النمسا: توزيع ملصقات فى الشوارع ضد المساعدات المقدمة إلى أوكرانيا    حملات مراقبة المخابز السياحية.. ضبط 24 طن دقيق مدعم    خلال 24 ساعة.. رفع 44 سيارة ودراجة نارية متهالكة    خطيب الجامع الأزهر: الحضارة الإسلامية حوربت من خلال تشكيك المسلمين في تراثهم العريق    الاتحاد الأوروبي يحتفل بالقاهرة بمرور 20 عامًا على تأسيسه    بعد جدل "تكوين".. الأزهر يكشف حقيقة إنشاء وحدة "بيان" لمواجهة الإلحاد    «فايننشال تايمز»: الاتحاد الأوروبي يتخلف عن الولايات المتحدة في إنتاجية العمل    تين هاج: ماونت تعرض لإصابة جديدة.. وانتكاسة ل شو قبل مواجهة أرسنال    مباشر مباراة الأهلي والزمالك الثالثة في دوري السوبر لكرة السلة    استدعاء ثلاثي ناشئي المقاولون لمنتخب مواليد 2005    عيار 21 الآن بعد ارتفاع كبير.. سعر الذهب اليوم الجمعة 10-5-2024 بالصاغة    بعد التخفيضات.. تعرف علي أسعار الأضاحي بمنافذ وزارة الزراعة 2024    أول تعليق من تعليم الدقهلية على تطابق امتحان العلوم للصف الثاني الإعدادي وتسريبه    الملاكي لبست في العمود.. إصابة سيدتين إثر حادث تصادم ببورسعيد - صور    أبرزهن هند رستم وتحية كاريوكا.. هدى الإتربي تكشف عن نجمات أثرن في حياتها (فيديو)    ميرفت أمين ودنيا سمير غانم تشاركان في تشييع جنازة والدة يسرا اللوزي (صورة)    تربط شرق القاهرة بغربها.. محطات مترو الخط الثالث وموعد تشغيلها (من عدلي منصور لجامعة القاهرة)    المفتي: من أهم حيثيات جواز المعاملات البنكية التفرقةُ بين الشخصية الاعتبارية والفردية    محافظ الأقصر ورئيس هيئة الرعاية الصحية يناقشان سير أعمال منظومة التأمين الشامل    الامين العام للأمم المتحدة يدعو قادة الاحتلال وحماس للتوصل إلى صفقة لوقف إراقة الدماء    "الأوقاف" تكرم عضوا ب الأعلى للشئون الإسلامية" لمشاركته بالأنشطة الرمضانية بالمساجد    19 عرضا مسرحيا مجانيا لقصور الثقافة بأسيوط    "مبروك يا صايعة".. الشرنوبي يثير الجدل بتهنئته ل لينا الطهطاوي بزفافها (صور وفيديو)    محافظ أسيوط: مواصلة تركيب بلاط الانترلوك بالشوارع الضيقة بمدينة منفلوط    جامعة «أريزونا» تطرد أستاذا جامعيا بعد تعديه على امرأة مسلمة داعمة لفلسطين    «تالجو ومكيف وروسي»..تعرف على مواعيد القطارات خط «القاهرة/ الإسكندرية» والعكس    وكيل صحة الشرقية يفاجئ العاملين بمستشفى الحسينية المركزي ( صور )    ترغب في التخسيس؟- أفضل الطرق لتنشيط هرمون حرق الدهون    تشييع جثمان عقيد شرطة ضحية تصادم سيارة مع جمل ببني سويف    حفاران حطما الجدران.. كيف ساهمت مياه الشرب في إخماد حريق الإسكندرية للأدوية؟