يستمتع الفلسطينيون المعتادون على الصمود أمام أوامر بالطرد بدلا من تنفيذها بالمشقة التي تواجهها الحكومة الاسرائيلية في حين تكافح لإخلاء خمسة مبان من المستوطنين في الضفة الغربيةالمحتلة. فقد قبلت المحكمة العليا الاسرائيلية التماسا قدمته مجموعة من ملاك الاراضي الفلسطينيين الشهر الماضي يفوض بإصدار أمر هدم بحلول اول يوليو تموز للمباني السكنية التي أقيمت على تل اولبانا المطل على قرية دورا القرع الفلسطينية. لكن الزعماء الاسرائيليين يبحثون كل السبل لتجنب العواقب السياسية لارسال جرافات للهدم ويخططون مؤقتا لاقتلاع المساكن الضخمة ونقلها بواسطة سكك حديدية إلى أراض قانونية. وضحك حربي حسن أحد ملاك قطعة الأرض وهو من دورا القرع قائلا "لم أشاهد هذا إلا في الأفلام السينمائية." واضاف "سيكون مثل مشاهدة فراعنة مصر يجرون كتلا ضخمة عبر الصحراء." وقال حسن "يمكنهم فعل ما يفعلون في القدسالشرقية ويحملون السكان تكلفة هدم منازلهم" مشيرا إلى الطريقة التي تحصل بها اسرائيل التكاليف من العرب المحليين بعد هدم عقاراتهم التي تقول إنها بنيت دون تصاريح قانونية. وقال حسن البالغ من العمر 72 عاما "بهذه الطريقة يمكنهم أن يوفروا للدولة 30 مليون شيقل." وبعثت القضية بصيصا من الأمل لدى ملاك الأراضي الفلسطينيين بأن التعدي المتصاعد من جانب إسرائيل على أراضي الضفة الغربية منذ 45 عاما يمكن تحديه بنجاح أمام المحاكم الإسرائيلية. وتعتبر أغلب البلدان الغربية جميع المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية غير قانونية وهو ما ترفضه إسرائيل التي أجازت 120 مستوطنة بشكل رسمي بني أغلبها على أراض لم تكن مسجلة باسم مالك محدد عندما استولت إسرائيل على الضفة في عام 1967. ويوجد أيضا نحو 100 موقع استيطاني غير مرخص وتعتبرها إسرائيل نفسها غير قانونية. ويعيش نحو 350 ألف إسرائيلي إجمالا في الضفة الغربية مقارنة مع 2.5 مليون فلسطيني. وتشير تقديرات لجماعة السلام الآن الإسرائيلية إلى أن ما يصل إلى 32 في المئة من أراضي المستوطنات مملوكة لأفراد وتساعد بعض الفلسطينيين الذين انتزعت منهم الأراضي في خوض معارك لاستعادتها أمام القضاء. وفاجأ الحكم القانوني بشأن اولبانا الكثير من سكان دورا القرع بمن فيهم مقدمو الالتماس أنفسهم. وقال عبد الرحمن قاسم (70 عاما) "استحقت محكمة العدل اسمها. من أكون بالنسبة لهم ليحكموا لصالحي؟ مجرد مواطن عادي. احترم القضاة قضيتنا." وكانت السلطات الإسرائيلية انتزعت قبل نحو 25 عاما قطعة الأرض الواقعة على التل التي ورثها قاسم عن والده وقامت بتسويتها. وأدانت المحكمة العليا أيضا عمليات البناء الجارية للوحدات السكنية على أرضه. ويروي قاسم الذي كان يضع على رأسه شالا أبيض تقليديا عليه عقال اسود كيف رفض عرضا لبيع أرضه للمستوطنين مقابل 28 مليون دولار. وكان قاسم يواجه عقوبة الاعدام بموجب القانون الفلسطيني إذا باع الأرض. وقال إنه أبلغ الرجل الذي قدم له العرض عبر الهاتف بأن "الأرض ورثتها عن أبي وهي لأبنائي. إنها أغلى من اي ذهب." ومنذ استيلاء اسرائيل على الضفة الغربية عام 1967 ارست الدولة الاساس القانوني لمزاعم المستوطنين التوراتية والتاريخية في الارض باعتبار مساحات كبيرة على انها اراض للدولة او عقارات لغائبين وان كانت بعض منازل المستوطنين تجاوزت تلك الحدود ايضا. وكان رئيس الوزراء الاسرائيلي قد عارض مشروع قانون برعاية نواب برلمانيين من اليمين المتطرف يضفي الصبغة القانونية على كل منازل المستوطنين المبنية على أراض مملوكة لافراد. وعارض نتنياهو مشروع القانون ورفضه الكنيست في السادس من يونيو حزيران. غير أنه في نفس اليوم وافق نتنياهو على بناء 851 وحدة سكنية جديدة في الضفة الغربية لاسترضاء المستوطنين بعد فقدهم الثلاثين وحدة في تل اولبانا في مستوطنة بيت ايل وايضا لتعزيز مكانة الحكومة لدى المستوطنين. وقال ميخائيل سفارد المستشار القانوني لجماعة ييش دين الاسرائيلية المدافعة عن حقوق الانسان والتي يعني اسمها "يوجد قانون" ومثلت سكان دورا القرع في قضيتهم "البناء على أراضي الغير ينطوي على غياب واضح للعدالة." واضاف "اكتسب موكلي هؤلاء بعض الثقة في النظام القانوني الاسرائيلي." وقال إن ملف اولبانا من بين أكثر من 30 ملفا يتابعها مكتبه. وقال "ما زال غياب الثقة في النظام السياسي الاسرائيلي قائما." وبعد انتفاضتين فلسطينيتين سحقتهما إسرائيل وتعثر مفاوضات السلام منذ سنوات يقول الفلسطينيون الذين يأملون في استعادة السيطرة على أراضيهم من المستوطنات إنه ليس امامهم ملاذ آخر سوى التقدم بالتماسات إلى المحاكم الاسرائيلية. وقال قاسم "ماذا يمكننا أن نفعل غير ذلك؟ نطلق نيران المدفعية؟ نستدعي القوة الجوية؟ هذا هو الخيار الوحيد المتاح أمامنا."