رغم هدوء جمعة "رد الاعتبار" اليوم بميدان التحرير، فإن شباب الأطباء ظلوا على عهدهم مع الميدان ومعتصميه، فأطباء الميدان الذين لم تنقطع بطولاتهم طوال ما يقارب الأسبوعين مقدمين من صفوفهم الشهداء والجرحي، أصروا على التواجد بكثافة اليوم وأنهم على استعداد لتلقي أي حالات أو مفاجآت للأحداث المتغيرةعلي مدار الساعة. ففي عيادة عمر مكرم تواجد ما يقارب الخمسة عشر طبيبًا من مختلف التخصصات في حالة يقظة وتأهب تامة يستقبلون الحالات الطارئة اليومية بالميدان بوجوه بشوشة، فجمعة الميدان الهادئة اقتصرت خدماتها علي حالات قياس ضغط الدم ومستوي السكر والصداع والتهابات المعدة والجهاز التنفسي التي لحقت بالمعتصمين جراء الأحداث الماضية . وعلي رأس التخصصات المتوفرة بعيادة عمر مكرم تخصص العظام الذي تواجد من أطبائه ما يقارب الخمس اطباء، من بينهم الدكتور محمد فهمي طبيب عظام بمستشفي احمد ماهر، الذي قسم استعداداته الطبية بين احتمالات تلقي حالات الكسور والشروخ والكدمات، والتي تتطلب اجراء جباير أو تجبيس وخامات كالجبس أو الأربطة الضاغطة مقاسات 15 و 10 و 7 ونصف سنتيمتر والقطن بجانب ادوية تتنوع بين مسكنات و مضادات حيوية للالتهابات و خافض للحرارة و حقن للالتهابات و الام العظام والمفاصل . ويقول فهمي إن جميع المستلزمات والأدوية الطبية متوفرة اليوم بفضل المواطنين الذين حرصوا علي تغطية جميع احتياجات العيادة طول الاحداث الماضية وحتي اليوم، مشيرا الي ان اكثر المواد التي قد تتعرض لنقص اثناء احتدام الاحداث تكون الاربطة الضاغطة والجبس بسبب ارتفاع سعرها نسبيًا . ومن جانبه يقول الدكتور ياسر علي المتطوع بعيادة عمر مكرم إن عدد الاطباء متغير علي مدار الساعة بالعيادة لخدمة المعتصمين وزوار الميدان، بحيث لا يقل متوسط عدد الاطباء عن العشرة بين صيدلي وطبيب، يتبادلون ساعات التطوع، مشيرا الي ان اكثر الحالات التي توافدت اليوم كانت لجرحي معتصمين بالميدان علي مدار الأسبوعين الماضيين لتنظيف جروحهم. وأوضح "ياسر" أن أكثر المواد الطبية المستخدمة اليوم تتنوع بين خيوط جراحية وضمادات ومضادات حيوية لجروح وإصابات الأسلحة البيضاء و الشظايا و المسكنات و ادوية الضغط و السكر و البرد و الاسهال و التهابات المعدة، مشيرا الي ان العيادة اقرب ما تكون لعيادة شعبيه تستقبل معتصمي التحرير المقيمين علي مدار الساعة وتقدم لهم البدائل الطبية المناسبة لتخفيف وعلاج الاعراض المرضية الطارئة التي تلحق بهم جراء ظروف الاعتصام و التظاهر . أما عيادة كنتاكي التي سميت نسبة الي المطعم الشهير بالميدان و التي تقام امامه مباشرة وتتواصل مع المواطنين من خلال الفيس بوك لتكشف عن احتياجتها بشكل دوري، فيقول الدكتور أحمد فايز متطوع إن العيادة حققت اكتفاء ذاتيا بفضل الجماهير ولا علاقة لها من قريب أو بعيد بوزارة الصحة، وأن أهم ما تستعد به العيادة اليوم هو بخاخات الكرتزون و بخاخات الانف و قطرات العين و الاحتقان، فضلا عما وصفه الطبيب " افتكاسات الميدان" مثل الخميرة المذابة في الماء لمواجهة الغاز المسيل للدموع والاحماض المهيجة للجهاز التنفسي، وكذلك محاليل الملح والجلوكوز مشيرا الي انها تعتبر بدائل قلوية لمعادلة الحموضة التي تنتج عن الغازات المسيلة للدموع . وقال الدكتور محمد فاروق متطوع بعيادة كنتاكي ان عمل العيادة بجمعة رد الاعتبار ركز علي حالات تغير وتنظيف جروح و اصابات اعتصام الميدان السابقة، حيث يتلقي علي مدار الساعة ما يقارب خمس حالات لتغير ضماداتها . من جانبها اكدت المواطنة شيماء كمال التي كانت بالعيادة للتغير علي قطع طولي اصاب ذراعها بسلاح ابيض يوم 20 نوفمبر، حرصها علي متابعة علاج جراحها في العيادة الميدانية لانها لم تتلق اهتماما مماثلا بالمستشفيات الخارجية مشيرة الي ان اطباء الميدان اعادوا لمهنة الطب شرفها الذي اهدر طوال سنوات علي يد نظام مبارك، بعد ان اثبتوا انها مازالت مهنة الرحمة و العطاء بلا مقابل. وقالت شيماء انها ذهبت لتلقي العلاج بالمستشفيات العادية خارج الميدان الا انها تلقت معاملة غير آدمية خاصة بعد ان عرف الاطباء انها مصابة بميدان التحرير، وان بعضهم رفض تغيير ضمادات جراحها !! وفي ذات السياق قامت وزارة الصحة اليوم بنشر 30 سيارة إسعاف حول الميدان، خاصة خلف مسجد عمر مكرم، كما تم تجهيز ثلاث سيارات عيادات متنقلة الجراحية و العادية لتلقي حالات الجروح والإصابات البسيطة. كما صاحب سيارات الإسعاف فرق انتشار سريع لاستقبال المصابين والتعامل معهم ونقلهم إلى مستشفيات الإخلاء عند الحاجة وهى مستشفى المنيرة وأحمد ماهر والهلال وقصر العينى، ومعهد ناصر ودار الشفاء التى تم رفع درجة الاستعداد بداخلها في اقسام الطوارئ والاستقبال لتقديم الخدمة الفورية لأى مصاب.