أكد اللواء محمد ابراهيم عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، أن ما قدمته مصر ولا تزال تقدمه على مدار عقود طويلة وعديدة من تضحيات كبيرة وجهود مخلصة مضنية من أجل فلسطين والقضية الفلسطينية أرضا ومقدسات وشعبا يشكل معينا لا ولن ينضب. وأشار اللواء محمد ابراهيم في مقال بمجلة المصور ، تحت عنوان "الدور المصري تجاه القضية الفلسطينية معين لن ينضب" أن هذا الدور المصري المحوري والرئيسي المخلص للقضية الفلسطينية والمدافع عن الحقوق العادلة للشعب الفلسطيني إستمد رسوخه وقوته مما تتميز وتتفرد به مصر الدولة التي تمتلك كافة المقومات المطلوبة للقيام بدور قوي قادر على التأثير في الأحداث بل وتوجيهها لصالح استقرار المنطقة. وقال إن هذا الدور يظل فاعلًا ومطلوبًا بصورة دائمة حتى في أصعب الظروف الداخلية والإقليمية والدولية ، مؤكدا على أن مصر لم ولن تبحث عن دور تلعبه في القضايا الإقليمية ولا سيما القضية الفلسطينية ، بل إن الدور هو الذي يبحث حثيثًا عن مصر حتى يزداد قوة وتأثيرًا. وأضاف "ابراهيم"k أن المبدأ الذي يحكم الإلتزام المصري تجاه القضية الفلسطينية ينطلق من حقيقة أن مصر لا يمكن لها أن تقبل بأقل مما يمكن أن يقبله الجانب الفلسطيني ، وهو ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة ومتواصلة الأطراف على حدود عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية، مؤكدا أن مصر حرصت في كافة المراحل على أن تظل القضية الفلسطينية في دائرة الضوء وألا تغيب عن مجال الإهتمام الإقليمي والدولي مهما كانت طبيعة المشكلات التي تواجه العالم ، مشيرا الى التحرك المصري الأخير في مجلس الأمن الدولي من أجل مواجهة القرار المجحف الذي إتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعتبار القدس عاصمة لإسرائيل. وأوضح اللواء محمد ابراهيم أن هناك مجموعة من الحقائق الجلية التي تمنح الدور المصري عناصر قوته ومقومات نجاحه ، وهي في مجملها حقائق تتكامل وتتفاعل مع بعضها البعض لتجعل من هذا الدور ضرورة لا غنى عنه ، وتمثل هذه الحقائق في مجموعها إطار وجوهر مقومات الدور المصري في القضية الفلسطينية. الحقيقة الأولى: أن القضية الفلسطينية بكل مكوناتها تعتبر قضية أمن قومي مصري ، ونحن نتعامل معها من هذا المنطلق حتى لا نكون مقصرين في حق التعامل الصحيح مع قضايا أمننا القومي نظرًا لأن الجبهة الشرقية هي أحد دوائر الأمن المباشر لمصر. الحقيقة الثانية: أن مصر تعاملت مع هذه القضية منذ بدايتها وحتى الآن بكل شفافية وجدية ومصداقية وتفان وجهد لا حدود له ، وقدمت كل التضحيات البشرية والمادية والدعم السياسي ، وفي هذا المجال أسوق مثالًا واحدًا لم ينل حتى الآن حظه من المعالجة وأعني بذلك الدور المصري الحيوي لإتمام الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في سبتمبر عام 2005 وفتح معبر رفح في نوفمبر من نفس العام. الحقيقة الثالثة: أن مصر لم تتوان في يوم من الأيام عن تقديم كل المساعدة والمشورة في مراحل التفاوض السياسي بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ، وخاصة في فترة ما بعد إتفاقيات أوسلو ، نظرًا لما تمتلكه من خبراء وخبرات واعية متفهمة مهنية حرفية وطنية قادرة على أن تقوم بهذا الدور. الحقيقة الرابعة: أن القضية الفلسطينية تعد أحد أهم أولويات السياسة الخارجية المصرية مهما تعددت وتشابكت القضايا الأخرى وصعد بعضها إلى السطح لفترة ، ولا شك أن هذا البعد هو الذي يعطي الزخم المطلوب لهذه القضية التي تحاول إسرائيل وبعض القوى الدولية إبعادها عن دائرة الإهتمام الدولي. الحقيقة الخامسة: أن مصر التي دخلت في مرحلة السلام مع إسرائيل منذ حوالي 39 عامًا حرصت منذ الخطوة الأولى وقبل التوقيع على معاهدة