* الدكتور حسن شحاتة أستاذ مناهج التربية بجامعة عين شمس: * التعليم قضية مجتمع وليست أفراد والحل "قرار سياسي" * %67 من المعلمين ليس لهم علاقة بالتعليم التربوي داخل الوزارة * الغرفة السرية للامتحانات "مخترقة" ما بين المناهج والمنظومة بات التعليم المصري في أزمة حقيقية، ورغم محاولات الدولة المتكررة لإصلاح المنظومة إلا أن الأمور ما زالت باقية كما هي، فمنذ الثمانينيات بحسب الخبراء برزت أزمة التعليم في مصر بقوة، ووصل الأمر في النهاية إلى تراجع تصنيفات مصر العالمية في مؤشرات جودة التعليم لتحتل مرتبة متأخرة في القائمة. الخبير التربوي الدكتور حسن شحاتة، أستاذ مناهج التربية بجامعة عين شمس، أكد أن العملية التعليمية في مصر أشبه بالنفق المظلم، وأن الأزمة سببها سياسات ثابتة منذ الثمانينات حتى وقتنا الحالي.. وإلى نص الحوار: ما هي الأسباب الجوهرية وراء تراجع العملية التعليمية في مصر؟ أزمة التعليم حديثة تعود إلى الثمانينيات، وجوهرها يرجع لافتقار التمويل الكافى للإنفاق على معطيات العملية التعليمية وتحسينها لأن الميزانية الموضوعة للتعليم تقدر بحوالى 76 مليار جنيه في الوقت الحالي، وهي ضئيلة جدا ولا تدفع العملية التعليمية، حيث ينفق منها حوالي 90% أجورا متدنية ل50 ألف معلم، في المقابل لدينا 20 مليون متعلم، فالمعادلة غير متوازنة وبشكل نهائي إذا كانت المدخلات "صفر" فبالتالي المخرجات صفر. ومركزية القرار واحدة من الأسباب الرئيسية لتدهور التعليم، بمعنى أن وزارة التربية والتعليم تتعدى على أعمال المحافظين، حيث ينص الدستور على أن يباشر المحافظون العملية التعليمية داخل المدارس بحسب الدائرة التابع لها المحافظ، وهذا أدى لفشل الإدارات التعليمية بأكملها، وعلى الدولة محاسبة المحافظين أولا، فالوزير سلطاته سياسية والمحافظ تنفيذية والواقع الحالي يمثل تعدي أدوار على حساب التعليم. إضافة إلى توظيف غير المتخصصين، فنحن بصدد كارثة بدأها الرئيس الأسبق حسني مبارك حينما فجر قنبلة البطالة وسمح بتوظيف جميع خريجي الكليات غير التربوية فى التعليم، وهناك 67% من المعلمين غير مجهزين تربويًا. هل الأزمة سببها أشخاص أم مؤسسات؟ التعليم قضية مجتمع وليست وزير أو مؤسسة، فعدم الاستقرار على سياسة واحدة تحدد معاييرها بشكل واضح تسبب فى تفاقم مشكلات التعليم، فاختيار الوزراء لا يتم على أساس الخبرة، ومن خلال عملى كمستشار للوزراء السابقين منذ بداية العمل مع الوزير مصطفى كمال حلمي منذ بداية الثمانينات مرورا بوزارات فتحي سرور، وكامل بهاء الدين، وجمال الدين موسى، وزكي بدر، ويسري الجمل، فلا أحد من هؤلاء هذه الوزراء ذو خبرة بالعمل التعليمي، وكل مؤهلاتهم بعيدة تماما عن الربط بينها وبين الإدارة التعليمية التربوية السليمة، والوزراء يتم اختيارهم بالواسطة والمحسوبية. وبالنسبة للتشكيل الوزاري الجديد، الدولة ما زالت تبحث وواجهت صعوبة في اختيار وزير التعليم الجديد، وفي تصوري العملية التعليمية أشبه بالمبنى الآيل للسقوط والوزير خفيرها يتم تغييره بشكل دوري دون معالجة الأسباب الجوهرية. متى نستطيع أن نحول التعليم لمشروع قومي؟ مهم جدا أن تتوافر المشاركة المجتمعية بدون إلقاء التبعية على الدولة، ومن الضروري إشراك المجتمع المدني ورجال الأعمال بالمساهمة فى التعليم لإتاحة الفرصة للتعليم غير الحكومى الذي يقدم وجبة دسمة وبعيدا عن الفصول المكتظة بالطلاب، وأرى أن دور الإعلام يأتي هنا بالتنشيط الدوري لذاكرة رجال الأعمال ودعوتهم للاستثمار الذي يعد بمثابة طوق النجاة للخروج من نفق التعليم المظلم. ما النسب المسموح بها دوليًا لمتوسط أعداد الطلاب داخل الفصول؟ بكل أسف عدد الطلاب داخل الفصول في مصر يصل إلى 80 طالبا، والنسب المسموح بها دوليًا ألا يتعدي عدد الطلاب 30 طالبا داخل الفصل الواحد، فاكتظاظ الفصول بالطلاب سبب رئيسى فى تدني التعليم وإنجاب طالب أمي، وبحسب التقييم العالمي لمستوى التعليم فقد تراجعت مصر لمستويات متأخرة. كيف يساهم أولياء الأمور فى تحسين العملية التعليمية؟ من الثقافات الكارثية التى اعتاد عليها المجتمع ترسيخ فكرة أن التعليم للامتحان فقط وليس للحياة، ما دفع الطلاب للتركيز على الحفظ والتلقين دون أن يفهموا ويستنبطوا، فالنجاح بالنسبة لأولياء الأمور هو المقياس والمعيار. كيف ترى حل الأزمة؟ وما هي المتطلبات التي نحتاجها؟ الأزمة ستظل كما هي مادامت السياسات ثابتة لا تتغير، فالقرار السياسي هو القول الفصل فى النهوض بالعملية التعليمية، والأهم أيضا الاستثمار في التعليم ومناشدة رجال الأعمال بشكل مستمر. هل للمعلم نصيب في تفاقم الأزمة؟ ومتي يرضى المصريون عن العملية التعليمية؟ بكل تأكيد، فالمعلم لا يقوم بدوره الصحيح والمطلوب، فكل من الدولة والمعلم "بيضحكوا على بعض"، الدولة لم تكافئ المعلم بما يتناسب مع متطلبات الحياة، والمعلم خفض أداءه، ما تسبب في وجود الدروس الخصوصية، والتي تعتبر بمثابة عرض لمرض، ما شكل عبئا كبيرا على كاهل أولياء الأمور، فرضاء المصريين عن التعليم يحتاج لمزيد من المعطيات المهمة ووقت كبير مثل التمويل الضخم، وإعداد الفصول على أعلى مستوى وبعدد لا يتجاوز ال 30 طالبا، وتغيير المناهج واعتمادها على الفهم والاستنباط، وتأهيل المعلمين المتخصصين القادرين على خلق فكر متحضر ومواكب للتطوارت الحديثة. وما تقييمك لعمل وزارة التربية والتعليم بقيادتها الحالية وما الأخطاء التى حدثت في عهدها؟ لا أعتقد أنه يمكن وضع نسبة مئوية لتقييم تلك الوزارة، فهي بذلت جهودها في حدود الموارد المتاحة لها، وبات الوزير بمثابة خفير يتم تغييره من وقت إلى آخر. هل استطاعت الوزارة السيطرة على الغش الإلكترونى؟ وهل نظام البوكليت سيساهم في القضاء على الغش؟ بالتأكيد الوزارة لم تنجح فى السيطرة على الغش، ولاسيما العام الماضي، وظاهرة شاومينج، فيكفي أن أقول "الغرفة السرية للامتحانات مخترقة".