التصريح الذى أدلى به رئيس الوزراء اليونانى اليكسيس تسيبراس مؤخرا ، حول أن " مصر آخر حصن آمان للإستقرار فى المنطقة " جاء فى توقيت دقيق للغاية ، إذ تزامن مع مايحاك من مؤامرات وما يعد من سيناريوهات تصب جميعها فى بؤرة هدف وحيد ، الا وهو إسقاط هذا الحصن المنيع حتى تتحول المنطقة بأكملها إلى مجرد مناطق خربه وشعوب مقهورة هائمة فى بلاد الله ، وأراض مستباحة لكل من هب ودب ووطأها بأحذيته. تصريح رئيس الوزراء اليونانى يؤكد أن الغرب يدرك تماما صعوبة بل إستحالة السيطرة على مقدرات الشرق الأوسط طالما بقيت مصر قوية قادرة على دحر العدوان ، أى عدوان أيا كان جنسه أو نوعه أو هدفه ... مصر المتماسكة جيشا وشعبا هى حجر عثرة فى وجه الصهاينة والطامعين والأستعماريين وأذنابهم على مر العصور.. ألم تتصدى من قبل للهكسوس ، وأوقفت زحف التتار، ودحرت الصليبيين ، وكانت الشوكة التى وقفت فى حلق المستعمر خلال القرن التاسع عشر ، وساندت حركات التحرر فى أفريقيا والعالم ، وكانت سدا منيعا حال دون تنفيذ الخطط الصهيونية الرامية لتحقيق كابوس من النيل إلى الفرات ، وقادت العرب فى حرب أكتوبر للقضاء على الغطرسة الصهيونية ..... إنها مصر ياسادة صاحبة التاج والسيادة.
ولهذا تتعرض دوما للمؤامرات واحدة تلو الأخرى ، فلا هم يملون ، ولا نحن نتهاون ، والمعركة دائرة بيننا وبينهم فى العلن حينا ، وفى السر أحيانا كثيرة ، ومازالت مصر صامدة قوية وفية ، لم ولن تنحنى أو تركع لغير المولى سبحانه عز وجل.
تصريح تسيراس جاء بمثابة جرس إنذار لنا جميعا علنا ننتبه ، فنحن على أبواب مؤامرة من أخطر المؤامرات ، ومعركة من أشرس المعارك التى يمكن أن تتعرض لها دولة ، يمكن أن تتحول فى طرفة عين إلى معركة حربية لايعلم إلا الله إلى أين ستأخذنا جميعا.
من أولى عناصر تلك المؤامرة المحاولات الحثيثة التى تتم حاليا بهدف الوقيعة بين أفراد الشرطة والشعب حتى يتم إما تحييد الشرطة بعيدا عن الصراع الذى يؤجج له حاليا بالتحضير لمظاهرات وأحتجاجات والقيام بإعتصامات لشل حركة الدولة ، ومحاولة تقويض دعائمها للسيطرة عليها ، أو الدخول فى صراع دموى مفتوح مع أعضائها يتساقط فيه ضحايا من الجانبين ، خصوصا فى ظل أنشغال القوات المسلحة بتأمين الحدود الشرقية والغربية. المؤامرة ضد الشرطة ووزارة الداخلية عموما يتم تنفيذها بكل دقة ، والأعلام أبرز أسلحتها وساحاتها ، ومن خلفة السوشيال ميديا أو مواقع التواصل الأجتماعى حيث تبث أخبار وفيديوهات مصورة عن تعامل أفراد الشرطة غير الإنسانى مع المواطنين ، تعامل وصل إلى حد الموت من التعذيب.
لاأحد يمكن أن يقبل تحت أى مسمى أو تبرير جريمة قتل مواطن – حتى ولو كان مدانا – بإيدى الضباط وأفراد الأمن داخل قسم الشرطة ، ولايمكن لأحد أن يتجاهل التصرفات غير القانونية والمحسوبية التى يتم التعامل بها من قبل عدد لايستهان به من أفراد جهاز الشرطة الذى يفترض به أن يكون حارسا وراعيا رسميا للقانون ، والقائم على تطبيقه دون تمييز أو تفضيل.
ورغم تصريحات كبار قيادات وزارة الداخلية بأن المخطئ من المنتمين لهذا الجهاز الحساس سيعاقب ، وبأن لا أحد فوق القانون ، وبأن مايحدث من تجاوزات داخل أقسام الشرطة هى حالات فردية فى نهاية المطاف مثلها مثل كافة التجاوزات التى تحدث فى مختلف قطاعات الدولة من مصريين فقدوا ضمائرهم وأعمتهم المصالح الخاصة عن دورهم فى المجتمع وواجبهم تجاهه ، إلا أن الغريب فى الأمر أستمرار تلك التجاوزات بشكل شبه ممنهج ، وكأن هناك من يسعى ويعمل جاهدا من أجل ترسيخ صورة معينة ، وأجترار ماضى وزارة الداخلية بكل سلبياته ، لتوظيفه فيما بعد.
الأمر الذى يستلزم ضرورة قيام قيادات وزارة الداخلية بإعادة تقييم آداء العاملين لديها بسرعة، ومعالجة المشاكل التى تقع ، ومحاسبة المخطئين منهم ، والإعلان عن ذلك بكل شفافية دون خجل أو وجل ، لان هذا من شأنه أن يعيد ثقة المواطن فى جهازه الأمنى ، ويقلص حجم الهوة بينهم وبين الشعب .... نحن فى أمس الحاجة لذلك الآن وليس غدا.