قالت دار الإفتاء، إن القتل العمد من أكبر الكبائر، ويترتب عليه حقين، أحدهما حق القتيل والآخر حق الله، مشيرًة إلى أن حق القتيل يسقُط بالقصاص أو العفو، أما حق الله سبحانه وتعالى فلا يسقط إلا بتوبة صحيحة. وأستشهدت «الإفتاء» في فتوى لها، بما ورد بقول الله تعالى: «وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا» (سورة النساء:93)، موضحة أنه إذا قتل الشخص عمدًا واقتُص منه أو عُفى عنه من أولياء المقتول لا يُعاقب في الآخرة عن هذا القتل في حق المقتول؛ لكن إن لم يتب توبة صحيحة بقى حق الله يحاسب عليه في الآخرة. ولفتت إلى ما ذهب إليه جمهور الفقهاء بأن للقاتل ظلمًا توبة كسائر أصحاب الكبائر؛ للنصوص الخاصة الواردة في ذلك والنصوص العامة الواردة في قبول توبة كل الناس، منها قول الله تعالي: «وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا (70)» (الفرقان: 68- 70)، ولأن توبة الكافر بدخوله إلى الإسلام تُقبل بالإجماع، فتوبة القاتل أولى. واستدلت بما قاله ابن الحجر في "تحفة المحتاج في شرح المنهاج" (8/ 375): «وأكبر الكبائر بعد الكفر القتل ظلمًا، وبالقَود أو العفو لا تبقى مطالبة أخروية، وما أفهمه بعض العبارات من بقائها محمول على حق الله تعالى فإنه لا يسقط إلا بتوبة صحيحة ومجرد التمكين من القَود لا يفيد إلا انضم إليه ندم من حيث المعصية وعزم أن لا عود».