الزوجة تلعب ال "كاندي كراش" ليل نهار وتناست حقوقها تجاه زوجها، والزوج غير موجود في بيته ليل نهار، فنهارا في عمله وليلا بصحبة أصدقائه يلعبون ال "بلاي ستيشن" وتناسى حقوق زوجته عليه، فأصبحت حياتهما فلا أحد منهما يطيق الآخر، وكانت النتيجة الحتمية هي الخلاص أو الطلاق. هذه حقيقة وليس رؤية أو خيالا، بل ناقوس خطر تؤكده بيانات محاكم الأسرة التي كشفت عن وقوع أكثر من عشرة آلاف حالة طلاق بسبب ال "بلاي ستشين" من الزوج وال "كاندي كراش" من الزوجة. أرقام مفجعة وحقائق مذهلة كشف النقاب عنها الإعلامي المتميز مصطفى كفافي في حلقة وثائقية بعنوان "ثورة الطلاق" على قناة الغد العربي، تنذر بكارثة محدقة في مجتمعنا الذي أصابه الوهن بفعل متغيرات سياسية واقتصادية واجتماعية وأخلاقية ودينية. "ثورة الطلاق"، التي ازدادت شرارتها خلال السنوات الأخيرة تنذر بكارثة تهز أرجاء المجتمع والأسرة المصرية التي تفكك رباطها بفعل الغزو الذي تعرضنا من تكنولوجيا العصر التي حطمت روابط الصلة والتراحم والود، فأصبح كل فرد في العائلة يعيش في جزيرة منعزلة، وذلك ما تؤكد عليه إحصاءات الأممالمتحدة التي ذكرت ارتفاع نسبة الطلاق في مصر من 7 في المئة إلى 40 في المئة خلال الخمسين عاما الأخيرة، وأن إجمالي المطلقات في مصر وصل إلى 4 ملايين مطلقة، مشيرا إلى أن هناك 250 حالة طلاق في اليوم الواحد بمعدل حالة طلاق تحدث كل أربعة دقائق في مصر. لم تقف حدة الأرقام عند هذا القدر، بل أصبحت الأمور أكثر كارثية، في ضوء تقرير الجهازالمركزي للتعبئة العامة والإحصاء الذي أكد أن المحاكم المصرية تشهد سنويا نحو 14 مليون قضية طلاق، يمثل أطرافها البالغ عددهم ثمانية وعشرين مليون شخص، أي ما يعادل نحو ربع تعداد سكان المجتمع المصري . من بين أسباب "ثورة الطلاق" التي سردتها الحلقة، والتي غزت مجتمعنا في ظل الحالة السياسية التي عاشتها مصر منذ ثورة 25 يناير وحتى يومنا هذا وما تبعها من آثار اقتصادية أنهكت كاهل المواطن البسيط والذي جعلته يستسلم لحتمية "أبغض الحلال" لعدم قدرته على الوفاء باحتياجات أسرته، يتربع غلاء الأسعار على عرش العوامل الاقتصادية التي أدت إلى ارتفاع نسب الطلاق في الأحياء الفقيرة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. كما تتربع ثغرات قانون الخلع علي عرش الأسباب القانونية، واللذين جاءا من من بين أهم 10 أسباب وضعت مصر في المركز الأول عالميا في معدلات الطلاق طبقا لإحصاءات الأممالمتحدة والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر . وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها موقع ال "فيس بوك"، أنها تساهم بنحو 20% على الأقل من حالات الطلاق، وفقا لبيانات من محاكم الأسرة. كما جاء من بين الأسباب إفشاء أسرار المنزل، وتدخل الأهل والأصدقاء في تفاصيل الحياة الزوجية، حيث أكدت إحصائية مركز البحوث الاجتماعية أن تدخل الأهل في الحياة الزوجية كان سببا من أسباب الانفصال والطلاق بنسبة 44.6 في المائة، ثم جاء في المرتبة التالية عامل الخلافات الدائمة والخصام بين أسرتي الزوجين بنسبة 21.9 في المائة. ومن بين الأسباب العشرة ارتفاع نسبة الطلاق في الحضر عن مثيلاتها في الريف لارتفاع سقف الحريات لدى المرأة في المدينة . بالإضافة إلى انعدام المسؤولية وعدم التكافؤ الاجتماعي بين الزوجين والعلاقات التحررية قبل الزواج، وإدمان المخدرات والخمور. ومن بين الأسباب أيضا التي أدت إلى اشتعال "ثورة الطلاق" التسهيلات التي يمنحها قانون الخلع للزوجة التي تريد الطلاق بدون الجلسات التي من المفترض أن تتم بين الزوجين، والثغرات القانونية التي يستغلها المحامون في إنهاء تطليق الزوجة من الزوج بدون الاهتمام بآثار وتبعات ذلك على الأطفال وعلى المجتمع . ولعلي هنا أتبنى دعوة الإعلامي مصطفى كفافي بأهمية التصدي لهذه "الثورة الخطيرة" التي تنبئ بأجيال من الأطفال تخرج إلى المجتمع مفككة ومنحرفة، وضرورة تأهيل الأزواج في دورات تدريبية كما يحدث في الخارج، ومطالبته بمزيد من الرقابة من الأهل والأسرة على المتزوجين حديثا للحيلولة دون انهيار قيم الرباط المقدس بين الأزواج.