* مدير "الأبحاث الشرعية": المؤرخون وأصحاب السير اختلفوا في ميلاد الرسول * عمر هاشم: الفرح والسرور بمولد خاتم النبيين يخفف الآلام والكروب * الإفتاء: الاحتفال بالمولد النبوي من أفضل الأعمال وأعظم القربات يشهد اليوم الجمعة، الموافق الثاني والعشرون من شهر أبريل، ذكرى مولد الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- حسب التقويم الميلادي، واختلف المؤرخون في تاريخه على وجه الدقة، وإن اتفقوا جميعًا على أنه ولد يوم الاثنين من شهر ربيع الأول عام الفيل. ورصد «صدى البلد» آراء العلماء حول يوم مولد الرسول –صلى الله عليه وسلم - وهل هناك حكمة من مولده في يوم الاثنين وحكم الاحتفال به وإحياء ذكرى مولد الرسول -عليه الصلاة والسلام-. * متي ولد؟ قال الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية وأمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن العلماء والمؤرخين وأصحاب السير اختلفوا في ميلاد الرسول -صلى الله عليه وسلم-. وأضاف «ممدوح» فى تصريح له، أن العلماء جميعًا اتفقوا على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولد يوم الاثنين من شهر ربيع الأول عام الفيل، مشيرًا إلى أن أكثر أهل السير على أنه ولد يوم الثاني عشر من ربيع الأول بعد الحادثة بخمسين يومًا. وأشار مدير إدارة الأبحاث الشرعية، إلى أن بعض العلماء رأي أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولد في 2 من ربيع الأول، وآخرون رأوا أنه ولد في الثامن، والبعض قالوا أنه في الثامن عشر من شهر ربيع الأول. * مولده في يوم الاثنين: أكد الدكتور محمد وهدان، أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولد في يوم الاثنين دون غيره من أيام الأسبوع لحكمتين ذكرهما الإمام الإمام الصالحي فى كتابه «سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد». وأوضح «وهدان»، أن الحكمة الأولى أن الأزمنة والأمكنة هي التي تتشرف بسيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا هو يتشرف بها. وتابع: الحكمة الثانية، أن الله تعالى جعل بين النبي -صلى الله عليه وسلم- والشجر علاقة، منوهًا بأنهما خُلقا في يوم الاثنين، مشيرًا إلى أن الشجر نستفيد بظلها وخشبها وثمرها وكذلك النبي هو شجرة كبيرة مورقة من تعلق بغصن منها نجا. واستشهد بحديث أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه الذي في "صحيح مسلم" قَالَ: قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِيَدِى فَقَالَ «خَلَقَ اللَّهُ التُّرْبَةَ يَوْمَ السَّبْتِ وَخَلَقَ الْجِبَالَ فِيهَا يَوْمَ الأَحَدِ وَخَلَقَ الشَّجَرَ فِيهَا يَوْمَ الاِثْنَينِ وَخَلَقَ الْمَكْرُوهَ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ وَخَلَقَ النُّورَ يَوْمَ الأَرْبَعَاءِ وَبَثَّ فِيهَا الدَّوَابَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ وَخَلَق آدَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بَعْدَ الْعَصْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ آخِرَ الْخَلْقِ فِى آخِرِ سَاعَةٍ مِنْ سَاعَاتِ الْجُمُعَةِ فِيمَا بَيْنَ الْعَصْرِ إِلَى اللَّيْلِ». * الاحتفال بمولده يخفف الكروب قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، إن الفرح والسرور بمولد النبى يخفف الآلام والكروب، منوها بأن مولد النبى خفف الكرب عن أبى لهب، لما ورد فى رؤية أبى العباس ابن عبد المطلب " أن أبو لهب أتى له في الرؤيا وقال له إن العذاب يخفف عنى يوم الإثنين لمولد النبى فيه". لأنه فرح بميلاد الرسول وأعتق جاريته ثويبة. وشدد "هاشم" على أن الاحتفال بمولد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- هو من الأمور المشروعة بل ومن المستحبة في الدين. ، مشيرا إلى أن المتشددين الذين يقولون بأن الاحتفال بمولده الشريف بدعة هم أناس واهمون ومخطئون في هذا الأمر. وأكد أن مشروعية الاحتفال بمولد النبي –عليه الصلاة والسلام- وردت في القرآن والسنة، مستشهدا بقوله تعالى: « قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ» فأي فضل أعظم من فضل سيدنا النبي على البشرية من الهداية والنور حتى يحتفلوا به. وأشار عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إلى أن الدليل على مشروعية احتفال النبي في السنة