أسعار الذهب اليوم الأربعاء 24 سبتمبر في محافظة الغربية    عاجل - ترامب ل أمير قطر: «لقد قمت بعمل رائع»    الرئيس الفرنسي: خطة لوقف حرب غزة.. ولا سلام لإسرائيل في ظل النزاع    عاجل- رئيس الوزراء: مصر تولي اهتمامًا خاصًا للشراكة مع اليونان كنموذج بارز للتعاون الثنائي    ريال مدريد يهزم ليفانتي ويواصل تصدر الدوري الإسباني    نتيجة وملخص أهداف مباراة ليفربول ضد ساوثهامبتون في كأس الرابطة الإنجليزية    الأهلي يدرس الدخول في معسكر مغلق مبكرا استعدادا للقمة    "حماة الأرض" تعزز استدامة القطاع الصحي    حماية المستهلك يضبط 46 مخالفة في حملة ليلية مفاجئة بالمقطم لمتابعة مبادرة خفض الأسعار    كم سعر الدولار الآن مقابل الجنيه المصري والعملات الأخرى ؟ آخر تحديث    سعر السكر والزيت والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025    باحتفال البالونة.. ميلان يتأهل لمواجهة لاتسيو في كأس إيطاليا    أنغام تشكر تركي آل الشيخ: روح الأخوة بين مصر والسعودية ستصمد    ماكرون يحذر إسرائيل من أي إجراءات انتقامية: «فرنسا لن تقف مكتوفة الأيدي»    رئيس هيئة تنمية الصعيد يتفقد المجمع الحرفي بقرية دسيا بالفيوم    ضياء رشوان: الضفة الغربية مأساة الصراع الفلسطيني ومخطط إسرائيل الكبرى يهدد حل الدولتين    ريال مدريد يكتسح ليفانتى برباعية ويواصل صدارة الدوري الإسباني.. فيديو    مجموعة بحري.. سبورتنج يلتقي الأوليمبي وبني عبيد يواجه بيلا بدوري القسم الثاني «ب»    عاجل.. الأرصاد الجوية تعلن عن سقوط أمطار خفيفة على مناطق متفرقة من البلاد    الشرطة النرويجية: انفجار هز العاصمة أوسلو والعثور على عدة أجهزة متفجرة في شارع بيلستريدت    رسميًا.. موعد الإجازة المقبلة للقطاع العام والخاص والبنوك (يومان عطلة في سبتمبر)    عاجل- وزير التعليم العالي يطمئن معيد آداب سوهاج: التعيين محفوظ والدعم الصحي كامل    إهماله يجذب الحشرات والبكتيريا.. خطوات تنظيف سيراميك المطبخ من الدهون    النائب محمد زكي: ملفات التعليم والصحة والاقتصاد تتصدر أولوياتي    جامعة قناة السويس تكرم الدكتورة سحر حساني والدكتورة شيماء حسن في حفل التميز العلمي    جامعة حلوان التكنولوجية الدولية تدعو الطلاب للإسراع بالتقديم الإلكتروني قبل انتهاء المهلة    بعد اعتراض الرئيس، هل يعيد مجلس النواب مناقشة قانون الإجراءات الجنائية؟ (فيديو)    «كان قريبًا من هزيمة كارثية».. رضا عبدالعال يعلق على تعادل الزمالك مع الجونة    وزير الرياضة يهنئ بيراميدز بتتويجه بكأس القارات الثلاث    هدافو منتخبات الشباب فى كأس العالم.. من أبو زيد حتى تريزيجيه وكوكا    الأطباء تعلن القواعد الإرشادية لانتخابات التجديد النصفي 10 أكتوبر المقبل    مصرع 4 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين على صحراوى البحيرة    حالة الطقس المتوقعة اليوم الأربعاء 24 سبتمبر 2025 فى مصر    رئيس شركة «غازتك» ينتقل إلى موقع تسريب الغاز بمحطة القصر العينى.. صور    درجات الحرارة تتهاوى، الأرصاد تعلن حالة الطقس اليوم    حملات موسعة لإزالة التعديات بشوارع المجزر الآلي واللبيني وزغلول وكعبيش    مصرع 4 شباب بتصادم على الطريق الصحراوي في البحيرة    بمقدم 25 ألف جنيه تقدر تشترى قطعة أرض.. اعرف التفاصيل    تصفيق حار وتكريم للنجمة أنغام بحفل البرت هول فى لندن    مبلغ مالي مفاجئ وتجديدات في المنزل.. حظ برج القوس اليوم 