لقد كان الجاسوس فاروق عبد الحميد الفقي يشعر أمام ثقافة هبة سليم الفرنسية الرفيعة ووجهات نظرها شديدة التحرر بنقص شديد نفس طريقة النقص التي يريد أن يعوضها توفيق عكاشة بادعاءاته البطولية حول مواهبه وأفكاره وأنه قائد لثورة ومستحق لكرسي رئاسة البرلمان ... !! فالتاريخ يعيد نفسه بأشكال والوان .... لقد ذهب الساذج المهووس بعروسه ليعوضها بالتباهي أمامها بأهميته فيتكلم في أدق الأسرار العسكرية ، وهبة من جانبها تسخر مما يقول حتى كانت المفاجأة التي لم تتوقعها ذات يوم ، عندما دعاها إلى بيته وتحدث معها في أدق الأسرار العسكرية قبل أن يفاجئها بعدد من الخرائط العسكرية الخطيرة التي كان يحملها في حقيبة خاصة ، ويشرح لها بالتفاصيل أماكن المواقع الجديدة. أرسلت هبة ما حصلت عليه من معلومات من فاروق عبد الحميد الفقي إلى باريس حيث ضابط الموساد الصهيوني .. ! الخطة تتهيأ لطعن قلب القاهرة كما تُطعن اليوم ... وتنال من سر الوطن كما ينالها الغوغاء والسفلة الآن ...! ضابط الموساد يرعاها ببذخ كما ترعى سفارة الصهاينة المرتزقة حولنا بعناية وولع والمعلومات تُرسل على عجل لتل أبيب لتخنق القاهرة التي يخنقونها الحين ...!! وسرعان ما توصلت جهات الموساد إلى صحة هذه المعلومات وخطورتها فطلبت من رجلها في باريس بأن يولي جاسوسته المفضلة وسأذجها الغبي الجاسوس فاروق عبد الحميد الفقي اهتماما أكبر ورعاية أوسع باعتبارها عميلة فوق العادة ... وبالفعل عملاء فوق العادة ...!! كان جهاز المخابرات المصري يبحث عن حل للغز الكبير، والذي كان يتمثل في تدمير مواقع الصواريخ الجديدة أولاً بأول بواسطة الطيران الصهيوني وحتى قبل أن يجف البناء وكانت المعلومات كلها تشير إلى وجود " عميل عسكري " يقوم بتسريب معلومات سرية جداً إلى الموساد ..وتم الوصول إلى خيوطها كاملة وبقى الإمساك بالجاسوسة الخائنة لوطنها ... هبه سليم ..!! رسم جهاز المخابرات المصري البطل خطة محكمة برئاسة الفريق أول رفعت جبريل رحمه الله من أجل إحضار هبة إلى مصر وعدم هروبها إلى إسرائيل إذا ما اكتشفت أمر خطيبها المعتقل ، وكانت الخطة تتضمن أن يسافر اللواء حسن عبد الغني ومعه ضابط آخر من جهاز المخابرات إلى ليبيا لمقابلة والدها الذي كان يشغل وظيفة كبيرة في طرابلس ، وإقناعه بأن ابنته هبة التي تدرس في باريس تورطت في عملية خطف طائرة مع منظمة فلسطينية ، وأن الشرطة الفرنسية على وشك القبض عليها ، وما يهم هو ضرورة هروبها من فرنسا لعدم توريطها ، لذا يجب السعي لخروجها من فرنسا لمنع الزج باسم مصر في مثل هذه العمليات الارهابية ، وطلب الضابطان من والد هبة أن يساعدهما بأن يطلبها للحضور لرؤيته بزعم أنه مصاب بذبحة صدرية ...!! وبالفعل تم تنسيق المشهد بالكامل مع المخابرات الليبية ونقل الوالد على عجل إلى جناح طبي خاص في أحد المستشفيات المختصة وتم إفهام الأطباء بشكل جيد.. ونجح ما توقعته المخابرات المصرية عندما أرسل الموساد شخصين للتأكد من حالة الأب فوجداه يرقد في أحد المشافي الليبية في حالة صحية خطرة ....! فما كان من هبه سليم إلا ركوب أول طائرة إلى طرابلس للحاق بأبيها قبل أن يغادر إلى الدار الآخرة ..! وفي المطار كان بانتظارها أسود المخابرات المصرية الذين حملوها إلى الطائرة المتوجهة إلى القاهرة .. فسألتهما: إحنا رايحين فين ؟ فرد اللواء حسن عبد الغني : المقدم فاروق عايز يشوفك ...!! فقالت: هو فين ؟. فقال لها: في القاهرة. صمتت برهة ثم سألت: أمال أنتوا مين ؟! فقال: إحنا المخابرات المصرية. قُدمت الجاسوسة بملف اعترافاتها وتحري الجهات المسئولة إلى القضاء المصري ليصدر بحقها حكم بالإعدام شنقا ...! بهذه الأثناء كان هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي في زيارة إلى مصر وفي مقابلة له مع الرئيس السادات بعد حرب أكتوبر فوجئ بطلب من كيسنجر بناء على رغبة شخصية من رئيسة وزراء الصهاينة جولدا مائير أن يخفف الحكم على الجاسوسة هبة سليم والتي كانت تقضي أيامها في أحد السجون المصرية...! فطن الرئيس السادات أن الطلب سيكون بداية لطلبات أخرى ربما تصل إلى درجة إطلاق سراحها. فنظر إلى كيسنجر قائلاً: " تخفيف حكم ؟ ... لقد أعدمت ". وعندما سأل كيسنجر باستغراب: "متى ؟ ". رد السادات دون أن ينظر لمدير المخابرات الحربية الذي كان يقف على بعد خطوات وكأنه يصدر له الأمر: " النهارده " تم تنفيذ حكم الإعدام شنقاً في هبة سليم في اليوم نفسه في أحد سجون القاهرة على يد عشماوي. وانتهت قصة هبة سليم أخطر جاسوسة طعنت الدولة المصرية في قلبها ولم تنته بعد قصة فاروق عبد الحميد الفقي ...! الذي لا زالت أوراقه تدور من جديد حول بعض الشاشات تعمل على العبث بأمن الدولة المصرية واستقرارها بنفس خفة العقل ومحتوى السذاجة والتلون وبيع الضمير الذي حاصره ويحاصرنا بها صنف مهووس من نفس بيئته ...!!