بعد إقبال استثنائي فاق التوقعات، وحطم جميع الأرقام القياسية السابقة، نجح معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الخامسة والثلاثين التي أسدل الستار عليها مساء أمس السبت، في جذب 2.31 مليون زائر للمرة الأولى في تاريخ معارض الكتب بدولة الإمارات والمنطقة، مقارنة مع مليون و227 ألف زائر في دورة عام 2015، فيما تجاوزت المبيعات 176 مليون درهم مقابل 135 مليونًا العام الماضي. كما حقق وسم المعرض على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من مليار مشاهدة من جميع أنحاء العالم. وأسهمت الفعاليات الثقافية والأدبية النوعية، إلى جانب الأسماء الكبيرة من الكُتاب والأدباء والمفكرين والمشاهير وارتفاع عدد دور النشر المشاركة في هذه الدورة والتي وصلت إلى 1681 دار نشر، إضافة إلى الإهتمام الإعلامي الكبير بالمعرض والتفاعل غير المسبوق معه، في الوصول إلى هذه الإنجازات التي أثبتت ريادة المشروع الثقافي لدولة الإمارات ولإمارة الشارقة، والذي وضع أسسه الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وعمل سموه على تقديم كل الدعم له كي يظل حدثًا ثقافيًا عائليًا يستقطب ملايين الزوار سنويًا، من داخل دولة الإمارات وخارجها. وأعرب أحمد بن ركاض العامري، رئيس هيئة الشارقة للكتاب، عن تقديره لهذه الحفاوة التي لقيها المعرض في دورته الخامسة والثلاثين من الزوار، الذين أثبتوا أن القراءة مازالت فعلًا يوميًا حيًّا، لن تنجح التطورات التقنية المتلاحقة في الحد منه، مشيرًا إلى أن تجاوز المعرض حاجز المليوني زائر للمرة الأولى هو حدث استثنائي يشكل نموذجًا للفعاليات الثقافية الناجحة في الوطن العربي والعالم، والتي تؤكد أن الكتاب سيظل الوسيلة المعرفية الأكثر جذبًا للجمهور من مختلف الأعمار. وقال العامري: "عندما وقع اختيارنا على "اقرأ أكثر" شعارًا لهذه الدورة، كنا ندرك أن القراءة بفضل دعم القيادة الإماراتية الرشيدة، ورؤية وتوجيهات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، هي الكلمة التي ستظل تجمع أكبر عدد من المواطنين والمقيمين والزوار حولها، لأن الكتاب كان دائمًا عامل جذب للصغار والكبار، والإقبال عليه في ارتفاع مستمر بفضل الكثير من المبادرات الوطنية التي تشجع أفراد المجتمع على مواصلة الاهتمام بالقراءة واستثمارها في تنمية معارفهم ومعلوماتهم". وأكد رئيس هيئة الشارقة للكتاب أن هذه الدورة قرّبت حلم الهيئة بالوصول إلى المركز الأول عالميًا بين المعارض الأكثر جذبًا للزوار، والأكثر تحقيقًا للمبيعات، وستشكل نقطة دفع قوية لتصدّر معرض الشارقة الدولي للكتاب المرتبة الأولى أيضًا على مستوى العالم في المعارض الأكثر نشاطًا في مجال بيع وشراء حقوق النشر، في ظل الاهتمام المتزايد بالمعرض من قبل الناشرين، وسعي الكثير منهم للمشاركة فيه، معبّرًا عن شكره وتقديره لجميع الضيوف، والمشاركين، والزوار، والإعلاميين، والرعاة على دعمهم للمعرض. وخلال الدورة التي اختتمت بعد أحد عشر يومًا من الجهد وجّه الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بتخصيص أربعة ملايين درهم لرفد مكتبات الشارقة من خلال شراء احدث الاصدارات من دور النشر المشاركة في الدورة الخامسة والثلاثين من معرض الشارقة الدولي للكتاب، بهدف تحديث محتوياتها، وضمان احتوائها على إصدارات متجددة، قادرة على جذب القراء وتلبية احتياجاتهم. ووقع حاكم الشارقة خلال حفل افتتاح المعرض، النسخة الأولى من كتابه الجديد "صراع القوى والتجارة في الخليج" (1620-1820م) الصادر عن منشورات القاسمي، ويعد مصدرًا للباحثين عن تاريخ الأسر الحاكمة على ضفتيّ الخليج، ومرجعًا للباحثين بالاقتصاد والتجارة بالخليج في هذه الفترة الممتدة لنحو 200 عام، كما يروي قصة الصراعات بين القوى الفارسية والنزاعات المحلية الأخرى حول التجارة في الخليج، وحول شؤون شركات الهندالشرقية الأوروبية. وأعلن أن ريع الكتاب سيذهب لدعم "مؤسسة القلب الكبير" المؤسسة الإنسانية العالمية المعنية بمساعدة اللاجئين والمحتاجين حول العالم، والتي أطلقتها قرينة حاكم الشارقة، الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، تزامنًا مع اليوم العالمي للاجئين. وكرم حاكم الشارقة خلال الافتتاح، المفكر والأكاديمي الدكتور غسان سلامة، وزير الثقافة اللبناني السابق، والفائز شخصية العام الثقافية، تقديرًا لمسيرته الأكاديمية وعطاءاته الثقافية الحافلة بالإنجازات والمؤلفات التي شكلت إضافة قيّمة إلى خزانة المعرفة العربية، كما كرم الفائزين الفائزين بجائزة اتصالات لكتاب الطفل في دورتها الثامنة. وشهد المعرض أيضًا تكريم الفائزين بجوائز معرض الشارقة الدولي للكتاب لعام 2016، إضافة إلى إطلاق جائزة الشارقة العالمية للترجمة "تُرجمان" المتخصصة في الترجمة والتأليف والتي تبلغ قيمتها مليوني درهم، وكذلك تضمت الفعاليات العديد من الندوات والنشاطات التي نظمتها "اليونسكو"، ضيف شرف الدورة الخامسة والثلاثين. وفي إطار التزامها بحماية حقوق المؤلفين وتوفير الكتب بأسعار مناسبة، أغلقت هيئة الشارقة للكتاب جناح اثنتين من دور النشر العربية المشاركة في الدورة الخامسة والثلاثين من المعرض نتيجة عدم التزامهما بشروط الاشتراك، والتي تلزم دور النشر بتقديم خصم لا تقل نسبته عن 25%، حيث تم توجيه إنذارين إلى المشرفين على هاتين الدارين لعدم التزامهما بالخصم ورفعهما الأسعار، لكن إصرارهما على هذا الأمر، أجبر الهيئة على إغلاق جناحهما ومنعهما من المشاركة في هذه الدورة. وشكلت زيارة المدارس إلى المعرض احتفالية يومية تعكس اهتمام أجيال المستقبل بالقراءة، حيث زار المعرض طلبة أكثر من 600 زيارة مدرسية من مختلف أنحاء دولة الإمارات، والذين وجد طلبتها في هذا الحدث فرصة لاقتناء الكتب التي تساعدهم في المشاركة بتحدي القراءة العربي، وتمكنهم من رفد مكتباتهم المنزلية بالكتب المحببة إليهم، والتي حمل بعضها توقيع مؤلفيها.