قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر إن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال : «خَيْرُ الدُّعاءِ يَوْمَ عَرَفَة، وَخَيْرُ ما قُلْتُ أنا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ علىٰ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ، فيُستحبّ الإِكثارُ من هذا الذكر والدعاء، ويَجتهدُ في ذلك، فهذا اليوم أفضلُ أيام السنة للدعاء، وهو مُعظم الحج (وهو معظم الحج قال ابن علاّن: أي الوقوف بعَرَفَة معظم الحج؛ إذ بإدراكه يُدرك الحج، وبفواته يفوت، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «الحج عَرَفَة». قيل: وهو أفضل أركانه لتوقفه عليه، ولما فيه من الفضل العظيم والشرف العميم)، ومقصودُه والمعوّل عليه، فينبغي أن يستفرغَ الإِنسانُ وُسعَه في الذكر والدعاء وفي قراءة القرآن، وأن يدعوَ بأنواع الأدعية، ويأتي بأنواع الأذكار، ويدعو لنفسه ويذكر في كلّ مكان، ويدعو منفردًا ومع جماعة، ويدعو لنفسه ووالديه، وأقاربه، ومشايخه، وأصحابه، وأصدقائه، وأحبابه، وسائر مَن أحسن إليه وجميع المسلمين. وحذر جمعة في بيان له على صفحته الرسمية كلَّ الحذرِ من التقصير في ذلك كله، فإن هذا اليوم لا يمكن تداركه، بخلاف غيره. ولا يتكلَّفُ السجعَ في الدعاء، فإنّه يُشغل القلبَ ويُذهبُ الانكسار والخضوعَ والافتقار والمسكنة والذلّة والخشوع، ولا بأس بأن يدعو بدعواتٍ محفوظة معه له أو غيره مسجوعة إذا لم يشتغل بتكلّف ترتيبها ومراعاة إعرابها. وتابع: السُّنّة أن يخفضَ صوته بالدعاء، ويكثر من الاستغفار والتلفّظ بالتوبة من جميع المخالفات مع الاعتقاد بالقلب ويلحّ في الدعاء ويكرّره، ولا يستبطئ الإِجابة، ويفتح دعاءه ويختمه بالحمد للّه تعالىٰ والثناء عليه سبحانه وتعالىٰ، والصلاة والتسليم علىٰ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وليختمه بذلك وليحرص علىٰ أن يكون مستقبلَ الكعبة وعلىٰ طهارة. وعن عليّ رضى الله عنه قَالَ: أَكْثَرُ دعاءِ النبيّ صلى الله عليه وسلم يوم عَرَفَةَ فِي الْمَوْقِفِ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَالَّذِي نَقُولُ، وَخَيْرًا مِمَّا نَقُولُ، اللَّهُمَّ لَكَ صَلاَتِي وَنُسُكِي، وَمَحْيَايَ، وَمَمَاتِي، وَإِلَيْكَ مَآلِي، وَلَكَ رَبِّ تُرَاثِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ القَبر، وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ، وَشَتَاتِ الأَمر؛ اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَجِيءُ بِهِ الرِّيحُ». كما يُستحبّ الإِكثار من التلبية فيما بين ذلك، ومن الصَّلاة والسلام علىٰ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأن يُكثِرَ من البكاء مع الذكر والدعاء، فهنالك تُسكبُ العَبَرات، وتُستقال العثرات، وترتجىٰ الطلبات، وإنه لموقفٌ عظيم ومَجمع جليل، يجتمعُ فيه خيار عباد اللّه المخلصين، وهو أعظم مجامع الدنيا. ومن الأدعية المختارة: «اللَّهُمَّ آتِنا في الدُّنْيا حَسَنَةً وفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذَابَ النَّارِ» ، (اللَّهُمَّ إني ظَلَمْتُ نَفْسِي ظُلْمًا كَثِيرًا، وإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أنْتَ، فاغْفرْ لي مَغْفِرَةً مِنْ عندِكَ، وَارْحَمْنِي إنَّكَ أنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ). (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي مَغْفِرَةً تُصْلِحْ بِها شأني فِي الدَّارَيْنِ، وارْحَمْنِي أسْعَدُ بِهَا في الدَّارَيْنِ، وَتُبْ عليَّ تَوْبَةً نَصُوحًا لا أنْكُثها أبَدًا، وألْزِمْنِي الاسْتِقَامَةِ لا أَزيغُ عَنْها أبَدًا). (اللَّهُمَّ انْقُلْنِي مِنْ ذُلِّ المَعْصِيَةِ إلىٰ عِزَّ الطَّاعَةِ، وأغْنِنِي بحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَبِطاعَتِكَ عَنْ مَعْصِيَتِكَ، وَبِفَضْلِكَ عَمَّن سِوَاكَ). (وَنَوِّرْ قَلْبِي وَقَبْرِي وأعِذْنِي مِنَ الشَّرَّ كُلِّهِ، واجْمَعْ لي الخَيْرَ كُلَّهُ).