بعيداً عن الحرارة الحارقة لسهول الهند ومدنها الصاخبة الملوثة، يقع متنزه كوربيت القومي كجوهرة خضراء عند سفوح جبال الهمالايا نعيم كثيف بالغابات يغذيها نهر كبير يجري عبر المتنزه، إنه نهر رامغانغا. قوة الحياة التي يبثها هذا النهر في منطقة كانت ستكون جرداء لولاه، جعلت متنزه كوربيت ملاذاً لعشرات الآلاف من الحيوانات المختلفة، فها هي ثعالب الماء الهندية ناعمة الفراء قد اتخذت من النهر وضفافه موطناً لها، وهذه الحيوانات المحبة للمرح لا تحب العيش وحدها، فهي تعيش وتسبح وتصطاد في جماعات من عشرة إلى عشرين ثعلباً، وهي متكيفة جيداً مع صيد الأسماك. أجسامها الرشيقة قوية العضلات، ونهر رامغانغا يلائمها تماماً بأسماكه الوافرة بما فيها سمكة الهند الشهيرة الماسير الذهبية التي تشكل وجبة فاخرة لثعلب الماء. والحياة في كوربيت محكومة بتعاقب فصول السنة، عندما يبدأ الشتاء، تهاجر الفيلة إلى الأراضي العشبية من التلال التي كانت تحتمي بها أثناء الرياح الموسمية القاسية، لكن المطر لن يسقط مجدداً حتى مصي عدة أشهر، أما الآن، فهذا هو وقت الطعام الوافر. وبما أن نهر رامغانغا لا يتجمد ولا يجف أبداً فهو يوفر الطعام لجميع أنواع الزوار، من الغورال، وهو ماعز جبلي نادر، إلى طيور الغاق التي هاجرت آلاف الكيلومترات عبر أوروبا وآسيا، ورغم أن كوربيت واحة مؤقتة لبعض الحيوانات. إلا أن غاباته الغنية بأشجار السال تعتبر موطناً دائماً لقرود المكاك التي استطاعت بأساليبها الذكية وسعة حيلتها في البحث عن الطعام أنجح الرئيسيات في المتنزه. لكن الرامغانغا لا يبقى مكاناً آمناً مدة طويلة، فعند حلول يوليو، تحول أمطار الرياح الموسمية النهر إلى فيضان مدمر لا يصمد أمامه أي حيوان.