24 سبتمبر    مندوب مصر بالأمم المتحدة: مصر حرصت على تجنب العديد من الاستفزازات    ترامب: نريد إنهاء الحرب في غزة واستعادة المحتجزين.. صور    عمرو محمود ياسين عن تكريم والده بمهرجان بورسعيد: كنت أتمنى يكون حاضر تكريمه    بعد افتتاحها مشروعًا خاصًّا.. نقل الفنانة رحمة أحمد إلى المستشفى بسبب تضخم الكبد    "تحت سابع أرض" يحصد أربع جوائز ويتصدّر كأفضل مسلسل عربي في الموريكس دور    وزيرة التنمية المحلية توجه بإزالة إشغالات ومخالفات بالممشى السياحى بدهب    عاجل- مدبولي: مصر تدعم السودان بكل قوة.. وكامل إدريس: نعول على خبرات القاهرة في إعادة الإعمار    عضو شعبة السيارات: أسعار السيارات انخفضت بسبب استقرار العملة    إجراء جراحة ناجحة استمرت 17 ساعة لاعتدال عمود فقرى بمستشفى جامعة كفر الشيخ    بعد انطلاق موسم الدراسة.. 5 أطعمة لا تضعيها لأطفالك في «اللانش بوكس»    حملة موسعة لرفع الإشغالات بشارع الوحدة في إمبابة    أمين الفتوى يوضح كيفية الصلاة على متن الطائرة ووسائل المواصلات.. فيديو    ما حكم الاستثمار فى صناديق الذهب؟ أمين الفتوى يجيب    ما حكم الحصول على مال مقابل "لايكات" على فيديوهات المنصات؟ أمين الفتوى يجيب    داعية إسلامية: الصبر والحمد وقود النجاة من الابتلاءات    المستشار محمود فوزي يبحث مع وزير الشباب مبادرات مشتركة تستهدف توعية وتأهيل النشء    اليوم العالمي للغة الإشارة.. 4 خطوات أساسية لتعلمها وإتقانها    دعاء استقبال شهر ربيع الآخر 1447.. ردده الآن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فوضى المؤسسات فى المرحلة الانتقالية
نشر في صدى البلد يوم 19 - 12 - 2011

تكفى مقارنة بسيطة بين ما جرى فى ميدان التحرير قبل حوالى أحد عشر شهراً وما يجرى فيه اليوم، أو بالقرب منه، لندرك حجم المأساة التى تتعرض لها مصر اليوم، والكارثة التى يمكن أن تصيبها فى المستقبل القريب، كما تكفى مقارنة بسيطة بين ما استطاعت تونس إنجازه وما عجزنا فى مصر عن تحقيقه لنتبين طبيعة وحجم الأخطاء التى وقعت بسبب سوء إدارة المرحلة الانتقالية.
فى 25 يناير 2011 احتشد فى ميدان التحرير بالقاهرة عشرات الآلاف من خيرة شباب مصر ورفعوا شعار «خبز - حرية - كرامة إنسانية» فواجهتها قوات الأمن بالقنابل المسيلة للدموع وبخراطيم المياه ثم بالرصاص والدهس.
وعندما أدرك شعب مصر أن الوقفة جادة هذه المرة قرر تأييدها وخرج عن بكرة أبيه لمساندتها بكل ما يملك من وسائل سلمية، فتحولت الحركة الاحتجاجية من «انتفاضة شبابية» محدودة المطالب إلى «ثورة شعبية» تطالب بإسقاط النظام.. استطاع الشعب المصرى أن يقدم بالفعل، وعلى مدى ثمانية عشر يوماً كاملة، واحداً من أهم نماذج الثورات فى تاريخ البشرية إلى أن تمكن من الإطاحة برأس النظام.
مشهد ميدان التحرير يوم 11 فبراير كان على النحو التالى: الشعب المصرى ينبذ كل خلافاته وصراعاته السياسية والأيديولوجية ويتحول - ومعه مؤسسته العسكرية الوطنية - إلى «كل فى واحد»: الشباب مع الشيوخ، الرجال مع النساء، الأغنياء مع الفقراء، المسلمون مع المسيحيين، الإسلاميون مع القوميين والليبراليين، الكل يهتف فى صوت واحد: «الشعب يريد إسقاط النظام». وعندما نجح فى إجبار الرئيس على التنحى قرر الانصراف من الميدان مؤتمناً المجلس الأعلى للقوات المسلحة على إدارة شؤون البلاد خلال مرحلة انتقالية تعيّن عليه بعدها أن يعيد الأمانة إلى مؤسسات مدنية منتخبة.
