أكدت الدكتورة نادية عمارة الداعية الإسلامية، أنه ورد الأمر بالتصدق بلحوم الأضاحي في الأحاديث النبوية، كما ورد الإذن بالأكل والادخار. واستشهدت «عمارة» خلال تقديمها برنامج «قلوب عامرة»، بما رواه الشيخان عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ «أي أسرعوا مقبلين إلى المدينة» حَضْرَةَ الأَضْحَى زَمَنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ادَّخِرُوا ثَلاثًا ثُمَّ تَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ النَّاسَ يَتَّخِذُونَ الأَسْقِيَةَ مِنْ ضَحَايَاهُمْ وَيَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا ذَاكَ قَالُوا نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلاثٍ فَقَالَ إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ -وهم ضعفاء الأعراب الذين قدموا المدينة- فَكُلُوا وَادَّخِرُوا» رواه مسلم 3643. وأوضحت: «وأما عن كيفية تقسيمها وتوزيعها؛ فيستحبّ أن يأكل منها ويطعم غيره ويدخر؛ لقوله تعالى: «وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِير»، ولقوله عز وجل: «وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ». ولقوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُوا وَتَزَوَّدُوا وَادَّخِرُوا». رواه مسلم والنسائي عن جابر. وتابعت: والأفضل أن يكون ذلك أثلاثًا، ويجوز أن يتصدق بها جميعها للفقراء، فقد روي عن ابن عباس أنه قال في أضحية النبي صلى الله عليه وسلم: «ويطعم أهل بيته الثلث، ويطعم فقراء جيرانه الثلث، ويتصدّق على السؤَّال بالثلث»، قال في المغني: رواه أبو موسى الأصفهاني في الوظائف وحسنه. يشار إلى النووي قال في شرح الحديث: قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت» والمراد هنا من ورد من ضعفاء الأعراب للمواساة. قوله: «يجملون» بفتح الياء مع كسر الميم وضمها، يقال: جملت الدهن، وأجملته إجمالا أي أذبته. ونوه النووي بأن قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت فكلوا وادخروا وتصدقوا» هذا تصريح بزوال النهي عن ادخارها فوق ثلاث، وفيه الأمر بالصدقة منها، والأمر بالأكل، فأما الصدقة منها إذا كانت أضحية تطوع فواجبة على الصحيح عند أصحابنا بما يقع عليه الاسم منها، ويستحب أن يكون بمعظمها. قالوا: وأدنى الكمال أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدي الثلث، وفيه قول أنه يأكل النصف، ويتصدق بالنصف، وهذا الخلاف في قدر أدنى الكمال في الاستحباب، فأما الإجزاء فيجزيه الصدقة بما يقع عليه الاسم، وأما الأكل منها فيستحب ولا يجب، وحمل الجمهور هذا الأمر «وهو قوله تعالى: فكلوا منها» على الندب أو الإباحة لا سيما وقد ورد بعد الحظر. وتابع: وقال مالك: لا حد فيما يأكل ويتصدق ويطعم الفقراء والأغنياء، إن شاء نيئًا وإن شاء مطبوخًا الكافي 1/424، وقال الشافعية يستحب التصدق بأكثرها وقالوا: أدنى الكمال أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث، ويهدي الثلث، وقالوا يجوز أكل النصف، والأصح التصدق ببعضها نيل الأوطار 5/145 والسراج الوهاج 563، وقال أحمد: نحن نذهب إلى حديث عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما: «يأكل هو الثلث ويطعم من أراد الثلث ويتصدق على المساكين بالثلث» رواه أبو موسى الأصفهاني في الوظائف وقال حديث حسن وهو قول ابن مسعود وابن عمر ولم يعرف لهما مخالف من الصحابة المغني 8 / 632 . وذكر النووي أن سبب الاختلاف في القدر الواجب في التصدق من الأضحية هو اختلاف الروايات، وقد وردت روايات بغير تعيين نسبة معينة كحديث بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ فَوْقَ ثَلاثٍ لِيَتَّسِعَ ذُو الطَّوْلِ عَلَى مَنْ لا طَوْلَ لَهُ فَكُلُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا» رواه الترمذي 1430 وقال حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَغَيْرِهِمْ.