ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية اليوم، أنه لسنوات ظلت ألمانيا تشجع المؤسسة الدينية التي تديرها الدولة التركية لتوفير الواعظين والمدرسين الاسلاميين للأقلية التركية الكبيرة في ألمانيا. وقالت الصحيفة في نسختها الالكترونية: "إن الاضطراب الحاصل في تركيا منذ محاولة الانقلاب الفاشلة جعلت السلطات الألمانية قلقة حيال أن هذا الوعظ والإرشاد ليس روحيا فقط ولكنه يهدف إلى حشد الدعم والتأييد للرئيس التركي رجب طيب أرودغان". ومضت الصحيفة تقول: إنه في اواخر شهر يوليو الماضي أطلق أردوغان العنان لحملة قمع واسعة ضد مؤيدي الانقلاب ونشرت رابطة المساجد التركية في المانيا خطبة تمتدح "الدولة النبيلة" في ثورتها ضد "شبكة رديئة"، وكان الخطاب موجها ضد أتباع رجل الدين التركي المقيم في الولاياتالمتحدة فتح الله جولن الذي تتهمه الحكومة التركية بتدبير محاولة الانقلاب. وأوضحت الصحيفة أن الخطبة جاءت من رئاسة الشؤون الدينية في أنقرة – والتابعة لمكتب رئيس الوزراء – ووزعت على المساجد التركية في الداخل والخارج. وقال النائب فولكر بيك في البرلمان الالماني عن حزب الخضر المنتمي ليسار الوسط "هذا لم يكن نصا دينيا.. لقد كان إعلانا بالطاعة للسيد أرودغان وإجراءاته منذ محاولة الانقلاب". وقالت الصحيفة إن الخطبة ووقائع اخرى تذكي الغضب في المانيا من أن سياسات تركيا الداخلية تتدفق على المدن الالمانية وتحرض مؤيدي اردوغان على معارضيه وخصومه كما انها تبث الانشقاقات بين المانيا وثلاثة ملايين ساكن بها من أصول تركية. وأشارت الصحيفة إلى أن الانتقادات هي جزء من الحدة المتعمقة بين أقوى دولة في الاتحاد الاوروبي و أكبر طالب للحصول على عضوية هذا التكتل. واتهمت الحكومة التركية المانيا والغرب بالفشل في ادانة الانقلاب بشدة أو إظهار تعاطفها مع الأتراك الذين تؤيد الغالبية منهم جهود الحكومة في اجتثاث شبكة جولن الذي ينفي اي دور في محاولة الانقلاب الفاشلة يوم 15 يوليو. وكان السيد جولن الذي يصفه اتباعه ومؤيدوه بالاسلامي المعتدل حليفا قويا لارودغان إلى أن اختلفا علانية في 2013. وأعلنت الحكومة التركية شبكة جولن منظمة ارهابية في مايو وتسعى الان إلى تسلمه من الولاياتالمتحدة بتهمة التدبير لمحاولة الانقلاب وجرائم اخرى ينفيها. وأدان العديد من الساسة ووسائل الاعلام الاوروبية نطاق حملة الاعتقالات في تركيا ووقف عشرات الالاف ممن يشتبه في تعاطفهم مع جولن عن العمل. ويتهم الكثيرون في أوروبا أردوغان باستخدام الحماسة الوطنية الشعبية لتنفيذ طموحات استبدادية وخنق المعارضة. ويرفض أرودغان وحكومته وغالبية الأتراك هذا التصور ويتهمون الغرب بتجاهل الانقلاب الذي أسفر عن مقتل 271 شخصا كثير منهم مدنيون. وفي المانيا كانت لاردوغان بعض التصريحات المستفزة حيث وصف ذات مرة الضغط الاوروبي على المهاجرين الاتراك بأنه يشبه جريمة ضد الانسانية وقد تسبب ذلك في لبس بشأن الولاء الحقيقي للمهاجرين ذوي الاصول التركية. ويقول النائب فولكر كاودر زعيم الاتحاد الديمقراطي المسيحي الحاكم والحليف الوثيق للمستشارة الالمانية انجيلا ميركل " الالمان الاتراك يجب أن يكون ولاؤهم لالمانيا أولا وأخيرا وإن محاولات الحكومة التركية للتأثير عليهم مقلقة. " وخص كاودر بالذكر رابطة المساجد التركية التي تدير نحو 900 مسجد في المانيا واصفا اياها بانها لسان حال اردوغان. وقالت الصحيفة / إن بعض الولايات الالمانية جمدت على مدار الاسابيع الاخيرة التعاون مع رابطة المساجد التركية بشأن توفير التعليم الديني في المدارس مستشهدة بمخاوف من ألا يكون ذلك مستقلا بشكل كاف عن أنقرة /.. وفى هذا الشأن قال مالو درير رئيس وزراء ولاية راينلند بالاتينات " الخلافات السياسية الداخلية في تركيا يجب الا تنعكس هنا ". ومضت الصحيفة تقول / إن أئمة الرابطة يحظون بالتمويل والدعم من أنقرة/. ويقول رجال الدين الاسلاميين في المانيا /انه طالما تمتعت باستقلال محدود/.. مشيرة إلى أن الساسة الالمان طالما رحبوا بذلك كشركاء مفيدين في تعزيز الاسلام المعتدل خلافا للحركات السلفية والمتشددة الاخرى التي توفر الوعظ في بعض المساجد العربية في المانيا. تقول كريستينا دوهرن المتخصصة في علم الأجناس في جامعة برلين الحرة / إن الخلط السياسي الحاصل في الخطب الدينية قد يعزز الخلاف بين مؤيدي ارودغان و معارضيه /. وتشعر السلطات الالمانية بالخوف من أن تؤدي المشاعر الملتهبة إلى العنف.. ومنذ محاولة الانقلاب في 15 يوليو الماضي عبرت الشرطة في انحاء مختلفة من الدولة عن قلقها حيال التهديدات داخل الجالية التركية والتي تستهدف أعضاء في المدارس التابعة لفتح الله جولن في المانيا. وكانت رابطة المساجد التركية في المانيا قد أثارت الشكوك حتى قبل محاولة الانقلاب في شهر يونيو عندما انضمت الى اردوغان في ادانته لاحد عشر نائبا من اصول تركية صوتوا لصالح قرار في البرلمان يصف قتل الارمن بواسطة الامبراطورية العثمانية اثناء الحرب العالمية الاولى بالابادة الجماعية.. وهو تعبير ترفضه تركيا. واتهم اردوغان النواب بدعم الارهاب وهو ما جلب له انتقادات من المستشارية الالمانية. وقالت رابطة المساجد التركية في المانيا /ان النواب الذين وضعوا تحت حراسة الشرطة بعد تلقيهم تهديدات لم يعدوا يمثلون جاليتها /. وقال أحد هؤلاء النواب وهو جيم اوزدمير وهو رئيس حزب الخضر والمولود في المانيا لوالدين تركيين " يجب أن تصبح رابطة المساجد التركية ممثلة للمسلمين السنة في المانيا وليست ممثلة للدولة التركية ".