قال الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن تقصير خطبة الجمعة سنة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وعلامة على فقه الخطيب، حيث يستطيع جمع المعاني الكثيرة في كلمات يسيرة، ولا يطيل فينسى الناس بآخر كلامه أوله. وأكد «الجندي» ل«صدى البلد»، أن تصير الخطبة من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في خطبه الراتبة، بل هو أمرُه، وهو أكمل هد ، كما كانت مواعظه قليلة؛ ليُحفظ عنه يا يعظ به الناس، فخطبة الجمعة قصيرة، والمواعظ قليلة. وأشار إلى أن عَمَّار بن ياسر - خطب يوما- فَأَوْجَزَ، وَأَبْلَغَ، فَلَمَّا نَزَلَ قال الناس: يَا أَبَا الْيَقْظَانِ لَقَدْ أَبْلَغْتَ وَأَوْجَزْتَ فَلَوْ كُنْتَ تَنَفَّسْتَ – أي : أطلتَ -، فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ طُولَ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِهِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَاقْصُرُوا الْخُطْبَةَ، وَإِنَّ مِنْ الْبَيَانِ سِحْرًا». رواه مسلم (869)، ومعنى (مئنة من فقهه) أي علامة على فقهه ودليل عليه. وأشار إلى أنه تتابعت كلمات العلماء على تأكيد ضرورة تقصير الخطبة فقال ابن عبد البر: وأما قصر الخطبة: فسنَّة مسنونة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك، ويفعله وأهل العلم يكرهون من المواعظ ما ينسي بعضه بعضًا لطوله، ويستحبون من ذلك ما وقف عليه السامع الموعوظ فاعتبَره بعد حفظه له، وذلك لا يكون إلا مع القلة . " الاستذكار " ( 2 / 363 ، 364 ) . وتابع: وقال ابن حزم: ولا تجوز إطالة الخطبة، ورأى النووي أنه يستحب تقصير الخطبة؛ لحديث جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: «كُنْتُ أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فَكَانَتْ صَلَاتُهُ قَصْدًا، وَخُطْبَتُهُ قَصْدًا». أي: بين الطول الظاهر، والتخفيف الماحق، وحتى لا يملوها، قال أصحابنا: "ويكون قصرها معتدلًا، ولا يبالغ بحيث يمحقها». وألمح المفكر الإسلامي، إلى أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يخطب 10 دقائق أو أقل، وأطول خطبة وصلت إلينا من خطب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي خطبته -صلى الله عليه وسلم- فى حجة الوادع لا تصل إلى نحو اثنتي عشرة دقيقة، وأكثر خطبه -صلى الله عليه وسلم- وخطب أصحابه وخلفائه الراشدين تقل زمنا عن ذلك بكثير، وجمهور الفقهاء على أن من علامة فقه الرجل قِصَر الخطبة وإطالة الصلاة، حيث يقول نبينا -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ طُولَ الصَّلَاةِ، وَقِصَرَ الْخُطْبَةِ مَئِنَّةٌ مِنْ فِقْهِ الرَّجُلِ، فَأَطِيلُوا الصَّلَاةَ، وَأَقْصِرُوا الْخُطْبَةَ» وأوضخ عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن إطالة الخطبة غالبًا ما تشتت الموضوع بما يربك المستمع أو الملتقي ويشتت ذهنه وتركيزه، وربما يصرفه ذهنيًّا عن الخطبة بالمرة.