- صور    محافظ بني سويف يوجه بمتابعة استمرار التسهيلات في تلقى طلبات التصالح بالقانون الجديد 187    الملتقى الأول لشباب الباحثين العرب بكلية الآداب جامعة عين شمس    محلل أداء منتخب الشباب يكشف نقاط قوة الترجي قبل مواجهة الأهلي    بيرسي تاو يحصد جائزة أفضل لاعب في اتحاد دول جنوب إفريقيا    سنوات الجرى فى المكان: بين التلاشى وفن الوجود    تشكيل هيئة مكتب نقابة أسنان القليوبية    نقيب الفلاحين يعلن دعمه لاتحاد القبائل العربية بقيادة العرجاني    حملة بحي شرق القاهرة للتأكد من التزام المخابز بالأسعار الجديدة    الاتحاد الأوروبي يدين الهجوم على مباني الأونروا في القدس الشرقية    «المشاط»: 117 مشروعًا لدفع مشاركة المرأة وتمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا    عادات يومية للتحكم في نسبة السكر بالدم.. آمنة على المرضى    وزير الري يلتقى المدير الإقليمي لمكتب اليونسكو بالقاهرة    الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" يتبادلان القصف    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    في محكمة الأسرة.. حالات يجوز فيها رفع دعوى طلاق للضرر    رحلة مبابي في باريس تنهي بمكالمة الخليفي    الاستغفار والصدقة.. أفضل الأعمال المستحبة في الأشهر الحرم    رد فعل محمد عادل إمام بعد قرار إعادة عرض فيلم "زهايمر" بالسعودية    حماس: الكرة الآن في ملعب الاحتلال للتوصل لهدنة بغزة    463 ألف جنيه إيرادات فيلم فاصل من اللحظات اللذيذة في يوم واحد بدور العرض    الإسكان تناقش آليات التطوير المؤسسي وتنمية المواهب    فضل يوم الجمعة وأفضل الأعمال المستحبة فيه.. «الإفتاء» توضح    شخص يطلق النار على شرطيين اثنين بقسم شرطة في فرنسا    لمواليد 10 مايو.. ماذا تقول لك نصيحة خبيرة الأبراج في 2024؟    الناس بتضحك علينا.. تعليق قوي من شوبير علي أزمة الشيبي وحسين الشحات    3 فيروسات خطيرة تهدد العالم.. «الصحة العالمية» تحذر    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فيروز الشامخة التي قررت أن تغني للشعوب ورفضت الغناء للحكام!
نشر في القاهرة يوم 20 - 07 - 2010

خبر صغير في صدارة صحيفة يومية لبنانية هي جريدة «الأخبار» بتاريخ 21/6/2010 وبعنوان «أولاد منصور رحباني يعلنون الحرب علي السيدة فيروز، أما التفاصيل فإن مروان ورغدي وأسامة أولاد منصور رحباني قد أعلنوا الحرب علي السيدة فيروز، وأخذوا يستخدمون الوسائل المشروعة وغير المشروعة لتكميم صوتها ومنعها من الغناء أو لقاء جمهورها في لبنان وخارجه، وكشفت الصحيفة أن منصور رحباني الذي رحل مؤخرًا كان يناقض نفسه حيث كان يؤكد في جميع مقابلاته الأخيرة أن علاقته ممتازة بفيروز وأولادها، علي الرغم من أنه كان في الوقت نفسه يرسل لها الإنذارات القضائية مطالبًا إياها بما أسماه حقوقه المادية، وذكرت الصحيفة أن أولاد منصور استغلوا وفاة والدهم لشن هذه الحملة، وتؤكد مصادر مطلعة أنهم هم الذين كانوا قد دفعوا والدهم في آخر أيامه إلي الاستغناء عن فيروز سعيًا وراء الكسب المادي، وقد حذرت الصحيفة من أن المضايقات المادية والمعنوية والأخلاقية التي يمارسها أولاد منصور ضد فيروز ستعرض أعمال الرحبانية الثلاثة للخطر، وقد خرجت أصوات كثيرة تناشد ورثة الرحبانية أن يحافظوا علي التاريخ الفني والثقافي لهذا المشروع الفني، لأنهم الآن مأتمنون علي هذا التراث وأن يتفادوا الانزلاق إلي القح المادي مما يسيء لذكري عاصي ومنصور.
انتهي الخبر الصدمة..
