تفتتح مؤسسة الشارقة للفنون السبت 4 نوفمبر المقبل معرض "حسن شريف (1951 – 2016): فنان العمل الواحد"، في استعادة هي الأكبر من نوعها لمنجز هذا الفنان الإماراتي الرائد ومسيرته الفنية الاستثنائية، بما يضيء على خمسة عقود من ممارسته الفنية في الرسم، والنحت، والتجميع، والأعمال التركيبية، والتصوير الفوتوغرافي، إضافة لأعمال تعرض للمرة الأولى. كما سيحتوي هذا المعرض على استوديو حسن شريف، والذي جرى التبرع به مؤخرًا لصالح مؤسسة الشارقة للفنون بما يتيح مقاربة تجربته وعوالمه على نحو لا سابق له. ويعدّ هذا المعرض تتويجًا للأدوار الاستثنائية التي اضطلع بها شريف طيلة مسيرته الفنية، بوصفه أحد دعائم الحداثة والمعاصرة فنيًا وفكريًا في دولة الإمارات، وخاصة إمارة الشارقة التي شهدت أولى معارضه، عدا عن مشاركاته المتعددة في بينالي الشارقة ابتداءً من دورته الأولى عام 1993. وفي هذا السياق قالت الشيخة حور بنت سلطان القاسمي، رئيس مؤسسة الشارقة للفنون: "كان الفنان الراحل حسن شريف صديقًا عزيزًا وشخصية تأسيسة في مجتمع الفن المعاصر في إمارة الشارقة وداعمًا رئيسًا له. وكان لنا شرف العمل معه ومواكبة منجزه الفني منذ مشاركته في بينالي الشارقة الأول عام 1993." وأضافت: "وها نحن الآن نستعيد أعماله ومسيرته الفنية عبر هذا المعرض النوعي في إمارة الشارقة الشاهدة على منجزه الإبداعي وأنشطته المجتمعية والفكرية، واضعين منجزه في سياق متسق في تجلياته ومراحله وتنويعاته." يعتبر حسن شريف أبو الفن المعاصر في دولة الإمارات العربية المتحدة، ورائد الفن المفاهيمي والتجريبي في المنطقة. بدأت مسيرته الفنية في سبعينيات القرن الماضي، متخذًا نهجًا خاصًا به جعله بمنأى عن السائد والتقليدي وعلى شيء من الحداثوية الراديكالية متأثرًا بحركات فنية طليعية مثل فلوكسيسم والبريطانية البنائية، وعليه يأتي هذا المعرض محتويًا الجزء الأكبر من أعماله المفاهيمية بدءًا من سبعينيات القرن الماضي وصولًا إلى 2016 سنة رحيله عنا، ولتكون أعماله المستعادة في هذا المعرض كشّافًا لرؤاه الفلسفية والاجتماعية المتلعقة بالزمن، والحياة اليومية، والأنظمة الحسابية، وقد جرى اقتباس عنوان المعرض من مقال كتبه شريف عام 1989 واصفًا فيه إيمانه بأن "الفنان يحتل زاوية خاصًا به – يمكن وصفه بزاوية الفنان – مكررًا إبداع عمل واحد طيلة حياته." كما يحتوي المعرض رسومات شريف الكاريكاتورية والقصص المصورة المنشورة في الصحف في السبيعينات، والتي سبقت تحوله الجذري نحو الفن التجريبي والمفاهيمي. كما تكشف الأعمال المعروضة عن تعمّقه بالصناعة والتصنيع والإيقاع الزمني السريع للعولمة التي عاشتها دولة الإمارات. وفي سياق متصل يحتوي المعرض ما يمكن اعتباره سلسلة أعمال بعنوان "نسج" متأسسة على المزج والتجميع وموضوعات على اتصال ب "علم الآثار الحضرية" المعدة من مواد ذات كلفة بسيطة جرى جمعها من الأسواق الإماراتية وانتجت على نحو جماعي، ومن الجدير ذكره أن هذه المنسوجات شكّلت بالنسبة لشريف عملية حوّل من خلالها الفائض الصناعي إلى فن، وهذا ما بات يعرف بعملية التكرار اليدوية الخاصة بربط المواد والتي مارسها شريف على نطاق واسع. ويأتي ما عرف بالأعمال "شبه النظامية" ليكمّل فضاء تجربة شريف الفنية، وخاصة في الثمانينيات حين فتنته النظم وبنائها ومنهجيتها، مجسدًا إياها على هيئة رسومات تفسر التعليمات، والإجراءات، وقواعد التكرار التي طورها، ليخرج منها بتكوينات وأشكال هندسية، ولتنعكس أيضًا في صوره الفوتوغرافية ورسوماته وملاحظاته التي توثق "تجاربه" و "عروضه الأدائية" في الثمانينيات، والتي تصوره يمشي أو يحفر أو يقفز، أو يجر حبلًا في الصحراء أو الاستوديو الخاص به. ويتكامل مع ما تقدّم عمل تركيبي يحاكي استوديو حسن شريف والذي تم التبرع به لمؤسسة الشارقة للفنون من قبل "القائمين على تركة حسن شريف" وذلك لصالح الأجيال المقبلة من الفنانين والطلاب الإماراتيين، إذ سيتم في المعرض إعادة تركيب جميع عناصر الاستوديو الخاص به، بما في ذلك أدواته والمواد التي استخدمها. هذا ويقام المعرض في ساحة المريجة، وبيت السركال في ساحة الفنون، ويستمر لغاية 3 فبراير 2018. ويصدر بالتزامن مع المعرض عن مؤسسة الشارقة للفنون "كتالوج" شامل عن تجربة وأعمال حسن شريف (بالعربية والانجليزية) متضمنًا مقالات بقلم الفنان حسن شريف، والشيخة حور القاسمي، والفنان الإماراتي محمد كاظم، والشاعر الإماراتي راشد الخالد. كما سينتقل المعرض إلى مواقع دولية شريكة حول العالم بعد اختتامه في إمارة الشارقة.