لم تكن أزمة "الشبشب" التى أثيرت بين د.هالة يوسف وزيرة الدولة للسكان، ود. عزة العشماوى أمين عام المجلس القومى للطفولة والأمومة، هى الواقعة الأولى التى قدمت بسببها د.عزة العشماوى استقالتها المسببة، وإنما كما نقول هى "القشة التى قصمت ظهر البعير" حيث سبقتها عدة إجراءات اتخذتها وزيرة الدولة للسكان، وتعد الأسباب الحقيقية وراء تقديم العشماوى استقالتها المسببة. فتمثيل د.عزة العشماوى فى المجتمع الدولى كممثلة لمصر عن قضايا الطفولة هو ما يثير حفيظة وزيرة الدولة للسكان، فالعشماوى عضو اللجنة الأفريقية لحقوق ورفاهية الطفل بالاتحاد الأفريقى واستطاعت بعلاقاتها أن تستمر فى تمثيل مصر والاحتفاظ بمقعدها حتى بعد تعليق عضوية مصر عام 2013 وهى أيضا عضو اللجنة الدولية لحقوق الطفل هذا غير أنها من الخبراء المعدودين فى مجال مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية وشاركت فى صياغة القانون 64 لعام 2010 فهذا جعل د. هالة يوسف وزيرة السكان، تتخذ عدة قرارات لتقليص صلاحيات د.عزة العشماوى، وإحاطتها بمجموعة من المستشارين الذين جلبتهم الوزيرة من أماكن عملها السابق مثل طب جامعة القاهرة والأخطر من أتت به من مؤسسة فورد المانحة؛ والتى شغلت فيها الوزيرة نائب الرئيس وهو ما يتنافى مع وجوب حماية الإستيراتيجات الوطنية، وخطط العمل فى وزارة السكان من ضمن دواعى الأمن القومى، ولكن ما شجع وزيرة السكان على اتخاذ هذه الإجراءات هو إصدار المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء لها قرارا مخالفا للدستور (رقم 745لسنة2015) بضم المجلس القومى للطفولة والأمومة لوزارة السكان وهو ما يخالف ما نص عليه الدستور المصرى (المادة 214) والتى نصت على استقلال المجالس القومية، ورفض العاملون بقومى الطفولة قرار مجلس الوزراء، وأقاموا دعوى قضائية أمام مجلس الدولة للمطالبة بإلغاء قراره؛ والتى حددت لها جلسة وتم تأجيلها إلى جلسة 26 من يوليو 2015 لعدم الرد من جانب الدولة، وكان رد فعل الوزيرة هو إقالة مدير الشئون القانونية بقومى الطفولة لرفعه الدعوى باسمه عقابا له، وتم مساومته بإلغاء الدعوى نظير عودته إلى منصبه و هو ما رفضه مدير الشئون القانونية معتبرا أن إقامته الدعوى هو حق أصيل له كمواطن فى الدفع عن ظلم وقع عليه محل عمله. هذا غير تعيينها عدة زملاء للدكتورة عزة العشماوى من المختلفين معها لرئاسة بعض الإدارات بعضهم بمخالفات إدارية فى نظام الترقيات ولكن لم تعبأ الوزيرة بذلك فهدفها هو عرقلة العشماوى عن تحقيق نتائج ملموسة وإثارة المشاكل داخل المجلس، وهو ما أوردت عزة العشماوى جزءا منه فى بنود استقالتها المسببة. هذا غير كشف عزة العشماوى اختفاء سيارة حكومية ماركة بيجو 307موديل عام 2010 من جراج الوزارة حيث رفضت العشماوى فى البداية تسليم أى سيارة بدون طلب رسمى رغم المضايقات والتهديد بشكل غير رسمى أنه سيتم سحب السيارة المرسيدس الخاصة بالأمين العام، ولم تجد وزيرة السكان بدا سوى أن تطلب رسميا إعارتها إلى الوزارة لمدة عام وتم نزع لوحتها الحكومية وتبديلها بأخرى ملاكى وخرجت السيارة من جراج الحكومة ولم تعد! وكذلك وجود عزة كشاهد على خطأ وزيرة السكان مع أحد المحافظين الأكفاء ومحاولة الوزيرة التدخل فى صميم أحد أبرز مشروعات المحافظة ودفعه للتعاون غير المباشر معها بشكل خاص استنادا إلى علاقاتها الدولية وهو ما دفع المحافظ إلى تقديمه شكوى إلى وزير الإدارة المحلية يشكوه ما حدث مستغربا تدخل الوزيرة فيما لا يخصها من أمور التسويق للمشروعات. السؤال الرئيسى فى واقعة د.عزة العشماوى وغيرها من تصرفات وزلات الوزراء فى حكومة محلب وإثباتهم عدم النضج السياسى وحداثة عهدهم بمواقع المسئولية التنفيذية ماذا فعل الرئيس السيسى بعد أن وصلت له صورة رسمية من الاستقالة المسببة؟ فكيف سيرد للدكتورة عزة العشماوى حقها وكرامتها بعد جهدها الواضح فى دعم قضايا الطفولة وتغيير سمعة المجلس كما سبق أنه مجلس الهانم، فالشكوى لم يحقق فيها بشكل رسمى طبقا لقانون الأحوال المدنية وتم قبول الاستقالة دون تحقيق وإبلاغ العشماوى بنتائج التحقيق ولم ترد جهة عليها من التى أرسلت إليها د.عزة صورة من الاستقالة وهم رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء وهيئة الرقابة الإدارية، وهل مجرد تغيير وزيرة الدولة للسكان فى التعديل الوزارى المرتقب سيكون كافيا دون محاسبة؟.