أما مشهد ميدان التحرير فقد بدا يوم الجمعة الماضى على النحو التالى: حشود غفيرة من الشباب تحتشد غاضبة بالقرب من مقر مجلس الوزراء، مشاهد كر وفر واشتباكات بين القوات المتواجدة بالمكان والحشود الغاضبة فى الشارع، وهناك يختلط الحابل بالنابل: الثوار مع البلطجية، الشرطة العسكرية مع أجهزة الأمن، رجال فوق أسطح مبنى مجلس الشعب ومبان مجاورة يلقون بالطوب وزجاجات المولوتوف على المتظاهرين، بعضهم يرتدى زياً رسمياً عسكرياً والآخر يرتدى زياً مدنياً.... إلخ.
ولأنه يصعب تصديق أن مصر الثورة التى رأيناها من قبل فى ميدان التحرير هى نفسها مصر الفوضى التى نراها اليوم، فلن يكون بإمكاننا فهم حقيقة ما يجرى إن اختزلناه فى تفاصيل أحداث أمس الأول، التى لن يستطيع استجلاء وجه الحقيقة فيها سوى تحقيق قضائى مستقل. ولأن التقارير التى صدرت عن لجان تحقيق فى مناسبات مشابهة لم تقل شيئاً أو تفصح عن أى شىء، ولأنه لم ينجح أحد حتى الآن فى الإمساك بأى من هذه «الأصابع الخفية» التى كثيراً ما تشير إليها التصريحات الرسمية، فلن يكون بوسعنا أبداً أن نطمئن إلى ما تقوله أى لجنة تحقيق تُشكّل فى المستقبل إذا استمرت الأوضاع على ما هى عليه، لذا علينا بأن نعترف بأن المشكلة الحقيقية تكمن فى وجود أزمة ثقة بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى يتولى مسؤولية إدارة البلاد، وبين جميع القوى السياسية، من ناحية، وبين القوى السياسية بعضها البعض، من ناحية أخرى. وكانت النتيجة: فشلاً تاماً فى إدارة المرحلة الانتقالية بطريقة تسمح ببناء مؤسسات دستورية منتخبة يمكنها تسلم السلطة من المجلس العسكرى.
أزمة الثقة القائمة حالياً، التى تتسع يوماً بعد يوم، لم تظهر فجأة وإنما تراكمت تدريجيا، فى تقديرى، عبر سلسلة لم تنقطع من أخطاء جسيمة ارتكبها المجلس الأعلى للقوات المسلحة حالت دون حدوث تقدم سريع على طريق بناء مؤسسات قادرة على تسلم السلطة من المجلس بعد فترة زمنية معقولة عقب سقوط رأس النظام. فقد أصر المجلس العسكرى على إدارة المرحلة الانتقالية منفرداً ورفض بعناد أن يشاركه أحد فى تحمل مسؤولياتها، سواء كان مجلساً رئاسياً أو غير رئاسى، وتعامل مع الحكومة باعتبارها مجموعة من الموظفين، وترك كل فلول وبقايا النظام القديم وأصحاب المصالح فيه يعيثون فى الأرض فساداً.
ويلاحظ أنه تمسك فى البداية بحكومة أحمد شفيق، الصديق المقرب للرئيس المخلوع الذى عيّنه، ولم يتخل عنها إلا بضغط من ميدان التحرير، وعندما عيّن حكومة عصام شرف لتحل محلها رفض تزويدها بما تحتاجه من صلاحيات، متسبباً ولو جزئياً فى فشلها، وعندما اضطر تحت ضغط الميدان مرة أخرى للقبول بفكرة تشكيل حكومة «إنقاذ وطنى» وإنشاء «مجلس استشارى» بحث فى دفاتر الحزب الوطنى القديمة عن «منقذ» دون أن يكلف نفسه عناء التشاور مع القوى السياسية التى فازت فى المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، وكان واضحاً أنها ستشكل أغلبية فى البرلمان القادم، ولم يقبل تشكيل «مجلس استشارى» إلا قبل أسابيع محدودة من تشكيل مجلس شعب جديد منتخب، فبدا كأنه يتعمد تهميش البرلمان المنتخب ووضع المجلس الاستشارى فيما يشبه المأزق قبل أن يبدأ فى مباشرة مهامه! وليس بوسع أحد أن يدرك بالضبط حقيقة الأسباب التى جعلت المجلس العسكرى يشكل حكومة جديدة ومجلساً استشارياً قبل شهر واحد من تشكيل مجلس الشعب.
إن نظرة سريعة على المؤسسات المعنية بإدارة المرحلة الانتقالية فى اللحظة الراهنة تُظهر حجم الفوضى التى تتسم بها عملية بناء المؤسسات فى المرحلة الراهنة. فهناك:
1- مجلس عسكرى يجمع بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.