نعم كانت السطور قليلة لكنها تحتوي علي كارثة مروعة تشبه في خطورتها تبعات أحداث 11 سبتمبر التي غيرت الموازين والمعايير في العالم كله، كارثة تعكر صفو كل عاشق لفيروز والرحبانية، كارثة تمس كل عربي عشق فيروز من خلال كلمات وألحان الرحبانية، ولا أدري لماذا تصر الأقدار والأيام علي ألا تمنحنا شيئًا جميلاً مكتملاً فهل من المعقول بعد كل هذا العمر وحجم تلك التجربة يأتي من يعبث كالأطفال ليس فقط بتراث الرحبانية وذكراهم، بل إنهم يعبثون بنا نحن الذين رسمنا حياتنا طبقًا لأغانيهم وكلماتهم وألحانهم، تعلمنا كيف نفرز الجميل من القبيح علي هيكل تجربة فيروز والرحبانية، فإذا كان أولاد منصور يطالبون بحقوقهم المادية فنحن جميعًا من المشرق إلي المغرب، نحن جميعًا في العالم كله أصحاب حق في هذه التجربة، نحن الذين استمعنا إليهم، استمتعنا بهم، صدقنا ما جاءوا به، وسأروي لكم ذكري صغيرة أحملها بداخلي تتعلق بتأثير فيروز والرحبانية علي، ذات يوم كنت انتظر فيه نتيجة امتحانات ابني الذي التحق بكلية علمية من الكليات الصعبة جدًا وكذلك البيروقراطية جدًا، كانت هذه النتيجة هي الخط الفاصل في حياته، فظللت أصلي وأطلب من الله أن نعبر جميعًا تلك المرحلة التي اعتبرها محنة، كنت أتضرع إلي الله وفجأة تذكرت أغنية غنتها فيروز قديمًا قائلة:
أقول طفلتي إذا الليل برد/ وصمت الربي لا تُحد تعالي نصلي فأتت صغيرة/وأن الصغار صلاتهم لا ترد» مما كان علي ألا أن اتصلت بابن شقيقي «حسين» الطفل الذي لم يجاوز السابعة، طلبت منه أن يصلي لابني وشرحت لوالدته أن فيروز قالت إن صلاة الصغار لا ترد، المهم جاءتنا النتيجة خلال أيام بنجاح مبهر لم نكن نتوقعه.
نعم صدقنا فيروز والرحبانية، علمونا كيف نكره الطغاة، كيف نبغض الظلم، كيف نحكم علي الأشياء، كيف ندرك الحاكم الظالم من الحاكم العادل، علمونا كيف نحب أدركنا معهم أن قصص حبنا ما هي إلا نقاط صغيرة في الدنيا لا يبقي منها إلا الذكري التي قد نعيش بها.
أولاد منصور يعلنون الحرب علي السيدة فيروز.
مازالت الصدمة ماثلة أمامي ومازالت الدهشة تسيطر علي متسائلة كيف يخرج مثل هؤلاء من صلب شاعر وملحن رقيق مثل منصور رحباني، لماذا لم يتمكنوا من إدراك قيمة ما فعله والدهم بنا.. وكيف كان تأثيرهم علينا.
وقد يتصور البعض أن فيروز لم تغن إلا للرحبانية بل علي العكس فقد غنت لشعراء كثيرين أمثال إيليا أبوماضي، وجبران خليل خبران، ونزار قباني، وعنترة بن شداد، والجرير وأبونواس.
نعم لفيروز أغان كثيرة ليست للرحبانية فقد كانت بداياتها مع حليم الرومي مكتشفها وسبب علاقتها بالرحبانية فهو الذي قدمها علي الرغم من تشكيك عاصي في موهبتها.
في البداية، أعود لحليم الرومي فإنه صاحب أول لحن لفيروز وكان بعنوان «يا حبذا يا غروب» ثم قدم لها اللحن الثاني باسم ماروشكا وكان عبارة عن تانجو رقيق ثم جاءت الأغنية التي تعتبر حجر الزاوية في تجربة فيروز وحدها وأغنية «عتاب» وهي من أشهر أغانيها القديمة التي علقت مع الجمهور وقتها كان هذا قبيل عام 1955 حيث تزوجها عاصي وبدأت الرحلة، إلا أنها غنت كذلك من ألحان كثيرين غير الرحبانية الذين لم يكونا يفضلان أن يعرف أحد من الذي يلحن ومن الذي يكتب كانا يفضلان أن يذكر التاريخ الرحبانية كتجربة متكاملة فريدة من نوعها.
غنت فيروز لفيلمون وهبي أغاني مثل «يا كرم العلالي» وفايق ياهوني، «يا طيارة طيري»، وع الطاحونة، وبكرم اللولو «صيف يا صيف»، «يا دارة دوري فينا»، ويا مرسال المراسيل «جايب لي سلام» «من عزالنوم» و«ليليه بترجع ياليل».
