طالب الشيخ خالد الجندي، الداعية الإسلامي، المرأة التي ترغب في زيارة المقابر، بأن تذهب مع أحد محارمها إذا كانت المقبرة نائية أو بعيدة لأنه مكان موحش وقد يحدث ما لا يحمد عقباه، والقلوب الضعيفة لا تحتمل، وأن تلتزم السكينة والوقار في المقبرة، فتعتبر من غير صوت او عويل، وأن يكون الغرض من زيارة القبور العظة والاعتبار والنظر في المآل، وأن ترتدي الزي الشرعي ولا تظهر منها إلا الوجه والكفين. وأضاف «الجندي» خلال تقديمه برنامج «لعلهم يفقهون» أنه الفقهاء اختلفوا في حكم زيارة النساء للقبور على أقوال، الأول: تجوز زيارة النساء للقبور بلا كراهة، وهو مذهب الجمهور؛ من الحنفية، وقول عند المالكية، وهو الأصح عند الشافعية مع أمن الفتنة، ورواية في مذهب الحنابلة، واختيار ابن حزم، والقول الثاني: تكره زيارة النساء للقبور ولا تحرم، وهو المذهب عند الشافعية، ومشهور مذهب الحنابلة، والقول الثالث: تحرم زيارة النساء للقبور، وهو قول عند الحنفية والمالكية. وعرض الداعية الإسلامي، أدلة القائلين بالتحريم، ومنها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور» (الترمذي 1056، ابن ماجه 1576، أحمد 8449, قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح)، وما ثبت في الصحيحين عن أم عطية رضي الله عنها قالت: «نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا» (البخاري 1278، مسلم 938). ولفت إلى أدلة القائلين بجواز الزيارة، ومنها: ثبوت إذن النبي -صلى الله عليه وسلم- لعائشة وتعليمها الدعاء إذا زارت القبور «قلت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟ قال قولي: السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم للاحقون» رواه (مسلم 974)، حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر، فقال: اتقي الله واصبري, فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين, فقالت: لم أعرفك, فقال: إنما الصبر عند الصدمة الأولى» (البخاري 1283، مسلم 926)، فأقرها النبي صلى الله عليه وسلم على زيارتها القبر والوقوف عليه، وإقرار النبي صلى الله عليه وسلم حجة. وتابع: أن الذين أجازوا الزيارة استدلوا بثبوت زيارة القبور عن الصحابيات، فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها، كما روى ابن أبي مليكة أنه رآها زارت قبر أخيها عبدالرحمن فقيل لها: أليس قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك؟ قالت: "نعم، كان نهى ثم أمر بزيارتها" (المستدرك 1392, سنن البيهقي 7207)، كما استدلوا أيضا بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها" زاد الترمذي بإسناد صحيح: "فإنها تذكر الآخرة"(مسلم 977, الترمذي 1054). وألمح إلى أدلة القائلين بالكراهة ،حيث استدل القائلون بالكراهة على قولهم بأمور: تعارض الأدلة بين الإباحة والحظر وأقل ذلك الكراهة، وضعف النساء في العادة عن الصبر عند زيارتهن للمقابر، حيث قال ابن قدامة في المغني (المغني 2/425).: "ويحتمل أنه كان خاصًّا للرجال، ويحتمل أيضًا كون الخبر في لعن زوارات القبور بعد أمر الرجال بزيارتها فقد دار بين الحظر والإباحة فأقل أحواله الكراهة، ولأن المرأة قليلة الصبر كثيرة الجزع، وفي زيارتها للقبر تهييج لحزنها وتجديد لذكر مصابها، ولا يؤمن أن يفضي بها ذلك إلى فعل ما لا يجوز". ورجح «الجندي» قول الجمهور القائلين بجواز زيارة النساء للقبور بلا كراهة، ولكن عليها الالتزام ببعض الأمور، أن تذهب مع أحد محارمها إذا كانت المقبرة نائية أو بعيدة لأنه مكان موحش وقد يحدث ما لا يحمد عقباه، والقلوب الضعيف لا تحتمل، وأن تلتزم السكينة والوقار في المقبرة، فتعتبر من غير ما صوت ولا عويل، وأن يكون الغرض من زيارة القبور العظة والاعتبار والنظر في المآل، وأن تذهب بالزي الشرعي ولا تظهر منها إلا الوجه والكفين.