بظهور نتائج تصويت المصريين في الخارج بمعظم دول العالم، تجسدت مجموعة من الحقائق الدالة على الأرض، وبرهنت عن توجهات قطاعات عريضة من الشعب المصري ورؤيتهم لشكل وهوية الدولة التي يحلمون بها، وأفرزت تلك النتائج عشر حقائق لا يمكن تجاهلها أو القفز عليها وهى: أولا:أثبتت النتائج ان أحدا من المرشحين غير قادر على حسم المعركة من الجولة الأولى، وان هناك عدم اتفاق عام وتشتيت للأصوات، وانقسام بين كل القوى الفاعلة بسبب تواجد ثلاثة مرشحين لتيار الإسلام السياسي، ومرشحين لتيار الاستقرار أو الفلول أو النظام السابق-سميه كما شئت- وأربعة مرشحين لقوى الثورة واليسار، ما يعني ان الإعادة ستكون بين تيارين من تلك التيارات. ثانيا:حلول أبو الفتوح أو حمدين صباحي بالمركز الأول في دول عدة،أوحلولهما ثانيا أو ثالثا مع تبدل المركز يؤكد ان التصويت لخيار تمكين الثورة-بغض النظر عن الفروقات الجوهرية في البرامج والتوجه-هو الخيار الاقوى رغم محاولات تشويه الثورة طوال ال15 شهرالماضية. ثالثا:أسقط المصريون في الخارج دولة المرشد وأزاحوا العمامة من فوق جبهة مصر بحلول مرشح الجماعة في المركز الرابع أو الخامس في معظم السفارات باستثناء الدول الطلبانية الهوى والتوجه (اليمن والسودان) رابعا:أثبتت النتائج ان جماهير خيار استقرار الدولة "واللي نعرفه أحسن من اللي منعرفوش"والمتعمق في الثقافة الجمعية المصرية لا يزال له حضورا قويا تمثل في تقدم شفيق وعمرو موسى وحلولهما ضمن المراكز الأربعة الأولى. خامسا:أثبتت النتائج انه كلما ابتعد التأثير المباشر لسلاحي المال والدين كلما كانت النتائج أكثر تعبيرا عن التوجهات الحقيقية، وليست الموجهة بفتاوى الارهاب الدينية و"كراتين" الشاي والارز والزيت واللحم. سادسا:حصرت النتائج المنافسة في خمسة مرشحين فقط واستبعدت تماما بقية المرشحين من السباق، وعلى هؤلاء المستبعدين التوجه صوب خياراتهم الممثلة بالفعل في احد المرشحين الخمسة والاسهام في تقليل التشتت. سابعا:أثبت الاقبال الكبير على التصويت الذي تجاوز ال60% في معظم الدول ان هناك رغبة جامحة وإرادة قوية من المصريين على المشاركة في صنع مستقبل بلادهم، بعدما تبينوا ان لاصواتهم قيمة محترمة ومقدرة وان شعار "الحكومة ستفعل ما تريد"انتهى إلى الأبد. ثامنا:أثبتت النتائج ان الماكينة الإخوانية التي عملت بشكل محموم على استقطاب أصوات المصريين في الخارج لصالح مرسي-وشهدت ذلك بنفسي لانني مقيم خارج مصر- ليست بالتأثير ذاته الموجود في الداخل، بسبب ارتفاع المستوى الثقافي والمادي، لان هذه الماكينة تنشط وتؤتي أوكلها في أوساط الفقر والأمية. تاسعا: قرأ جميع المرشحين النتائج في اطارها الانتخابي التنافسي، لكن مهندس الجماعة خيرت الشاطر وحده الذي رد عليها عمليا وبسرعة بعدما شعر ان خياره ورهانه الشخصي يسقط ، فاتجه إلى الأساليب البليدة نفسها، كأن يعلن أمير الجماعة الإسلامية في بني سويف تأييده لمرسي،انتظار للصفقة التي يعقدها الشاطر مع حازم أبو اسماعيل لتأييد مرسي، وغاب عن يقين الشاطران تلك التأييدات الإعلامية ليس لها تأثير عملي على الأرض،لانه لا يمكن لمصري ان يوجه صوته طبقا لسياسية القطيع،أو ان حازم أو أمير جماعة مجهول هما النموذجين اللذان سيسير خلفهما المصريين. عاشرا:تسببت النتائج في استغلال الشاطر المقيت لحب الجماهير لأبو تركية كلاعب فنان وموهوب وخلوق بالضغط عليه لإعلان تأييده لمرسي، وهو الفخ الذي وقع فيه ابو تريكة وحول نفسه من لاعب يتفق عليه جميع المصريين إلى لاعب في ملعب الجماعة وخيرت الشاطر، الامر الذي سيسحب كثيرا من رصيد محبتة واحترامه وتقديره لدى قطاعات واسعة من المصريين،لانه قبل ان يستغل إسمه "النظيف"في لعبة الحشد الإخواني"غير النظيف".