هل يدرك عشاق فيروز أن لها الكثير من الأغاني لو غنتها فقط في حفلاتها القادمة ستظل هي القامة الشامخة والعنفوان الذي لا يهزه ريح، والكبرياء الذي تعلمناه منها..
أعود لفيلمون وهبي ومجموعة أخري من الأغاني قدمها لها بعد أن رحل عاصي وتوقف منصور عن التعاون معها غنت «طلع لي علي البكي وورقه الأصفر وأسواره العروس، الباب واسامينا، كانت تلك المجموعة هي آخر ما قدمه لها فيلمون وهبي قبل رحيله عام 1985.
غنت فيروز يا جارة الوادي، وخايف أقول اللي في قلبي للموسيقار محمد عبدالوهاب، هل يعلم عشاق فيروز أن أغنية أعطني الناي من ألحان الموسيقار نجيب حنكش والذي كان ملقبًا بظريف لبنان، غنت الساحرة فيروز «زوروني كل سنة مرة» وطلعت يا محلا نورها لسيد درويش ولا تنسي سعيد عقل الذي يعتبر من أكثر الملحنين الذين لحنوا لها بعد الرحبانية، ثم ألبوم كامل من ألحان زكي نصيف، ثم وبعد رحيل عاصي لحن لها زياد خمسة ألبومات لا قوا نفس نجاح أغاني البدايات، لأن الجمهور في مختلف أنحاء العالم مازال ينتظر أن تفتح فيروز فمها لتغني أي شيء بدليل أنها الوحيدة في التاريخ التي قدمت لحنًا كاملاً لزياد لا تقول فيه شيئًا سوي « ياليل».
فلو عاشت فيروز علي أغانيها لغير الرحبانية لظلت كما هي نفس القيمة ونفس القدر ولن يخسر أحد شيئًا سوي أولاد منصور الذين لا يدركون بماذا يلعنون، فستظل هي فيروز التي لم تغن يومًا لرئيس أو ملك أو حاكم أو إمبراطورية فتذكر أنها في عام 1976 رفضت أن تغني لشاة إيران في القصر الجمهوري في لبنان وفي نفس العام رفضت أن تخضع لطلب إلياس سركيس بالغناء للرؤساء والملوك الذين كانوا يجتمعون في القاهرة في ذلك الوقت، وذلك في أول حفل لها بالقاهرة بحديقة الأندلس، ومواقف عديدة أخري دفعت ثمنها هي بمفردها عندما منعت من الغناء في تونس ولمدة عامين لأنها رفضت أن تغني للحبيب بورقيبه كانت هذه الواقعة عام 1965.
أي أنها ومنذ البداية قررت أن تغني للناس للشعوب للرجل العادي ورفضت أن تغني للقابعين في أبراج عاجية تبعدهم المسافات الطويلة بينهم وبين شعوبهم.
لن تتأثر فيروز وستظل كما هي فيروز الساحرة التي رفضت رفضًا باتًا أن تغادر لبنان وقت الحرب الأهلية في السبعينات، قررت أن تعيش وهي العصفورة المغردة وسط أصوات القاذفات ولون الدم وبقايا الجثث.
ستظل فيروز هي ريما الوحيدة التي لم نسمع لها تصريحًا صحفيا أو لقاء تليفزيونيا أو إذاعيًا، لم يستطع أي صحفي الاقتراب منها، وأذكر أنه وفي الثمانينات حاول الزميل عادل حمودة لقاءها إلا أنه لم يستطع لأنها قررت من البداية ألا تتحدث، وألا يعلم أحد شيئًا عن حياتها الخاصة.
قررت من البداية أن تغني فقط، وأن تهب نفسها صوتها وحياتها لنا نحن.. لذلك فلا تقلقي ستظلين أنت فيروز الرمز، الأسطورة، التمرد، ستظلين أنت الملهم، الضوء الذي ينير لنا ظلمة أيامنا هذه. فلن تستطيع تلك السطور القليلة أو الخبر الذي بدأت به حديثي أن تغير شيئًا من الأمر وذلك لأنك بطلة زماننا لذلك فلا عجب من أن اللبنانيين طالبوا أن يصبح عيد ميلادها عيدًا قوميًا وذلك عندما بلغت السبعين من عمرها، إلا أنه لم ينفذ هذا حتي الآن ربما لأن الكثيرين- من ضمنهم الورثة- لا يدركون قيمة هذا الصرح الشامخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.