استيقظ الطفل الصغير ممدوح كعادته يوم الأربعاء الموافق 8 ابريل من 46 بالتمام والكمال ... يجمع كراريسه وكتبه داخل حقيبة من القماش.. ورغيف خبز من الذرة وقلمه الرصاص قارب علي النهاية.. ذهب ممدوح إلي مدرسته.. رن جرس المدرسة انتهت الحصة الأولي.. كان موضوع الدرس.. هيا بنا نبني الوطن... فرح ممدوح وزملاؤه الأطفال.... بدأت الحصة الثانية... الساعة الآن التاسعة وعشرين دقيقة... صوت طائرات الفانتوم الأمريكية الصنع يقترب من مدرسة بحر البقر بمحافظة الشرقية... بعد لحظات.. انفجارات وقنابل وصواريخ وأشلاء أطفال صغيرة.... المدرسة تتحول الي حطام مروي بدماء الأطفال بعد أن قصفت طائرات الفانتوم الصهيونية مدرسة بحر البقر، أدت إلى مقتل 30 طفلًا وإصابة 50 آخرين وتدمير مبنى المدرسة تماماً وسط حالة من الغضب العارم والاستنكار على مستوى الرأي العام العالمي الذي لم يدين العدو الصهيوني لكنه تحفظ فقط بعد التصريحات الأكثر استفزازا من جولدا مائير التي أعلنت أنها تعمدت ضرب المدرسة لإجبار الجانب المصري علي وقف عمليات الاستنزاف . في مثل هذا اليوم منذ 46 عاما وقف العالم ضمير العالم صامتا وهو يراقب أبناء الشعب المصري وهم يلملمون أشلاء أطفالهم التي اختلطت ببقايا حطام مدرستهم لتوديعهم إلى مثواهم الأخير، كاشفا عن الوجه القبيح للكيان الصهيوني وحقيقته الوحشية التي تظهر يوما بعد يوم وما يحدث الأن مع الشعب الفلسطيني خير دليل علي أن هذا الكيان مستعد لإبادة من يقف أمامه أو ينكر وجوده .. إنها البلطجة الصهيونية التي تختبئ خلف أقنعة سوداء يحميها الغرب "المتأمرك " الذي وقف عاجزا ولم يجرؤ علي توجيه إدانة واحدة أو لوم للصهاينة بعد أن تكرار مجازر الكيان الصهيوني بشكل مماثل في فلسطينالمحتلة وذلك بمدرسة الفاخورة الفلسطينيةبغزة عام 2009م ، الأمر الذي يؤكد أن الجرح العربي مشترك وأن الكراهية التي زرعها الكيان الصهيوني داخل نفوش الشعوب العربية لن ولم تسقط بالتقادم أو بالنسيان وأن الكراهية تولد مع مولد الإنسان العربي وان ما حدث من تطبيع هو مجرد علاقات دبلوماسية تديرها الحكومات بعيدا عن إرادة شعوبها . إن التاريخ لن يسقط هو الآخر بالتقادم وسيذكر و" يذكر" الاجيال المتعاقبة بأن هناك مذابح وحشية ارتكبها العدو الصهيوني ضد أطفال مدرسة بحر البقر في عام 1970م ومدرسة الفاخورة في غزة عام 2009م لن تمحي من ذاكرة الشعوب العربية وابنائها حتي ولو تم حذفها من مناهج التاريخ المزيف. رغم تهميش الصحافة الإسرائيلية للذكري ورغم التطبيع الإجباري ورغم تنازلات حكامنا .. إلا أن التاريخ سيذكر دائما أن هناك أشلاء أطفال تناثرت وأن أوراق كراريسهم اكتست باللون الاحمر وفي وسط الصفحة نقطة سوداء تزداد وضوحا مع مرور الايام والسنين وتعلن ان الدرس مستمر ولن ينتهي أبدا ولن يلملم أطفالنا كراريسهم التي انسكب علي أوراقها دماء زملائهم.. لان الكراسة تلونت بلون الدم ولكن في منتصف الصفحة نقطة سوداء ستبقي وتكبر وتزرع كراهية ضد أل صهيون مادام إخوانهم في مصر لم يحصلوا علي حقوقهم حتي الآن. يبقي الغضب عارما مادام الكيان الصهيوني يمارس عمليات إبادة جماعية ضد أخوانهم في فلسطينالمحتلة .. لن ينتهي الدرس مادامت هناك بقع حمراء لم تجف حتي الآن إنها دماء أطفالنا في مدرسة بحر البقر ومدرسة الفاخورة بغزة وستنبت الدماء يوما زهرة وترسم راية وثورة وغضب سيحرق من قتل أطفالنا واطفال العرب.