*«مكامير الفحم بدمياط» قنبلة موقوتة تهدد دمياط * العمال: مصدر للرزق ولكن لا يمكن إنكار مخاطرها *الأهالي: مصدر للتلوث والأمراض ونطالب بإبعادها عن الحيز العمراني فى مشهد يعكس العشوائية والفوضى في محافظة دمياط،لاتزال مكامير الفحم المنتشرة داخل الكتل السكنية بالقرى تبث سمومها، فضلا عن تجريف وتبوير الأراضي الزراعية على مرأى ومسمع من المسئولين دون تدخل حاسم لوقف هذه المكامير التى تتسبب فى انتشار الأمراض وتلوث البيئة. فعلى بعد مسافة أمتار قليلة من سور مقابر مدينة دمياط الجديدة وعلى الضفة الأخرى من ترعة حلاوة، أقيم أكبر تجمع لمكامير الفحم بالمحافظة، وبمجرد الدخول إلى تلك المنطقة نجد كميات هائلة من جذوع الأشجار المقطوعة متراصة بشكل هندسي ترتفع لأمتار من الأرض، وسط تصاعد كثيف للدخان، الذى ينبعث من حفرة حوالى 4 ×4 متر وبعمق مترين ويطلق على تلك الحفرة "مكمورة" ويتم رص كل نوع من الأخشاب على حدة، وتستمر عمليات الحرق لمدة 40 يومًا حتى يتحول الخشب إلى فحم وبعدها يتم جمعه ورصه في شكائر استعدادًا لبيعه. ويطلق الأهالي على مكامير الفحم اسم "مكامير الموت"، نظرا لما تشكله من خطورة بكافة المناطق المحيطة بها على البيئة وصحة المواطنين، كما تنذر بكارثة حقيقية في منطقة الرياض والبساتين وترعة حلاوة ومنطقة السنانية وطريق رأس البر وعزبة الصيادين بطريق دمياط الجديدة وحوض البرية رقم (1) التابع للجمعية الزراعية بالكحيل، فضلا عن انتشارها على طرق كفر البطيخ ودمياط الجديدة ورأس البر. ويعمل في تلك المكامير، مختلف الأعمار من الأطفال والشباب ويلقب الأهالي أصحابها باسم رجال الفحم بدلا من رجال الأعمال. يقول السيد الحفناوي، أحد العمال بمكامير الفحم، إنه يعمل بتلك المهنة منذ أكثر من 20 عاما توارثها عن والده،وتمثل مصدر رزقه، ولكن لا يمكن تجاهل أضرارها. وأضاف: "لا يمكن إنكار مخاطرها على البيئة، ولكن المكمرة الواحدة فتحت بيوت 10 أشخاص ويصل أجر العامل إلى 100 جنيه في اليوم الواحد". وأشار إلى أنه يتم استخدام فحم أشجار الجوافة والزان والكافور والزيتون ومعظم الإنتاج يتم بيعه محليًا وخاصة للمطاعم والمقاهي". وأوضح أن الفحم الممتاز يتم تنقيته وتغليفه جيدًا ووضعه في أجولة، ويكتب عليه أصل المنشأ والوزن والشركة ويصدر لدول مثل لبنان وتركيا والإمارات. وناشد الدولة بالتدخل لتقنين أوضاع المكامير،لافتا إلى أنه طالب جهاز مدينة دمياط الجديدة بتوفير 1000 متر داخل المنطقة الصناعية بمدينة دمياط الجديدة لإنشاء أفران آلية لصناعة الفحم وهو ما يتجاهله جهاز تعمير دمياط الجديدة. ويقول مزارع يدعى "محمد فتحي أبوالدهب"، إنه عندما زادت الأمراض نتيجة للدخان المتصاعد من المكامير لجأ الأهالي إلى المسئولين بالوحدة حيث إن أصحاب المكامير يفرضون سيطرتهم بقوة السلاح على أهالى المنطقة المستسلمين من الخوف والرعب والفزع خوفا على أرواحهم وأبنائهم من القتل وأصبح التهديد هو اللغة السائدة. وأشار المهندس أحمد صبحي، إلى أن أصحاب المكامير يقومون بتبوير الأراضي الزراعية وحفرها بعمق يصل إلى 4 أمتار ثم يضعون بها أغصان أشجار الجوافة والكافور بعد تقطيعها بطول متر ووضعها بالحفرة طبقات بين كل منها طبقة خفيفة من قش الأرز حتى ترتفع طبقة الخشب عن سطح الأرض بمترين ثم تغطيتها برماد النار المحروق سلفا وإشعال النار فيها مع عمل فتحات ينبعث منها دخان كثيف عن طريق هذه الفتحات الضيقة التي يتم غلقها نهارا وفتحها ليلا لمدة أسبوع ثم يتم عملية إطفائها برش المياه بطريقة معينة لا يعرفها إلا أصحاب هذه المكامير لدرجة أنهم يحتفظون بسر هذه العملية، بعدها يقومون بعملية الغربلة،لجمع الفحم ونشره على الأرض حتى يتم تجفيفه وتعبئته للبيع بالطن. وقال إنه لا يوجد محطات معالجة ولكنها محطة رفع تلوث الزراعة بقرى كفر البطيخ وطريق رأس البر دمياط الجديدة أصبحت من أخطر الأماكن تلويثا للبيئة فالدخان ينتشر ليلا لأنهم يكتمون الدخان الذي يملأ البيوت من الداخل والمنطقة بسحب سوداء يصعب معها التنفس فهم يشترون الطن من خشب أشجار الجوافة من 80 إلى 120 جنيها ويقومون بحرقه وبيعه بالطن يبدأ من (1000 إلى 1700 جنيه) حسب نوع خشب الفحم وخصوصا فحم الجوافة. من جانبها، أكدت الدكتورة مها فايد مديرة إدارة شئون البيئة بدمياط،أن العام الحالي سيشهد انتهاء أزمة مكامير الفحم نهائيا والقضاء على الملوثات الناتجة عنها. ولفتت إلى أنه سيتم الإعلان عن توفيق أوضاع مكامير الفحم المخالفة التى تقع معظمها بمركز كفر البطيخ ودمياط الجديدة، وخاصة منطقة حلاوة وعلى المناطق المتاخمة لمدينة دمياط الجديدة، مشيرة إلى أن عدد مكامير الفحم النباتى لا تتجاوز ال200 مكمورة. وقالت إن اللجنة المشكلة لتوفيق أوضاع مكامير الفحم تم تشكيلها برئاسة سكرتير عام محافظة دمياط وبعضوية ممثلي جهاز شؤون البيئة بدمياط والدقهلية ومديرية الري والزراعة وهى تختص بتوفيق أوضاع المكامير في أماكنها، وأنه تم عرض 4 نماذج تم اعتمادها من قبل جهاز شئون البيئة "فرن أوكراني - فرن رأفت سليم - صوبة زجاجية - فرن"، وسيتم ترخيص تلك النماذج وتوفيق أوضاعها خلال 3 أشهر. ونوهت إلى وجود 200 مكامير في مدينة دمياط بعد إجراء الحصر النهائي لمكامير الفحم،مشيرة إلى أن مدينة كفر البطيخ تعد أكثر المناطق التي ينتشر فيها الفحم،حيث تضم من المكامير حوالي (35) تقع بداية من طريق رأس البر القديم إلى جانب 8 مكامير بطريق السنانية وأكثر من 10 مكامير أخرى"بناحية ميناء دمياط وأيضا مدينة كفر سعد تضم حوالي 15 مكامير. وحذرت الدكتورة مها فايد، من خطورة هذه المكامير على البيئة والمجارى المائية التي يتم استخدامها فى الزراعة؛ حيث يتسرب الرماد الأسود الذي يعد من مسببات السرطان بإضافة إلى وجود سحابة سوداء نتيجة الرماد الأسود والدخان، فضلا عن رائحتها الكريهة. ونوهت بأنه تم بدء في أعمال تقنين نحو 80 من مكامير الفحم بقريتي البساتين والرياض بدائرة مركز كفر البطيخ، داخل حيز محافظة دمياط طبقا لتعليمات وزير البيئة، حيث سيتم استبدال المكامير بأفران أو صوب لإنتاج الفحم ونعمل على استبدال المكامير بأخرى متناسقة مع البيئة، مؤكدة أنه سيتم إزالة المخالفات فورا.