قررت الجمعية العمومية غير العادية لمستشاري مجلس الدولة، رفض مشروع القانون المطروح بمجلس النواب، والمتعلق بتعديل آليات اختيار رؤساء الهيئات والجهات القضائية، بإجماع آراء الحضور، وتمسكها بمبدأ الأقدمية المطلقة في رئاسة مجلس الدولة. وفوضت الجمعية العمومية، المجلس الخاص (أعلى سلطة تضطلع بشئون قضاة مجلس الدولة) بالتواصل مع مؤسسة الرئاسة، لإبلاغه رئيس الجمهورية بقرار الجمعية العمومية معلنة أنها في حالة انعقاد دائم لحين انتهاء أزمة مشروع القانون الذي وافق البرلمان عليه، لمتابعة ما تسفر عنه الأحداث واتخاذ ما يلزم في ضوء ذلك، بما يحفظ لمجلس الدولة استقراره وتقاليده القضائية. ورفضت الجمعية مقترحا يتعلق بأن تكون آلية اختيار رئيس مجلس الدولة عن طريق اختيار الجمعية العمومية الخاصة بمجلس الدولة، رئيس المجلس من بين أقدم 3 نواب لرئيس المجلس ويصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية، وهذا ذات الصيغة التي يتم من خلالها تعيين رئيس المحكمة الدستورية العليا. وقالت الجمعية العمومية إن الدستور الحالي، وترسيخا للثوابت الدستورية التاريخية، أكد بنصوص صريحة وقاطعة على مبدأ استقلال السلطة القضائية، واعتبر التدخل في شئون العدالة أو القضايا، جريمة لا تسقط بالتقادم، ولذلك ناط بكل جهة أو هيئة قضائية القيام على شئونها بما في ذلك اختيار أعضائها ومن يتولى رئاستها. وأضافت أن ترسيخ الدستور لمبدأ استقلال القضاء ليس تقريرا لميزة شخصية يتمتع بها القاضي على نحو قد يتيح له التفريط فيها أو السكوت على محاولة النيل منها، وأن استقلال السلطة القضائية هو ضمانة أساسية وجوهرية لجميع فئات المجتمع وهيئاته، وانطلاقا من ذلك فإن سلطة المشرع في تنظيم صلاحيات السلطة القضائية لا يمكن أن تنتقص من استقلال القضاء على أي وجه، لما يمثله ذلك من إهدار لأصل من الأصول الدستورية المقررة في هذا الشأن. وأكدت الجمعية العمومية أن مجلس الدولة ليس لديه أي خلاف مع أي سلطة أو جهة في الدولة، وأن انعقاد جمعيته العمومية الطارئة، جاءت لمناقشة شأن داخلي بحت طبقا للدستور والقانون ولائحته الداخلية. وذكر البيان الصادر عن الجمعية أن دور السلطة التشريعية في سن القوانين والتشريع، ليس مطلقا من كل قيد، بل مقيد بنصوص الدستور الذي ينظم سلطات الدولة بالتوازن فيما بينها وبالحفاظ على المبادئ الأساسية المقررة فيه، والتي من أهمها مبدأ الفصل بين السلطات ومبدأ استقلال القضاء، موضحا أن قضاء المحكمة الدستورية العليا قد جرى على أنه ولئن كان المشرع يملك سلطة تقديرية في سن القوانين، غير أن هذه السلطة مقيدة بأنه يجب أن يختار من البدائل المتاحة أنسبها وأفضلها، شريطة أن يكون البديل الذي يختاره متفقا وأحكام الدستور. وأشارت الجمعية العمومية إلى أنه إذا كان لا يجوز للسلطة التنفيذية أن تتدخل في اختيار رئيس مجلس النواب أو وكيليه أو حتى رؤساء ووكلاء لجانه النوعية، وذلك إعمالا لمبدأ الفصل بين السلطات، فإنه لا يجوز لها أيضا إعمالا للمبدأ ذاته أن تتدخل في اختيار رؤساء الجهات والهيئات القضائية. وأوضحت الجمعية أنها وإن كانت تقدر وتعي تماما أن رئيس الجمهورية ليس طرفا في هذا الشأن، إلا أنه إعمالا لأحكام المادة 139 من الدستور، والتي حددت من اختصاصات رئيس الجمهورية رعاية مصالح الشعب، فقد تعين الاحتكام إليه لوضع الأمور في نصابها الصحيح للحفاظ على مبدأ الفصل بين السلطات واستقلال القضاء.