مبكرا جدا ظهر أسامة نجل الرئيس في المشهد السياسي، غير مبال بمشاعر ملايين المصريين الذين انتفضوا ضد نظام مبارك وسيناريو التوريث،مانحا نفسه حق التدخل في شئون مؤسسة الرئاسة،غير مفرق بين الرئيس الجالس في قصر الاتحادية والأب العائد إليه مساء في فيلا التجمع الخامس. أعلن أسامة غضبه الشديد من نشر عدة صحف لخبر نقلته عن وكالة الأنباء الالمانية يفيد توديعه لزعيم حزب النهضة التونسي راشد الغنوشي ومنحه قلادة تكريم نيابة عن الرئيس، وكان يمكنه بكل بساطة ان ينفي الخبر أو يصححه وينتهي الأمر، لكن ابن الرئيس ظن أن الزمن هو الزمن نفسه الذي محاه المصريون من ذاكراتهم، وان المركز الإجتماعي الذي اكتسبه بالجينات الوراثية يعطيه الحق في العفو والصفح، وفي المنع والمنح، وفي الغضب والمغفرة. ظن أسامة أن كونه نجل الرئيس يمنحه ميزة استثنائية عن أي مواطن عادي، وتعامل بعقلية نظام الفساد والاستبداد، وانتقل من نفي الخبر إلى تأسيس رؤيته للمرحلة المقبلة، وقال ان الرئاسة بلاء وابتلاء(سمعنا ذلك من مبارك) وانها ليست وجاهة اجتماعية (قالها قبلك علاء مبارك) وانه لن يتدخل في شئون مؤسسة الرئاسة(تعهد بذلك جمال مبارك). السيد أسامة وبسبب عمل شقيقه الأكبر أحمد في السعودية، وصغر سن شقيقه الأصغر عبد الله، وابتعاد شقيقته شيماء زوجة ابن رئيس مجلس الشوري أحمد فهمي عن واجهة المشهد، منح نفسه الحديث باسم الرئيس وليس الاسرة، وانهالت تصريحاته منذ إعلان فوز ابيه بالرئاسة، مؤكدا انهم لن يكونوا مثل أسرة مبارك، لكنه تعامل بالعقلية نفسها التي لا تسيطيع ان تفرق بين نظام سقط رأسه بثورة شعبية بدأت وأبيه في السجن قبل ان يحرره الثائرون، وبين نظام منتخب ديموقراطيا بنسبة لا تتجاوز 2% . هي العقلية نفسها التي لا تميز بين نظام ديكتاتوري لن يسمح المصريون بعودته، ونظام آخر يتشكل على جثث شهداء قدموا أرواحهم فداء لحرية الوطن، وآلام الاف الجرحى لم يكن من بينهم أي من أبناء الرئيس أو قيادات الجماعة. هى العقلية نفسها التي تظن انها تملك وتعفو وتمنح وتسامح، ولا تدرك اننا نؤسس لدولة القانون والمؤسسات، ولا وجود في تلك الدولة لكيان إسمه أسرة الرئيس. هل تعرفون شيئا عن أبناء ساركوزي أو هولند أو ميركل أو ساباتيرو أو اوردغان ؟ هل سمعتم ابنتا اوباما تتحدثان في شئون الحكم؟ هل كلف رئيس وزراء بريطانيا أو الهند أو حتى باكستان ابنه لتوديع ضيف؟ مشكلتنا اننا نقيس على عهد مبارك الذي سقط ولن يعود، ونضبط عقولنا على موجات الفساد والتبعية والاذلال والقهر، لا نستطيع ان نتخيل اننا خرجنا من خانة العبد المأمور إلى عهد الشعب السيد. أتعجب من حديث البعض عن صلاة الرئيس الفجر في جماعة، وشراؤه البقسماط، وعدم تعطيل موكبه للمرور، وكأن الأصل ألا يصلي الرئيس، وألا يأكل مثلما يأكل الشعب، وان يعطل موكبه المرور. هذه العقلية الجامدة والمتحجرة هى من تحتاج تغييرا، تماما كما يحتاج أسامة ان يتعلم كيف يحترم وسائل الإعلام،وألا يتهمها بالكذب لانها لم تستوثق منه من خبر بثته وكالات الانباء، وإذا كان سيادته لا يرد على الهاتف فالمفروض–طبقا لمفهومه-ألا تتجرأ صحيفة وتنشر الخبر انتظارا لتصريحه بنفسه. يا سيد أسامة إعلم اننا لن نسمح لك ان تصبح جمال آخر، ولن نسمح لوالدك ان يتحول إلى مبارك تعلو جبينه ذبيبة صلاة، لاننا نحن الشعب من جئنا به إلى القصر، ونحن قادرون على اخراجه منه.