على مدار ما يقرب من عامين والطبقة الوسطى فى مصر تتحمل ضربات موجعة تهوى بها إلى مستوى طبقات محدودى الدخل والفقراء بسبب الزيادة الرهيبة وغير المبررة فى أسعار كل السلع والخدمات التى تمثل شريان الحياة لهذه الطبقة، خاصة الشرائح الأولى منها. الدولة فى مجمل تصريحات مسؤليها لا يعنيها سوى ما تطلق عليه السلع الأساسية لمحدودى الدخل، وكأن الزيت والسكر والأرز واللحوم المستوردة والخضر هى فقط كل ما يحتاجه المواطن المصرى وما دون ذلك تعتبره الدولة من الرفاهيات ومن السلع الاستفزازية التى يجب على من يريد شراءها أن يتحمل لهيب أسعارها بعد أن خرجت هذه الطبقة - التى هى عصب المجتمع - من مظلة رحمة واهتمام الحكومة التى سولت لها نفسها انها حكومة تعمل فقط من أجل معدومى ومحدودى الدخل وكأن الطبقة الوسطى ليسوا مواطنين فى دولة عليها أن تقوم بواجبها نحو حمايتهم من مضاربات الأسعار. وللأسف فقدر الطبقة الوسطى أن تتحمل فشل الأداء الاقتصادى الذى أدى لأزمة الدولار ولاسيما بعد قرارات البنك المركزى الأخيرة بتخفيض سعر الجنيه امام الدولار 112 قرشا ليصل سعر صرف الدولار رسميا إلى 895 قرشا فى البنوك على أمل أن يتقارب هذا السعر مع سعر سوق السوداء خارج البنوك. إن هذا القرار يعنى مزيدا من ارتفاع أسعار جميع السلع المستورة والمصنعة محليا ايضا لأن المستوردين سوف يستغلون هذا القرار فى تبرير زيادة الأسعار بحجة ارتفاع سعر الدولار، رغم ان فترة الشهور الماضية ارتفعت الأسعار تحت تبرير أن المستوردين يشترون الدولار من السوق السوداء بأكثر من عشرة جنيهات. مسلسل طحن الطبقة الوسطى وإضعاف القوة الشرائية لأبناء هذه الطبقة بدأ مع إعلان الدولة عزمها رفع الدعم نهائيا عن الكهرباء والبنزين على مدار 5 سنوات وزيادة أسعار الطاقة فعليا منذ اكثر من عام ونصف العام.. تلاها قيام الدولة برفع أسعار الأراضى الصحراوية فى المدن الجديدة ولعبها دور تاجر الأراضى للمواطنين مما أشعل سوق العقارات فى مصر كلها حتى وصل سعر شقة الإسكان الشعبى التى تنفذها الدولة الى 135 ألف جنيه، والتى كانت لا تصل إلى نصف هذا الثمن منذ اكثر من سنتين وسعر الشقة بدون تشطيب مساحة 100 متر فى المدن الجديدة حول القاهرة الى 450 الى 550 الف جنيه. وكأن الدولة تعتبر أى رغبة فى السكن خارج إسكانها الاجتماعى نوعا من الاستفزاز والدلع والترف على صاحبه أن يتحمل نتيجته، وأن تهبط الدولة بسوطها على ظهره برفعها أسعار الأراضى الصحراوية لأرقام فلكية بحجة أن هذا سعر السوق وكأن الدولة تحولت لتاجر أراضى ينافس المضاربين بدلا من توفير الأراضى للمواطنين بقيمتها وبتكلفة توصيل المرافق لها دون متاجرة فى الشعب. وجاءت قرارات زيادة الجمارك بنسب غير مسبوقة منذ عدة اسابيع على الأجهزة الكهربائية والمنزلية والالكترونية والملابس والموبيليا ومئات السلع والترويج على غير الحقيقة إلى أن هذه السلع هى سلع استفزازية تشمل أكل القطط والكلاب لتعطى مبررا لرفع أسعار السلع المحلية البديلة لكل السلع المستوردة بعد أن مهدت هذه القرارات للمصنعين المصريين ان ينفردوا بالسوق وبالمواطن دون أدنى تنافس عادل فى السعر مع السلع البديلة المستوردة التى كان المواطن يستفيد من هذا التنافس لصالحه فى تجويد الصناعة المصرية وطرحها بأسعار مناسبة.