في مثل هذا اليوم منذ احدى واربعون عاما كان يوم ميلادى في ظروفٍ استثنائيه كان فيها شهر اغسطس هو ذلك الشهر الذي ترتفع فيه درجات الحراره نسبيا لتصل الي الثلاثين أو ما يزيد بقليل قبل ان يتحول أغسطس الي ذلك المارد القادم من جهنم الحمراء كي يحرقنا جميعا علي نار حاميه لا ترحم أبدا. اربعون عاما كانت كفيله بتغيير اشياء كثيره حولنا وليس الطقس فقط ..ربما يرى البعض ان هذا التغيير ايجابى وربما يراه اخرون سلبى ولكن المؤكد اننا بين الحين والاخر نشتاق لماضينا ولطفولتنا ولايام الثمانينات الرائعه بما فيها من بساطه وعفويه وذكريات لا تنسى . ربما في ظل حاله النوستالجيا العارمه ( الحنين الي الماضي) التي اصابت الجميع في ذلك العصر.. أصبحت انا الاخر اشعر بالحنين لتلك الايام التي مرت علينا في طفولتنا حيث الثمانينات ومصر التي لا يعرفها جيل الثوره و لا يدركها جيل سنة الالفين. أول ما أذكره من تلك الحقبة هو ذلك الصوت القادم من راديو سيارة ابي وعبدالحليم يشدو "لو اني اعرف ان البحر عميقا جدا ما ابحرت " كنت دائما أعشق الجلوس علي حجره وهو يقود سيارته، وبينما كان عمري لا يتعدي الخمس سنوات كنت أحفظ عن ظهر قلب أغنية رساله من تحت الماء وقارئة الفنجان وغيرها من اغاني العندليب الذي رحل للتو عن دنيانا ومازلت اذكر حزن ابي عليه في ذكراه الثانية. نحن الآن في السنة الأولي من عقد الثمانينات العظيم حيث مدرستي الابتدائية "الحكومية" الزهراء التجريبية لغات التي لم يتعد سعة الفصل فيها العشرين طالبا علي اقصي تقدير.. مازلت أذكرهم جميعا بالاسم بل مازال أغلبهم أصدقاء إلي وقتنا هذا.. ربما ذلك أيضا أمر نادر الحدوث في زماننا حيث عدد الفصول تجاوز السبعون وربما وصل للمائة أحيانا فلا أحد يعرف أحد ولا أحد يحتمل أحدا.
العام الثاني من عقد الجمال حيث التسجيل (الكاسيت) الأسود الصغير في بيتنا ومازلت اتذكر اختي وهي تمسك بالقلم الرصاص بيدها اليسرى وشريط الكاسيت بيدها الاخري وتقوم بلف البكر بسرعه رهيبه وحرفيه بالغه سريعا ما تعلمتها قبل ان تعهد اليا بتلك الوظيفه لاصلاح كل شرائطها التالفه وما اكثرها.
صوت الشاب الأسمر اليافع محمد منير ذلك الصوت الواعد في اغنيته الجديده "علمونى عنيكى أسافر" والصوت الملائكي لفيروز في رائعتها حبيتك بالصيف هما اول ما اتذكره من ذلك التسحيل القابع في ركن بيتنا وبينما اختي تتغني وتعزف علي الاورج روائع منير وفيروز كنت انا ذاك الطفل صاحب السنوات السبع يتعلم ببراعه كيف يعزف علي الاورج معظم اغاني العصر الجميل قبل ان يفعل الان اولادنا نفس فعلتنا ولكن بطريقه مختلفه حيث يتغنون ويطربون من اوكا واورتيجا واغانى المهرجانات ..لا الوم عليهم فلربما يأتي يوما ما بعد اربعون عام ليحكي ابناؤنا عن نوستولجيا الالفينات وعظمة اوكا والتجديد الذى فعله اورتيجا بالموسيقى!.
الان نحن في عام 1982 هذا العام النادر الحدوث والخالد في ذهن وقلب كل عاشق للساحره المستديره حيث كأس العام 82 باسبانيا وما ادراك ما اسبانيا 82 فمازال صوت المعلق العظيم على زيوار يرن فى اذنى حين كان يقول فالثاو و مازال الكابتن لطيف يمتعنا حين يتغنى بعظمة سقراط وزيكو وبلاتيني ورومانيحه وباولوروسي ولا عزاء للتلفزيون المصري الذى كان مايزال حينها حي يرزق وينقل علي الهواء ومجانا هذا العرس الكروي قبل ان ينتقل ماسبيرو الي ذمة الله مأسوفا او غير مأسوفا عليه (كما يحلو لك ان تراه) .. نحن الان فى شهر يونيو من العام 1982 وبالتحديد فى 22 منه حيث اول ايام شهر رمضان المبارك ولهذا ال رمضان بالتحديد منزله عظيمه فى قلبى حيث كان اول رمضان اصومه بالكامل ..اتذكر اننا كنا نتابع مباريات كأس العالم قبل وبعد الافطار كما اتذكر ايضا فى تلك السنه عرض مسلسل عادل امام الاشهر "دموع فى عيون وقحه" او جمعه الشوان ومن الذكريات الخالده التى لا تموت ابدا والتى كان لرمضان 82 نصيب منها.. بداية عرض فوازير فطوطه للاسطوره سميرغانم .. ما اجملها ذكريات. وللحديث بقيه فى الحلقة القادمة لنغوص في ذكريات خالدة من الماضى ونوستالجيا الثمانينات.