بعض الوقائع الخاصة بالحكومة والوزراء تصيبك بالذهول، خاصة ونحن نتحدث عن حكومة جاءت بعد ثورتين عظيمتين ويعلق عليها الشعب آمالا كثيرة، والبعض الآخر من الوقائع يشعرك بالفخر وبأننا نسير فى الطريق الصحيح، ونتساءل لماذا لا يتم التخلص من الوزراء الذين ينتمون للنوع الأول، لتصحيح المسيرة والتصدى لكل التحديات الخطيرة التى نواجهها. ولعل أزمة «الشبشب» بين الدكتورة هالة يوسف وزيرة الدولة للسكان والدكتورة عزة العشماوى أمين عام المجلس القومى للطفولة والأمومة ، التى انتهت بتقديم الثانية استقالة مسببة من منصبها ، أحدث مثال على ذلك. وطبقا لما جاء فى نص هذه الاستقالة المقدمة للوزيرة: (استمرارا لسياسة التوبيخ والتلفظ بألفاظ غير مقبولة وغير ملائمة فى حق موظف عام، مابدر من سيادتكم أمس 15- 6- 2015 داخل السيارة أثناء الذهاب إلى مأوى أطفال الشوارع التابع للمجلس، وفى أثناء مناقشة قانونية اللافتات التى طلبتم تحمل المجلس لها من مشروع حقوق الأسرة والطفل، والتى ذكرت أنها غير مطابقة لقانون المناقصات والمزايدات، وأن ذلك سيؤدى إلى تعطيل العمل لطلب سيادتكم أن تكون ضوئية، ذكرت تحديدا أن من لن ينفذ حنزل له «الشبشب» وهو ما أتحفظ عليه وبشدة وأعتبره إهانة شخصية صغارا كانوا أو كبارا قبل أن يكون إهانة للأمين العام، وهو مايتنافى مع الدستور، ومدونة السلوك الوظيفى للعاملين بالجهاز الإداري). وهناك وقائع أخرى غريبة كثيرة جاءت فى هذه الاستقالة المسببة التى تم قبولها دون تحقيق بالمخالفة للقانون. والأكثر غرابة تفاصيل مايحدث بين وزارة السكان والمجلس القومى للطفولة والأمومة، والذى نشرت عنه الزميلة الأستاذة هبة محمد باشا تقريرا خطيرا على بوابة الأهرام يوم السبت الماضي، قالت فيه إن أزمة «الشبشب» لم تكن هى الواقعة الأولى التى قدمت بسببها العشماوى استقالتها المسببة، وإنما هى «القشة التى قصمت ظهر البعير» حيث سبقتها عدة إجراءات اتخذتها وزيرة الدولة للسكان تمثل الأسباب الحقيقية وراء تقديم العشماوى استقالتها المسببة. تمثيل عزة العشماوى فى المجتمع الدولى كممثلة لمصر عن قضايا الطفولة هو ما يثير حفيظة وزيرة الدولة للسكان، فالعشماوى عضوة اللجنة الإفريقية لحقوق ورفاهية الطفل بالاتحاد الإفريقى واستطاعت بعلاقاتها أن تستمر فى تمثيل مصر والاحتفاظ بمقعدها حتى بعد تعليق عضوية مصر عام 2013، وهى أيضًا عضو اللجنة الدولية لحقوق الطفل هذا غير أنها من الخبراء المعدودين فى مجال مكافحة الاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، وشاركت فى صياغة القانون 64 لعام 2010. ويبدو أن تعدد مناصب العشماوى دفع هالة يوسف وزيرة السكان لاتخاذ عدة قرارات لتقليص صلاحيات الدكتورة عزة، وإحاطتها بمجموعة من المستشارين الذين جلبتهم الوزيرة من أماكن عملها السابق مثل كلية الطب جامعة القاهرة، ومن مؤسسة فورد المانحة التى شغلت فيها الوزيرة منصب المدير التنفيذي، وهو ما يتنافى مع وجوب حماية الاستراتيجيات الوطنية وخطط العمل فى وزارة السكان من مزدوجى الولاء بسبب ارتباطاتهم بجهات أجنبية. وما شجع وزيرة السكان على اتخاذ هذه الإجراءات هو إصدار المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء القرار (رقم 745 لسنة 2015) بالمخالفة للدستور بضم المجلس القومى للطفولة والأمومة لوزارة السكان وهو ما يخالف الدستور المصرى (المادة 214) التى نصت على استقلال المجالس القومية، ورفض العاملون «بقومى الطفولة» قرار مجلس الوزراء وأقاموا دعوى قضائية أمام مجلس الدولة للمطالبة بإلغاء قرار محلب وحددت لها جلسة وتم تأجيلها إلى جلسة 26 من يوليو 2015 لعدم الرد من جانب الدولة. كان رد فعل الوزيرة هو إقالة مدير الشئون القانونية «بقومى الطفولة» لرفعه الدعوى باسمه عقابًا له، وتمت مساومته بإلغاء الدعوى نظير عودته إلى منصبه وهو ما رفضه مدير الشئون القانونية معتبرًا أن إقامته الدعوى هو حق أصيل له كمواطن فى دفع ظلم وقع عليه محل عمله. كما كشفت عزة العشماوى اختفاء سيارة حكومية ماركة بيجو 307 موديل عام 2010 من جراج الوزارة، حيث رفضت العشماوى فى البداية تسليم أى سيارة دون طلب رسمى رغم المضايقات والتهديد بشكل غير رسمى أنه سيتم سحب السيارة المرسيدس الخاصة بالأمين العام، ولم تجد وزيرة السكان بدًا سوى أن تطلب رسميًا إعارتها إلى الوزارة لمدة عام وتم نزع لوحتها الحكومية وتبديلها بأخرى ملاكى وخرجت السيارة من جراج الحكومة ولم تعد! (ملحوظة: السيارة عادت للظهور فجأة فى جراج المجلس بمجرد نشر هذا التقرير). أما الواقعة التى تدعو للأمل بالفعل، فتتعلق بالطفرة الضخمة التى حدثت فى قطاع الكهرباء فى الفترة الأخيرة، وشعرنا بها جميعا، وما ذكره الدكتورمحمد شاكر المرقبى وزير الكهرباء والطاقة فى اجتماعه مع الرئيس عبدالفتاح السيسى أمس الأول من أن معدل إنتاج يوم السبت من الطاقة بلغ أعلى معدل فى تاريخ الوزارة، بالرغم من عدم الانتهاء من كل محطات الطاقة الخاصة بالخطة العاجلة. وما بين أزمة «شبشب» الوزيرة ، والطفرة فى إنتاج الكهرباء ، وقائع أخرى كثيرة توضح أن مشكلتنا الأساسية هى العثور على المسئول الكفء، وضرورة التخلص وبسرعة من المسئولين المعوقين، واللهم إنى صائم.
كلمات: يعز على حين أدير عينى أفتش فى مكانك لا أراكا بهاء الدين زهير لمزيد من مقالات فتحي محمود