السلام أن تكون القضية الفلسطينية وآليات حلها جزء لا يتجزأ من منظومة التحرك السياسي والدبلوماسي المصري ، ولكن الظروف الإقليمية في هذا الوقت أثرت بشكل واضح على القرار الفلسطيني الذي لم يتعامل مع هذا المتغير الإستراتيجي بالشكل المطلوب. الحقيقة السادسة: أن مصر ترتبط بعلاقات مميزة مع كافة الأطراف المباشرة والمعنية بهذه القضية إقليميًا ودوليًا ، إستنادًا على ثقة هذه الأطراف المطلقة في قدرات الدور المصري ومدى تأثيره على معطيات القضية. الحقيقة السابعة: أن مصر لديها علاقات وثيقة مع كافة الفصائل والتنظيمات الفلسطينية على مختلف توجهاتهم السياسية وتقف بكل موضوعية على مسافة واحدة من الجميع ، بل إن مصر نجحت في إقامة علاقات وطيدة مع كل فصائل المقاومة ممن لا يملكون أية أجندات سياسية ، ونجحت في إستثمار هذه العلاقة بالصورة التي تعود بالإيجاب على الموقف الفلسطيني ككل. الحقيقة الثامنة : أن مصر حريصة دائمًا على أن تكون تحركاتها معلنة ، وأن تتم من خلال منظومة تنسيق جيدة مع الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة حتى لا يتم التحرك المصري بمعزل عن أية تحركات أخرى أو يتعارض معها مما قد يعرضه للفشل، فمصر تتحرك دائمًا في هذه القضية من منطلق وطني وعربي وبوعي وفهم ورؤية وتكامل وليس من أجل السبق أو تحقيق إنجاز وهمي، وفي هذا الشأن أشير إلى مثال واحد وهو تفويض جامعة الدول العربية لمصر بتولي مسئولية ملف المصالحة الفلسطينية. الحقيقة التاسعة: أن مصر تتعامل بمصداقية وقناعة مع القيادة الفلسطينية الشرعية ممثلة في الرئيس محمود عباس (أبو مازن) ، ولكنها في نفس الوقت حريصة على أن يكون لديها قنوات الإتصال مع القوى الفلسطينية الأخرى ما دام الأمر سوف يصب في النهاية لصالح الشعب الفلسطيني. الحقيقة العاشرة: أن مصر يقع على أرضها المعبر الوحيد الذي يربط قطاع غزة بالعالم الخارجي ، وهو معبر رفح ، وهو ما يعني أن مصر تمثل بحق العمق العربي لفلسطين ، وإذا كنا متفقين على أهمية فتح المعبر لإعتبارات إنسانية على فترات متقاربة تخفيفًا على سكان القطاع ودون الإخلال بمتطلبات أمننا ، إلا أننا نرفض تمامًا إختصار القضية الفلسطينية في قضية معبر رفح فقط ، فهناك قضايا أهم وأجدر وأعمق ينبغي التركيز عليها مثل قضايا القدس واللاجئين. وتناول اللواء محمد ابراهيم ، في مقاله ، ثوابت الموقف المصري ومجالات حركته فأكد أن المبدأ الذي يحكم الإلتزام المصري يشير إلى أن مصر لا يمكن لها أن تقبل بأقل مما يمكن أن يقبله الجانب الفلسطيني ، وأشار الى أن هناك إلتزامًا مصريًا راسخًا بمجموعة ثوابت أهمها ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة كاملة السيادة ومتواصلة الأطراف على حدود 4 يونيو عام 1967 وعاصمتها القدسالشرقية ، على أن تعيش هذه الدولة في أمن وسلام بجوار دولة إسرائيل ، وهو ما يعد تطبيقًا لمبدأ حل الدولتين الذي تتمسك مصر بضرورة تنفيذه على الأرض وأن حل القضية الفلسطينية يعد الأساس للقضاء على الإرهاب في المنطقة ، وأن التسوية السياسية تعتبر الطريق الوحيد نحو تحقيق الإستقرار والأمن لجميع دول المنطقة ، وأن التوصل إلى حل القضية يتم من خلال المفاوضات السياسية بين الأطراف المباشرة مع إستعداد مصر للقيام بأية أدوار لتسهيل عملية التفاوض. وانتقل اللواء محمد ابراهيم في مقاله بمجلة "المصور" الى التحركات السياسية المصرية الدؤوبة من أجل فلسطين ، فأكد أن مصر حرصت في كافة المراحل على أن تظل القضية الفلسطينية في دائرة الضوء وألا تغيب عن مجال الإهتمام الإقليمي والدولي مهما كانت طبيعة المشكلات التي تواجه العالم وحتى عندما كانت مصر تعاني من مشكلات داخلية لم يغب عنها مطلقًا الهم الفلسطيني ، وقد كان لعضوية مصر في مجلس الأمن دور