: دعوة من أجل العمل" نظمها مركز صندوق النقد الدولي للاقتصاد والتمويل في الشرق الأوسط (CEF) بالتعاون مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي اليوم /الأربعاء/، على حاجة الدول العربية الملحة لخلق فرص العمل وتوجيه مواهب 27 مليون شاب وشابة في طريقهم للانضمام لسوق العمل خلال السنوات الخمس المقبلة. وأوضح أنه ينبغي على المنطقة أن تنتهز فرصة انتعاش الاقتصاد العالمي الذي من المتوقع أن يصل معدل نموه إلى 3.9 في المائة في عامي 2018 و2019، محققا بذلك أسرع وتيرة للنمو منذ العام 2011 . ولفت مدير إدرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي إلى أن معدلات النمو في معظم سنوات العقد الأخير لم تكن بالقدر الكافي من القوة لخلق وظائف للكثير من الناس، فضلا عن عدم قدرتها على تحسين مستويات معيشتهم، ولقد أدى ذلك الوضع إلى تنامي الشعور بالإحباط حيال مسائل البطالة والفقر وعدم المساواة، وخاصة لدى فئات الشباب والنساء والمجتمعات الريفية واللاجئين، في ظل استمرار تحمل المنطقة عبء الصراعات المطولة وتعرضها لصدمة انخفاض أسعار النفط في عام 2014 . وأشار أزعور إلى أن إيجاد الظروف المواتية للنمو المستدام الكفيل بخلق الكثير من الوظائف سوف يستدعي توافر استقرار في الاقتصاد الكلي تسانده سياسات مالية ونقدية احترازية، مضيفا أنه ينبغي في الوقت نفسه أن تسعى الدول العربية نحو الوصول بالإصلاحات إلى مستوى الزخم المناسب الذي يهدف إلى تعزيز القطاع الخاص وتنويع الاقتصادات ورفع الطاقة الإنتاجية وزيادة حجم الاستثمارات وتحقيق قدر أكبر من الشمول. كما أكد على أهمية أن تعزز المنطقة العربية أطر الحوكمة والمساءلة والشفافية لديها، وأن إصلاح مناخ الأعمال والمعاملة المتكافئة سيكون له أهمية كبرى في تشجيع استثمارات القطاع الخاص لا سيما على صعيد جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وذلك في ضوء أن أكثر من 55 في المائة من الشركات العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشير إلى أن الفساد يمثل أحد أهم العوائق التي تقيد نشاطها، كما أن هذه الاصلاحات من شأنها أن تقود إلى تيسير نقل التكنولوجيا والمعرفة إلى المنطقة، لا سيما وأن نسبة القروض الممنوحة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة لا تشكل سوى 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي في المنطقة، الأمر الذي يبرز أهمية التوسع في الدمج المالي، بما في ذلك من خلال زيادة الاعتماد على التكنولوجيا المالية . ورأى جهاد أزعور أن ثمة حيز لا يستهان به يتيح لسياسة المالية العامة أن توفر المساندة للنمو وتعزز الفرص المتاحة للجمي، في الوقت الذي لا يتجاوز متوسط حجم الإيرادات الضريبية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أكثر من 9 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، حيث أصبح من الواضح أن بوسع المنطقة أن تبذل المزيد من الجهود على صعيد تعبئة الإيرادات الإضافية عن طريق التحول بقدر أكبر إلى اعتماد نظام ضريبي تصاعدي والاستغناء عن الإعفاءات الضريبية، ومن شأن ذلك أن يحقق وفورات ملموسة للموازنة عن طريق الاستغناء تدريجيا عن الدعم المعمم للوقود والطاقة في المنطقة، والذي تصل فاتورته إلى نحو 74 مليار دولار سنويا 25 في المائة من مجموع الإنفاق العالمي على الدعم، ومن شأن حيز المالية العامة الناجم عن هذه الإصلاحات أن يوفر تمويلا عالي الجودة وأكثر كفاءة من أجل الإنفاق على الجانبين الاجتماعي والرأسمالي. وأشار إلى أن الأبحاث الصادرة مؤخرا توضح أن خفض دعم الطاقة بواقع نقطة مئوية واحدة من إجمالي الناتج المحلي وإعادة توجيهه نحو الإنفاق على البنية التحتية من شأنه أن يحقق زيادة بواقع نقطتين مئويتين من إجمالي الناتج المحلي على مدار السنوات الست القادمة بالإضافة إلى خلق نصف مليون وظيفة جديدة.