انعدمت الرحمة من قلبه، ماتت بداخله كل مشاعر الأبوة، لم ترحم توسلات فلذة كبده، واستمر في تعذيبها حتى صعدت روحها إلى بارئها.. رجل خمسيني ملامح الإجرام ترتسم على وجهه، لا يبدو عليه أنه إنسان طبيعي بداخله مشاعر، لا يستحق لقب أب، مات بداخله الضمير وهو يقوم بتعذيب ابنته الشابة. "عايزة اتجوز يابابا وجهزت نفسي ومش هحملك حاجة".. تلك هي آخر الكلمات التي قالتها "سهيلة" ضحية والدها الجاحد. حياة صعبة عاشتها الضحية منذ طفولتها، لم تنعم بالحب والحنان من جانب والدها مثل الأطفال، عندما بلغت السابعة عشر من عمرها بدأت العمل كخادمة في المنازل لتلبية احتياجاتها، كما ألقى والدها بأشقائها الأربعة الآخرين إلى سوق العمل بعد وفاة والدتهم وزواجه من أخرى . على مدار 4 سنوات من العمل الشاق تنتقل من منزل لآخر لتنظيفه، تكثف جهودها لكي تتمكن من توفير ما تحتاجه من مستلزمات الزواج، والتي من الطبيعي أن يتكفل بها الأب، راعت حالة والدها المادية، ولم تخبره بما تفعل مراعاة لشعوره، لم تكن تعلم أنه عديم الرحمة والانسانية. قررت "سهيلة" أن تخبر والدها بقيامها بشراء كل مستلزمات الزواج، ذهبت إليه وعلى وجهها ملامح الفرح، تنتظر اليوم التي تخرج فيه من جحيم والدها، وكانت الطامة الكبرى عندما اخبرته برغبتها في الزواج وأنها ستتكفل بكل شيء "جن جنونه" وقام بصفعها على وجهها، وانهال عليها بالضرب والسباب، وقام الأب المجرم بحلق شعر رأس ابنته، وحبسها داخل غرفة ومنعها من الخروج. حاولت الشابة الضحية الهروب من جحيم والدها، ولكن محاولتها باءت بالفشل، وقام المجرم بتقييدها بالحبال على سرير الموت وانهال عليها بالضرب واستمر في تعذيبها لعدة أيام حتى فارقت الحياة، حاول الأب عديم الرحمة الإفلات من العقاب وابلغ مفتش الصحة أن يأتي للكشف على ابنته واستخراج شهادة وفاة لها.. ولكن مظاهر التعذيب كشفت حيلة المجرم، وقام مفتش الصحة بإبلاغ الشرطة بأن الوفاة نتيجة شبهة جنائية، لما بدا على الجثة من آثار ضرب وتعذيب. تفاصيل الواقعة بدأت بتلقي اللواء هشام العراقي مساعد أول وزير الداخلية لأمن الجيزة، بلاغا من مفتش الصحة ببولاق الدكرور، يفيد بحضور مبيض محارة إليه يدعي إسلام . خ. ا يطالبه بتوقيع الكشف على ابنته سهيلة 21 عاما، بعد وفاتها لاستخراج تصريح الدفن، إلا أن مفتش الصحة اكتشف وجود إصابات ظاهرية بالجثة. وانتقلت قوة أمنية برئاسة العميد طارق حمزة مفتش مباحث قطاع غرب الجيزة، وتبين وجود جثة الفتاة على سرير ترتدي جلباب وحليقة شعر الرأس، وبها كدمات بمناطق البطن والصدر وحول المعصمين والساقين، وتبين من التحريات التي أجريت بإشراف اللواء خالد شلبي مدير الإدارة العامة لمباحث الجيزة، أن المجني عليها تعمل خادمة منذ 4 سنوات، ومنذ 3 أشهر أبلغت والدها برغبتها في الزواج من أحد الأشخاص، وأنها أعدت جهاز عرسها من متحصلات عملها . وأضافت التحريات برئاسة اللواء رضا العمدة مدير المباحث الجنائية، أن الأب انتابته حالة غضب من تجهيز ابنته لنفسها دون علمه، فقام باحتجازها وحلق شعر رأسها، مما دفعها لمحاولة الهرب، فقام بتقييدها وانهال عليها بالضرب ومنع عنها الطعام والشراب، حتى لفظت أنفاسها الأخيرة وحاول دفنها دون الإبلاغ عن جريمته . تحركت قوة أمنية برئاسة المقدم هاني الحسيني رئيس مباحث بولاق الدكرور، والنقيب أحمد مندور، والنقيب أيمن سكوري معاونو المباحث، وتمكنت من إلقاء القبض على المتهم، وتحرر محضر بالواقعة وأحيل إلى النيابة للتحقيق.