قال الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إنه يجوز إخراج زكاة الفطر أموالًا لأنها أنفع للفقير، استنادًا إلى رأي الإمام أبي حنيفة الذي أيده الأزهر ودار الإفتاء المصرية والتابعين مثل عمر بن عبد العزيز. وأضاف «كريمة» خلال لقائه ببرنامج «منهج حياة»، أن هناك طائفة من خوارج هذا العصر يثيرون فتنة بأنه لا يجوز إخراج زكاة الفطر مالًا، منوهًا بأن الإمام أبا حنيفة أفتى بأن بجواز إخراجها أموالًا لأنها حق للفقير، أما الزكوات الأخرى غير صدقة الفطر فهي حق لله تعالى وتخرج من نفس الصنف، مثلا فزكاة الزروع تخرج زرعًا. وكانت دار الإفتاء، قد أكدت أنه يجوز إخراج زكاة الفطر مالا مطلقًا، وهذا هو مذهب الحنفية، وبه العمل والفتوى عندهم في كل زكاة وفي الكفارات، والنذر، والخراج، وغيرها، كما أنه مذهب جماعة من التابعين، وهذا الذي نختاره للفتوى ونراه أَوفَقَ لمقاصد الشرع وأَرفَقَ بمصالح الخلق. وأضافت الإفتاء، في إجابتها عن سؤال «ما حكم إخراج زكاة الفطر نقدًا؟»، أن الإمام أبو الحنفية يرى أنَّ الواجبَ في صدقة الفطر نصفُ صاعٍ من بُرٍّ أو دقيقه أو سَوِيقه أو زبيبٍ أو صاعٌ مِن تمرٍ أو شعير، وأن وجوب المنصوص عليه إنما أتى من كونه مالا متقوما على الإطلاق لا من كونه عَينا، فيجوز أن يُعطي المزكي عن جميع ذلك القيمةَ: دراهمَ، أو دنانير، أو فلوسًا، أو عُروضًا، أو ما شاء. وتابعت: قال الإمام السرخسي في المبسوط 3 107، 108: "فإن أَعطى قيمةَ الحِنطة جاز عندنا، لأن المعتبر حصول الغِنى، وذلك يحصل بالقيمة كما يحصل بالحِنطة، وعند الشافعي رحمه الله تعالى لا يجوز، وأصل الخلاف في الزكاة، وكان أبو بكر الأعمش رحمه الله تعالى يقول: أداء الحنطة أفضل من أداء القيمة، لأنه أقرب إلى امتثال الأمر وأبعد عن اختلاف العلماء، فكان الاحتياط فيه، وكان الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى يقول: أداء القيمة أفضل، لأنه أقرب إلى منفعة الفقير؛ فإنه يشتري به للحال ما يحتاج إليه، والتنصيص على الحنطة والشعير كان لأن البِياعات في ذلك الوقت بالمدينة يكون بها، فأما في ديارنا البياعاتُ تجرى بالنقود، وهي أعز الأموال، فالأداء منها أفضل". واستطردت: هذا أيضًا هو مذهب جماعة من التابعين، كما أنه قول طائفة مِن العلماء يُعْتَدُّ بهم، منهم: الحسن البصري حيث روي عنه أنه قال: "لا بأس أن تعطى الدراهم في صدقة الفطر"، وأبو إسحاق السبيعي فعن زهير قال: سمعت أبا إسحاق يقول: "أدركتُهم وهم يُعطُون في صدقة الفطر الدراهمَ بقيمة الطعام"، وعمر بن عبد العزيز، فعن وَكِيع عن قُرّةَ قال: جاءنا كتاب عمر بن عبد العزيز في صدقة الفطر: نصف صاع عن كل إنسان أو قيمته نصف درهم، وقد روى هذه الآثار الإمام أبو بكر بن أبي شيبة في "المصَنَّف" 2 398، وهو أيضًا مذهب الثوري، وبه قال إسحاق بن راهويه وأبو ثور، إلا أنهما قيدا ذلك بالضرورة، كما ذكره الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" 6 112، وأجازه الشيخ تقي الدين الحنبلي أيضًا للحاجة والمصلحة الراجحة؛ حيث يقول في "مجموع الفتاوى" عن إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك 25 82، 83: "والأظهر في هذا أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه... وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به". واستكملت: وكما أن القول بإجزاء إخراج القيمة في زكاة الفطر رواية مُخَرَّجة عن الإمام أحمد نَصَّ عليها المِرداوِي في "الإنصاف" 3 182.