أكدت دار الإفتاء المصرية، أنه يجوز لأصحاب المهن الشاقة كالمزارعين والحمالين والبنائين، والذين يبذلون مجهودا شاقا، الإفطار في شهر رمضان، خاصة إذا جاء الشهر الفضيل في فصل الصيف، شريطة أن يكون هذا العمل هو مصدر رزقهم الوحيد. وأضافت الدار في معرض ردها، على سؤال حول مدى إمكانية إفطار أصحاب العمل الشاق في رمضان، أنه من المقرر شرعا أن من شرائط وجوب الصيام القدرة عليه وتكون تلك الشروط حسية وشرعية. وأوضحت أن الشرعية تعنى الخلو من الموانع الشرعية للصيام، وهى الحيض والنفاس، والحسية هي طاقة المكلف للصيام بدنيا، بألا يكون مريضا مرضا يشق معه الصيام مشقة شديدة، أو لا يكون كبير السن بدرجة تجعله بمنزلة المريض العاجز عن الصوم، أو لا يكون مسافرا، فإن السفر مظنة المشقة، كما قال عنه النبى صلى الله عليه وسلم "السفر قطعة من العذاب يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه". وأشارت الدار، إلى أن السفر مانع من وجوب الصيام وإن لم تكن هناك مشقة، وذلك من رحمة الله تعالى بالمكلفين، ومن يسر هذه الشريعة الغراء. ولفتت دار الإفتاء، في ردها على السؤال، إلى أنه من القدرة الحسية أيضا ألا يكون المكلف يعمل عملا شاقا لا يستطيع التخلى عنه في نهار رمضان، لحاجته أو لحاجة من يعول؛ فإن كان المكلف لا يتسنى له تأجيل عمله الشاق لما بعد رمضان، أو جعله في لياليه فإن الصيام لا يجب عليه في أيام رمضان التي يحتاج فيها إلى أن يعمل هذا العمل الشاق في نهاره؛ من حيث كونه محتاجا إليه في القيام بنفقة نفسه أو نفقة من عليه نفقتهم، كعمل البنائين والحمالين وأمثالهم، وخاصة من يعملون في الحر الشديد، أو لساعات طويلة". صيام استندت دار الإقتاء إلى قول البرزلى: "مسألة: الحكم في غبار الكتان وغبار الفحم وغبار خزن الشعير والقمح كالحكم في غبار الجباسين"، قال: وعلى هذا يقع السؤال في زماننا إذا وقع الصيام في زمان الصيف فهل يجوز للأجير الخروج للحصاد مع الضرورة للفطر أم لا؟ كانت الفتوى عندنا: إن كان محتاجا لصنعته لمعاشه ما له منها بد فله ذلك وإلا كره وأما مالك الزرع فلا خلاف في جواز جمعه زرعه وإن أدى إلى فطره وإلا وقع في النهى عن إضاعة المال وكذا غزل النساء الكتان وترقيق الخيط بأفواههن فإن كان الكتان مصريا فجائز مطلقا وإن كان له طعم يتحلل فهى كذوى الصناعات إن كانت ضعيفة ساغ لها ذلك وإن كانت غير محتاجة كره لها ذلك في نهار رمضان". وتابعت: "ولكن هؤلاء يجب عليهم تبييت النية من الليل، ولا يفطرون إلا في اليوم الذي يغلب على ظنهم فيه أنهم سيزاولون هذا العمل الشاق الذي يعلمون بالتجرية السابقة أنهم لا يستطيعون معه الصيام؛ تنزيلا للمظنة منزلة المئنة؛ يقول الشيخ البيجورى في حاشيته على فتح القريب لابن قاسم شرح متن أبى شجاع 1/314: "(وللمريض إن كان مرضه مطبقا ترك النية من الليل، و إن لم يكن مطبقا كما لو كان يحمل وقتا دون وقت النية، ومثله الحصادون والزارعون والدارسون ونحوهم، فتجب عليهم النية ليلا ثم إن احتاجوا للفطر أفطروا وإلا فلا، ولا يجوز لهم ترك النية من أصلها كما يفعله بعض الجهلة (فإن عادت الحمى واحتاج للفطر أفطر)". وأفادت بأنه يجوز للمزارعين في بلدهم الذين يزرعون في الحر الشديد أو في اليوم الطويل بحيث لا يستطيعون الصيام إلا بمشقة شديدة، ولا يمكنهم تأجيل عملهم لليل أو لما بعد رمضان أن يفطروا، مع وجوب إيقاعهم نية الصيام من الليل ثم إن شاءوا أفطروا في اليوم الذي يغلب على ظنهم فيه أنهم سيزاولون العمل الذي يعسر معه الصيام، وعليهم القضاء بعد رمضان وقبل حلول رمضان التالى إن أمكنهم ذلك.