هام في دعم القضية الفلسطينية في أهم المحافل الدولية ، ولعل التحرك المصري الأخير في مجلس الأمن من أجل مواجهة القرار المجحف الذي إتخذه الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بإعتبار القدس عاصمة لإسرائيل يعد خير مثال على قوة وحيوية التحرك المصري في هذا المجال. وأضاف أنه في نفس الوقت ، كانت مصر حاضرة ومبادرة وهي تواجه أخطر القضايا الفلسطينية الداخلية وهي مسألة الإنقسام الفلسطيني ، فقد بذلت مصر جهدًا خارقًا ، منذ عام 2007 ، لا تستطيع أية دولة في العالم أن تبذله حتى وصلت إلى بلورة وثيقة مصالحة فلسطينية متكاملة وشاملة عالجت كافة قضايا الإنقسام وتم التوقيع عليها في القاهرة في الرابع من مايو عام 2011 ، وللأسف لم يتم تنفيذ هذه الوثيقة في أعقاب نشوب ثورات الربيع العربي ثم إتجهت مصر إلى إستئناف جهودها الناجحة مرة أخرى في نهاية عام 2017 ، وتوصلت إلى توافق مع كافة الفصائل الفلسطينية من أجل إقرار المصالحة وإنهاء أكثر من عقد من الزمن عاش فيه الفلسطينيون في ظل إنقسام لعين ، ولا زالت الجهود المصرية مبذولة ومتواصلة من أجل تطبيق إتفاقات المصالحة. ثم أشار اللواء محمد ابراهيم الى الأدوار الاقليمية والدولية تجاه القضية الفلسطينية ، فقال إنه يمكن وصف هذه الأدوار في اطار أربع مجموهات رئيسية: المجموعة الأولي ، وهي دول حاولت بذل جهود مخلصة لإنجاز إتفاق سلام (إسرائيلي / فلسطيني) ، بل سلام عربى / إسرائيلي شامل ، ويأتي في مقدمة ذلك المبادرة العربية للسلام المطروحة في قمة بيروت عام 2002 والتي لا زالت صالحة للتطبيق ويجب التمسك بها ، وكذا بعض المواقف الإيجابية من دول كبرى مثل روسيا والصين وفرنسا. المجموعة الثانية : وهي دول حاولت إستثمار القضية من أجل دعم وضعيتها في المنطقة والمزايدة بالقضية دون أن تسعى إلى أية حلول حقيقية ، وهي تركيا وقطر وإيران. المجموعة الثالثة : وهي دول أبدت مواقف متحيزة للموقف الإسرائيلي ، ويأتي في مقدمتها الولاياتالمتحدة التي كان لقرار رئيسها الحالي دونالد ترمب تجاه القدس والإعتراف بأنها عاصمة لإسرائيل أكبر الأثر في تأكيد هذا التحيز والإنتقال من إطار الوسيط النزيه والشريك الكامل إلى إطار الوسيط المتحيز أو الخروج من مرحلة الوساطة تمامًا ما لم يغير مواقفه. المجموعة الرابعة : وهي منظمات دولية إتخذت مواقف وقرارات تاريخية بهدف دعم الحقوق الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ، ولكن للأسف دون إمتلاك أية قدرة حقيقية على تنفيذ هذه القرارت "قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن". واختتم اللواء محمد ابراهيم مقاله بالقول " في ضوء ما سبق ، لا شك أن مصر بما قدمته للقضية الفلسطينية لا زالت هي الأكثر قدرة على إعطاء الزخم الحقيقي لهذه القضية المركزية التي نسعى بالفعل إلى تنشيطها دون كلل أو ملل ، وإعطائها الأولوية التي تستحقها في سياستنا الخارجية ، وبلورة رؤية واقعية ومتكاملة لهذا التحرك السياسي وصولًا للهدف الأسمى وهو إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدسالشرقية ، وهو المبدأ الذي توافق المجتمع الدولي عليه ، ولا سيما في المبادرة العربية للسلام أو خريطة الطريق التي طرحتها اللجنة الرباعية الدولية في إبريل 2003". وأضاف: "وفي نفس الوقت ، فإننا لا نتحرك منفردين في هذه القضية بل نتحرك وننسق مع القوى العربية والدولية حتى يكون هذا التحرك مدعومًا من كافة الأطراف المباشرة والمعنية ، وبالتالي فإن هذه الجهود المصرية تؤكد أننا نتحرك في هذه القضية ليس من قبيل الترف أو إستهلاك الوقت ، ولكن من قبيل أنها قضية أمن قومي مصري نمتلك بحق مقومات النجاح في الدور الذي نقوم به لصالح شعب مناضل صامد آن الأوان أن يحيا في دولته المستقلة".