خذ نفس عميق يعقبه زفير أعمق وانظر الى السماء الصافية من فوقك لتستنشق نسمة هواء عليلة تطاردها موجة شقية تتمخطر وتتمايل دون لجام ثم أمسك مصحفك بين يديك و أبدأ بالتلاوة و أعلم حينها أنك تجلس على شاطىء "عروس الثغر" فى آخر أيام الشهر المبارك .. هكذا ودع اهالى الإسكندرية شهر رمضان. ومع بدء العد التنازلى من أجل استقبال عيد الفطر ذهب أهل الإسكندرية إلى الشواطىء لتناول الإفطار على " البلاج" وذلك لضيق الوقت خاصة وسط تزاحم الشوارع والمحلات لشراء ملابس العيد ومستلزماته ، لذلك فضل الأهالى البقاء على الشواطى من أجل استكمال شراء احتياجاتهم و كنوع من التهيئة النفسية لاستقبال المصايف حسب طقوسهم الخاصة . فاذا تجولت فى اخر ايام رمضان المدينة تحديداً عقب صلاة العصر حيث تكون حرارة الشمس قد إنخفضت قليلاً ، سوف تشاهد شخص يستكين منفرداً بجانب من الشاطىء أو يجلس فوق صخرة بحر وأخر يمدد فوق إحدى مراكب الصيد وكل منهم بيديه مصحف قرآن يتلو به الآيات ، وعلى الجانب الآخر تلتقى بعض النساء فى مشهد مختلف على شاطىء يقرأن القرآن أو يحضرون مائدة يلتف حولها الأطفال من أجل أن يسرعوا فى تناول الطعام ويذهبون إلى استكمال ملابس العيد سريعا عقب الفطار . ويقول أحمد محمود ، محاسب : " جئت اليوم من أجل شراء ملابس للأولاد ولكن الوقت لم يكفينا فقررنا ان نظل على الشاطىء ونتاول الإفطار هنا و بعده نذهب من أجل استكمال ما نريد ، وتابع : " اعتدت انا و أسرتى الإفطار على الشاطىء لأن إسكندرية فى هذا التوقيت تكون غير مزدحمة وهذا على غير عادتها فى الصيف وليس بالضرورى أن ننزل المياه بالنهار لأن هذا الشهر شهر عبادة ولكن نترك الأطفال يمرحون ويتمتعون و أقرأ أنا وزوجتى القرآن فى جو هادىء طوال النهار ثم نعد المائدة ونفطر ، ونفعل هذا منذ 3 سنوات تقريباً خاصة بعد أن أصبح رمضان يتزامن مع أجازة الأطفال من المدارس" . وتحكى سارة خميس ، طالبة ، كيف تقضى يومها على " الباج" فى رمضان و تقول : " البحر هو حياتنا ونحن كاسكندرانية مرتبطين به إرتباط يصعب على أحد من خارج المدينة فهمه ، نأتى إليه وقت أحزاننا و كأننا نُلقى بهمونا به و نأتى إليه وقت فرحنا كى يشاركنا الفرحة ونقتسمها معه ، ونأتى إليه طوال شهر رمضان من أجل تناول الإفطار فى الهواء و الطبيعة ، حيث نقوم بتنظيم بعض الوجبات مع أحد المطاعم ويقوم بتوصيلها إلى الشاطىء الذى نخبره باسمه ونتجمع مرة أنا و زملائى بالجامعة و مرة أخرى مع العائلة وبعض الأقارب ويمكن أن يحضر كل شخص نوع معين من الطعام فى منزله و يحضره معه بصراحة " اللمة بتبقى أحلى ع البحر " . وأوضح محمد سمارة، صياد : " أنا ومعظم الصيادين هنا نعمل طوال شهر رمضان عادى جداً بل أن الإقبال على شراء الأسماك خلال هذا الشهر يكون أكثر ، وأستيقظ مبكراً فى الصباح من اجل الصيد وبعد الانتهاء من عملنا بنعود للبحر لان الجو ممتع هذه الايام ، وأحياناً أجلس على القارب وأبدأ قراءة القرآن حتى أذان المغرب " . " أول مرة أنزل إسكندرية فى رمضان ،لم أتصور قمة الجمال الذى شاهدته وشعرت به فى الإفطار على الشاطىء" .. هكذا قال عادل سمير ، أحد المصطافين وتابع : " نظراً لارتفاع حرارة الجو فى القاهرة والازدحام الشديد قررت أنزل مع أسرتى لقضاء أسبوع فى إسكندرية و لم أكن أتصور اننى هسو استمتع هكذا و أفضل من باقى السنة مع العلم أنى لاحظت أن الجميع ملتزم بطقوس العبادة والصلاة و لا يوجد أحد ينزل المياه نهاراً، وإن حدث هذا فيكون الزى المُتبع هو إرتداء " مايوه" شرعى وعقب الإنتهاء من الفطار بحب أصلى صلاة التراويح أحيانا على الشاطىء لأنه يتميز بالهدوء " .