معركة ذات الصواري، معركة بحرية حدثت في العام 35ه 655م بين المسلمين والإمبراطورية البيزنطية وانتهت بنصر المسلمين، ومثلت هذه المعركة نهاية سيطرة الدولة البيزنطية على البحر الأبيض المتوسط كما أنها أول معركة بحرية يخوضها المسلمون. بداية المعركة: لما ولي معاوية بن أبي سفيان الشام ألح على عمر الفاروق في غزو البحر، وكتب له معاوية: "إن قرية من قرى حمص ليسمعُ بنباح كلابهم، وصياح دجاجاتهم"، فاحتار عمر وكتب إلى عمرو بن العاص واليه على مصر: "صف لي البحر وراكبه، فإن نفسي تنازعني عليه". فكتب عمرو: "إني رأيت خلقاً كبيراً يركبه خلقٌ صغير، ليس إلا السماء والماء، إن ركد خرق القلوب، وإن تحرك أزاغ العقول، يزداد فيه اليقين –بالنجاة– قلة، والشك كثرة، هم فيه كدود على عود، إن مال غرق، وإن نجا برق". قرأ عمر الكتاب ثم كتب إلى معاوية: "والذي بعث محمداً صلى الله عليه وسلم بالحق لا أحمل فيه مسلماً أبداً، وبالله لمسلمٌ واحدُ أحب إلي مما حوت الروم". ولما ولي عثمان الخلافة كتب إليه معاوية يستأذنه في غزو البحر، وذلك بعد أن بدأ معاوية باستكمال الاستعدادت، فوافق عثمان على طلبه، وكتب إليه: "لا تنتخب الناس، ولا تقرع بينهم، خيرهم، فمن اختار الغزو طائعاً فاحمله وأعنه". فبنى معاوية أسطولاً إسلامياً، واستعمل على البحر عبدالله بن قيس الجاسي فاستطاع فتح قبرص.
وولى عثمان عبدالله بن سعد بن أبي السرح ولاية مصر فبدأ بغزو جنوب ليبيا، ثم غزا بلاد النوبة، بالإضافة إلى أن معاوية سيطر على الشواطئ في بلاد الشام وآسيا الصغرى، فلما رأى الروم خسائرهم المتوالية في البر جمع قسطنطين بن هرقل أسطولاً رومياً به ألف سفينة لضرب المسلمين، فأرسل معاوية -بعد إذن عثمان- مراكب الشام بقيادة بُسر بن أرطاة، واجتمع مع بن أبي سرح في مراكب مصر، ومجموعها مائتا سفينة فقط، وكانت المعركة التي يترجح أنها وقعت على شواطئ الاسكندرية، سنة 32 للهجرة. أحداث المعركة: والتقى الجيشان في عرض البحر، وطلب المسلمون من الروم: إن أحببتم ننزل إلى الساحل فنقتتل، حتى يكتب لأحدنا النصر، وإن شئتم فالبحر، فأبى الروم إلا الماء، وبات الفريقان تلك الليلة في عرض البحر، وقام المسلمون الليل يصلون ويدعون ويذكرون، وبات الروم يضربون النواقيس. ولما صلى المسلمون الفجر أمر عبدالله جنده أن يقتربوا من سفن أعدائهم فاقتربوا حتى لامسوها، ونزل الفدائيون إلى الماء وربطوا السفن العربية بسفن الروم بحبال متينة، وبدأ الروم القتال، وصار قاسياً، وسالت الدماء حتى أحمرت صفحة المياه، وترامت الجثث في الماء، وضربت الأمواج السفن حتى ألجأتها إلى الساحل، وقتل من المسلمين الكثير، وقتل من الروم ما لا يحصى، وصمد المسلمون، فكتب الله لهم النصر بما صبروا، واندحر الروم، وكاد قسطنطين أن يقع أسيراً في أيدي المسلمين، لكنه فر مدبراً والجراحات في جسمه حتى وصل جزيرة صقلية، فسأله أهلها عن أمره، فأخبرهم فقتلوه. سبب تسميتها بهذا الاسم: والصواري جمع صار، وهي الخشبة المعترضة وسط السفينة، وسميت المعركة كذلك لكثرة صواري المراكب واجتماعتها، أو لكثرة ساريات السفن التي التحمت في القتال في ذلك اليوم (1200 سفينة عربية ورومية).