2- حكومة «إنقاذ» وجدت صعوبات هائلة فى تشكيلها، ويقول المجلس العسكرى إنه فوضها كل الصلاحيات التنفيذية لتمكينها من أداء دورها.
3- مجلس استشارى يعاون المجلس العسكرى فى إدارة شؤون البلاد حتى نهاية المرحلة الانتقالية قوبل عند تشكيله بانتقادات حادة، وكلها مؤسسات معينة وليست منتخبة وتهيمن عليها المؤسسة العسكرية بالكامل. ولأن مجلس الشعب القادم، الذى سيكتمل تشكيله بعد شهر واحد، سيكون هو المؤسسة الوحيدة المنتخبة، ويفترض وفقاً لأحكام الإعلان الدستورى أن يمارس صلاحياته التشريعية فور انعقاده، فمن المتوقع أن تتسم إدارة ما تبقى من المرحلة الانتقالية بقدر كبير من التوتر، فالعلاقة بين مجلس شعب منتخب فى أول انتخابات حرة وبين السلطة التنفيذية بشقيها (المجلس العسكرى والحكومةّ لن تكون بأى حال من الأحوال على نفس نمط العلاقة مع رئيس الجمهورية فى النظام القديم، التى اتسمت بالسمع والطاعة.
ولأن مجلس الشعب القادم لن يتورع عن استخدام كل صلاحياته التشريعية فلن يبقى للمجلس العسكرى سوى صلاحيات تنفيذية سبق له التنازل عنها للحكومة، التى ستكون فى مرمى النيران الرقابية لمجلس الشعب، ويمكنه بالتالى سحب الثقة منها فى أى وقت، وفى هذه الحالة لن يكون هناك دور واضح للمجلس الاستشارى، خصوصاً أن حزب الأغلبية المتوقع قرر الانسحاب منه، بحجة أنه يسحب من الاختصاصات التشريعية للبرلمان، حتى فى حال ما إذا قرر المجلس استئناف عمله بعد قراره بتجميد نشاطه عقب أحداث الجمعة الماضى، فإذا أضفنا إلى ما تقدم أنه يتعين الانتظار حتى الانتهاء من انتخابات مجلس الشورى قبل البدء فى إجراءات اختيار لجنة كتابة الدستور فبإمكاننا أن نتصور حجم الفوضى والقلق والارتباك والتوتر الذى يمكن أن يسود الحياة السياسية فى مصر خلال الشهور القادمة.
كان بالإمكان تلافى كل هذه التعقيدات لو كنا قد سلكنا طريقا مشابها للطريق الذى سلكته تونس فى إدارتها للمرحلة الانتقالية، وهو ما طالبنا به عقب خلع الرئيس السابق مباشرة.
للخروج من هذه الفوضى المؤسسية أقترح إجراء إعلان دستورى يسمح بما يلى:
1- إلغاء مجلس الشورى ومنح مجلس الشعب وحده حق اختيار اللجنة المكلفة بكتابة الدستور.
2- توسيع مجلس الشورى ليصبح ممثلاً لكل القوى والتيارات السياسية وتحويله إلى إطار مؤسسى للتفاوض حول القضايا التى يتعين التوافق حولها والمشكلات أو الأزمات التى تظهر عند إدارة المرحلة الانتقالية، مع تكليفه فى الوقت نفسه بمناقشة قضية الضوابط والمعايير التى يتعين مراعاتها عند اختيار أعضاء لجنة كتابة الدستور، والوصول إلى توافق وطنى حولها دون أى إخلال أو مساس بحق مجلس الشعب فى اتخاذ القرار النهائى بالتشكيل.
3- إعادة النظر فى الفقرات المنصوص عليها فى الإعلان الدستورى، بحيث يمنح مجلس الشعب مدة زمنية أقصاها شهر واحد لتشكيل اللجنة، وتمنح اللجنة مدة زمنية أقصاها ثلاثة أشهر لكتابة الدستور وطرحه للاستفتاء.
4- فتح باب الترشح لانتخابات الرئاسة أول مايو 2011 وإجراء الانتخابات نهاية يونيو.
5- تسليم السلطة إلى المؤسسات المدنية المنتخبة فى الموعد المحدد، أى يوم 30 يونيو القادم، أو فى احتفال كبير يقام لهذا الغرض يوم 23 يوليو 2011 فى الذكرى الستين لثورة يوليو 1952، ليصبح هذا التاريخ هو البداية الرسمية لتأسيس الجمهورية الثانية فى مصر!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.