النبوية المطهرة هو ما أخرجه الإمام مسلم في صحيحه بما روي عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: «أَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ، فَقَالَ : ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ النُّبُوَّةُ»، مضيفا أن هذين الدليلين يؤكدان مشروعية الاحتفال بذكرى مولده الشريف. * الاحتفال بالتاريخ الميلادي: قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، عن إحياء ذكرى مولد الرسول - صلى الله عليه وسلم- بالتقويم الميلادي، إن الاحتفال بالمولد النبوي مشروع، لأنه يقع تحت عنوان المناسبات الإسلامية، ويدخل في نطاق المصلحة للدعوة والإعلام. وأوضح «كريمة» أن الاحتفال بالمولد النبوي وغيره من المناسبات الدينية، مثل الإسراء والمعراج والنصف من شعبان والهجرة، يعد من معالم السيرة النبوية، فقال الله تعالى: «وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ» وقال الرسول: «إن لربكم في بقية أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعل دعوة أن توافق رحمة فيسعد بها صاحبها سعادة لا يخسر بعدها أبدا». * من أفضل القربات أكدت دار الإفتاء المصرية، أن الاحتفال بذكرى مولد سيد الكونَين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد- صلى الله عليه وآله وسلم- جائز شرعًا. وأضافت الدار في فتوى لها، أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنه تعبير عن الفرح والحب للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ومحبة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" رواه البخاري. وأشارت الإفتاء، إلى أن جماهير العلماء سلفًا وخلفًا منذ القرن الرابع الهجري أجمعوا عَلى مَشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، بل ألَّف في استحباب ذلك جماعةٌ من العلماء والفقهاء، وبَيَّنوا بالأدلة الصحيحة استحبابَ هذا العَمل، بحيث لا يبقى لمن له عقلٌ وفهم وفكر سليم إنكار ما سلكه سلفنا الصالح من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، فقد كانوا يقومون بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن، والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما نص على ذلك غيرُ واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى. وألمحت إلى أن الاحتفال بمولده صلى الله عليه وآله وسلّم هو من قبيل الاحتفاء به، والاحتفاءُ به صلى الله عليه وآله وسلّم أمرٌ مقطوع بمشروعيته؛ لأنه أصل الأصول ودعامته الأولى، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه، فَعَرَّفَ الوجودَ بأسره، وباسمه وبمَبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكونُ كله في سرور دائم وفرحٍ مُطلق بنور الله، وفَرَجِه ونِعمته على العالمين وحجَّته. ولفتت إلى أن السنة النبوي ذكرت الكثير من الأدلة على أن الصحابة الكرام كانوا يحتفلون بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مع إقراره لذلك وإذنه فيه، فعن بُرَيْدَةَ الأسلمي رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في بعض مغازيه، فلمَّا انصرف جاءت جاريةٌ سوداءُ فقالت: "يا رسول الله، إنِّي كنت قد نذرت إنْ ردَّكَ الله سالمًا أن أضربَ بينَ يَديْكَ بالدَفِّ وأتغنَّى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم: "إن كنت نَذرت فاضربي، وإلا فَلا". وأكدت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحتفل بميلاده الشريف، وسنَّ لنا بنفسه الشريفة الشكرَ لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد صحَّ عنه أنه كان يصوم يوم الاثنين ويقول: "ذلك يومٌ ولدتُ فيه" رواه مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه، فهو شكر منه عليه الصلاة والسلام على منة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة. وأفادت بأن المولد النبوي الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشري جميعه؛ فلقد عَبَّر القرآن الكريم عن وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه "رحمة للعالمين"، وهذه الرحمة لم تكن محدودة؛ فهي تشمل تربيةَ البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الزمان؛ بل تمتد على امتداد التاريخ بأسره {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}.