قال الدكتور عصام الروبي، الداعية الإسلامي، إن الأحاديث النبوية لم تدون في دواوين خاصة في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولا حتى في عهد الصحابة وكبار التابعين، وإنما بدأ هذا التدوين بمعناه الصحيح في عهد الخليفة عمر بن عبد العزيز. وأضاف «الروبي» خلال تقديمه برنامج «فتاوى» أن الخليفة عمر بن عبد العزيز أمر بجمع أحاديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكلف بذلك أهل العلم والثقة والإتقان كالإمام الزُّهْري وغيره. وأوضح أنه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن تدوين الصحابة رضوان الله عليهم للسنة وكتابتهم، مر بمرحلتين مهمتين: مرحلة النهي عن الكتابة، ومرحلة نسخ النهي والسماح بها. وتابع: أولًا: مرحلة النهي عن الكتابة، فكانت هذه المرحلة في بداية الأمر؛ حيث نهاهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عن كتابة الأحاديث خشية الخلط بين السنة والقرآن، ولأمور واعتبارات أخرى، ودليل هذا النهي ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه»، وعن أبي سعيد قال: «جهدنا بالنبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لنا في الكتابة فأبى»، وفي رواية عنه قال: «استأذنَّا النبي صلى الله عليه وسلم في الكتابة فلم يأذن لنا». واستطرد: ثانيًا: نسخ النهي والسماح بالكتابة، فهذه المرحلة جاءت بعد أن استقرت الدعوة، وارتفعت المحاذير المتوقعة من كتابة السنة في أول الأمر، فعند ذلك أذن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الكتابة، وقد ذكر أهل العلم أحاديث الإباحة وجواز الكتابة، وبَوَّب الإمام البخاري بابًا في صحيحه قال: "باب كتابة العلم" وذكر أحاديث عدة تدل على جواز الكتابة. واستدل على إباحة الأمر بما روى الإمام أحمد وأبو داود عن عبد الله بن عمرو قال: «كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش عن ذلك، وقالوا: تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا؟ فأمسكْتُ عن الكتابة حتى ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأومأ بإصعبه إلى فيه «أي فمه» فقال: «اكتب فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق». واستكمل: ومما يدل على إباحة الكتابة أيضًا أن بعض الصحابة كانت لهم صحائف كتبوا فيها من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعوه أو بعضه، فكان لعبد الله ابن عمرو صحيفة تسمى «الصادقة»، رواها عنه حفيده عمرو بن شُعَيب، وكان لجابر بن عبد الله الأنصاري صحيفة، وكذلك أنس بن مالك كانت له صحيفة وكان يبرزها إذا اجتمع الناس.