انطلقت اليوم فعاليات يوم التسوق العالمي أو "الجمعة السوداء"، كما يطلق عليه، والذي ينتظره المصريون بفارغ الصبر خاصة في ظل ارتفاع أسعار السلع والملابس في الآونة الأخيرة، كي يتسنى لهم اقتناء ما يرغبون فيه بأسعار أقل من تلك المعروضة بها طوال العام. و"الجمعة السوداء" هي أول جمعة تأتي بعد عيد الشكر بالولاياتالمتحدةالأمريكية، والذي عادة ما يتم الاحتفال به في نهاية شهر نوفمبر؛ ويعتبر ذلك اليوم هو بداية موسم شراء هدايا عيد الميلاد المجيد، وتقوم أغلب المحلات التجارية بتقديم عروض وخصومات كبيرة على منتجاتها؛ ولذلك يتجمهر أعداد كبيرة من المستهلكين أمام المحلات منذ الفجر في انتظار أن تفتح أبوابها، وفور أن يتم فتحها يندفع المستهلكون إلى الداخل لاقتناص كل ما يمكن أن يضعوا أيديهم عليه من سلع زهيدة الثمن. وتقوم العديد من مواقع الشراء على الإنترنت أيضا، مثل "أمازون" و"إيباي" بتقديم عروض مذهلة على السلع. لكن ما لا يعرفه الكثيرون عن "الجمعة السوداء" هو أن تسميتها وبداية ظهورها في الأساس لم تكن لها علاقة بالتسوق أو الخصومات أو عيد الشكر، بل على العكس كانت مرتبطة بأزمة اقتصادية؛ وفيما يلي رصد لبعض المعلومات التي ربما لا يعرفها الكثيرون عن أصل "الجمعة السوداء" وتاريخ ظهورها: - كانت أول "جمعة سوداء" تشهدها الولاياتالمتحدة في 24 سبتمبر 1869، وهو اليوم الذي شهد انهيار سوق الذهب الأمريكي؛ وجاء ذلك بعد أن حاول الممولان "جاي جولد" و"جيم فيسك" خداع المستثمرين بالبورصة الأمريكية "وول ستريت"، فقاما بشراء كمية كبيرة من الذهب، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسعار الذهب بأكثر من 30 دولار للأوقية. - وفي يوم الجمعة 24 سبتمبر عام 1869، قامت الحكومة بضخ كمية من الذهب تقدر قيمته بملايين الدولارات في الأسواق، فانخفضت أسعار الذهب، مما تسبب في إفلاس المستثمرين على الفور، وجاء "جولد" و"فيسك" على رأس القائمة. - أما عن "الجمعة السوداء"، كما هو متعارف عليها في وقتنا الحالي، فقد ظهرت لأول مرة في مدينة "فيلادلفيا" بولاية "بنسلفانيا" الأمريكية خلال فترة الخمسينيات والستينيات، حيث كان الحشود تتوافد على المدينة في اليوم التالي لعيد الشكر لحضور مباراة كرة القدم الأمريكية السنوية التي تقام بها بين فريق بحرية الولاياتالمتحدة وقواتها البرية، والتي تعقد السبت التالي. - وبشكل عام كانت الشوارع والمتاجر بالمدينة في ذلك الوقت مكتظة طوال الوقت، وهو ما كان مربحا بالنسبة لأصحاب المتاجر، لكنه في الوقت ذاته كان فرصة مثالية لسارقي المتاجر. - ودفعت تلك الأمور ضباط الشرطة بالمدينة إلى إطلاق تسمية "الجمعة السوداء" على ذلك اليوم، إذ أنهم يضطرون إلى التعامل مع الاكتظاظ المروري بالإضافة إلى عدد كبير من جرائم سرقة المتاجر، كما كانوا يضطرون إلى العمل لساعات إضافية ولا يمكنهم الحصول على إجازة خلال ذلك اليوم. - لم يبدأ استخدام مصطلح "الجمعة السوداء" على صعيد وطني سوى في أواخر الثمانينيات، لكن مدلوله تغير، إذ أن التجار وأصحاب المحلات بشكل عام عادة ما كانوا يعانون من خسائر مالية معظم العام، فيما يبدأ المتسوقون في التدفق على المتاجر في ذلك اليوم مع بداية موسم شراء هدايا عيد الميلاد، وبذلك يحقق أصحاب المتاجر أرباحا تعوض خسائرهم. - ويرجع السبب وراء استخدام ذلك المصطلح خلال تلك الفترة إلى أنه كان يتم تسجيل الخسائر في السجلات المحاسبية بالحبر الأحمر، في حين يتم تسجيل الأرباح بالأسود؛ ولذلك فعندما تحقق المتاجر أرباح خلال ذلك اليوم تلون سجلاتها بالحبر الأسود، فيكون "جمعة أسود". - بدأت فكرة "الجمعة السوداء" في الظهور والانتشار في الدول العربية عام 2014، وذلك عندما أطلق موقع تسويق إلكتروني عربي مبادرة تحت عنوان "الجمعة البيضاء" ردا على الجمعة السوداء في أسواق أمريكا، وتم اختيار اللون الأبيض نتيجة لخصوصية ذلك اليوم لدى العرب والمسلمين. - أما عن فعاليات "الجمعة البيضاء" في مصر، فقد شهدت المولات والمحلات التجارية إقبالا شديدا من المتسوقين منذ الساعات الأولى من صباح اليوم، وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا من دخل المولات وأمام المحلات الشهيرة والتي تظهر تجمهر المواطنين والزحام الشديد الذي شهدته المحلات.